تعتبر الجَنَّةُ هي المكان الذي أعده الله لعباده الصالحين بعد الموت وهي من الأمور الغيبية أي أن وسيلة العلم بها هي القرآن والسنة النبوية فقط، والإيمان بالجنة ووجودها هو جزء من الإيمان باليوم الآخر و هو الركن الخامس من أركان الإيمان.
ويؤمن المسلمون بأنها أعدت للمؤمنين الموحدين الذينَ أخلصوا عبادتهم لله عز وجل ذوي الأعمال الصالحة، وأنه من كان موحد ذو أعمال فاسدة فإنه تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه بقدر ذنبه
ما حكم دخول الحاسدين الجنة؟
قال الشيخ عبدالله العجمي أمين الفتوي بدار الإفتاء أن الحسد ذنب والذنب هو معصيه يرتكبها العبد في حق نفسه أو في حق الله عز وجل فالحسد عبارة عن سموم في القلب تخرج من خلال الكلام مفادها أن الحاسد متسخط علي قضاء الله وعلي العبد المسارعة بالتوبه والرجوع إلي الله من هذا الذنب
وأضاف أن الشرع جاء بالوعيد الشديد لهذا الداء فقال "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" وقال صلى الله عليه وسلم لا "تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابرو وكونوا عباد الله إخوانا.
وأفاد أن العبد الحاسد عليه أن يتوب الي إلي الله ويرضي بما قسم الله له حتي لا يكون من الذين قال الله عنهم "أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" لأن الحسد يؤدي إلي البغي والظلم.
والحسد داء ممقوت وعلي كل مسلم أن يقي نفسه حيث أنزل الله عز وجل علي نبيه"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ.
حكم الحاسد وعاقبته
وقال الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هذا الباب يدخل في باب الوساوس فيتعب الإنسان ويقلق على نفسه ومن يحيط به، وعليه أن يغادر تلك الوساوس وأن يتيقن بأن ما يقع فيه من مكروه أو زوال لنعمة فهو ابتلاء من الله.
ولفت عثمان إلى أن الحاسد ليس راضياً بقضاء الله وتلك أول مصيبة يقع فيها فينقم على تقسيم الأرزاق ولا يرضى بما قسمه الله، مشدداً على ضرورة ترديد قول:" بسم الله.. ما شاء الله.. لا قوة إلا بالله"، وتلك الكلمات تحصن من الحسد فلو حدث بعدها مكروه أو أذى فأنت قد تحصنت برب العالمين.
هل الحسد يضر؟
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الحسد يضر الحاسد في دينه ودنياه أكثر مما يضر المحسود، فيضره في دينه؛ لأنَّه يجعل الحاسد ساخطًا على قضاء الله كارهًا لنعمته التي قَسَّمَهَا بين عباده، ويضره في دنياه؛ لأنه يجعل الحاسد يتألم بحسده ويتعذب ولا يزال في غم وهم، فيهلك دينه ودنياه من غير فائدة. أما المحسود فلا يقع عليه ضرر في دينه ودنياه؛ لأنَّ النعمة لا تزول عنه بالحسد، بل ما قَدَّره الله تعالى عليه لا حيلة في دفعه، فكل شيء عنده بمقدار.
وأضاف مفتي الجمهورية، بأنه ينبغي على الحاسد أن يجاهد نفسه ألَّا يحسد أحدًا، وإذا رأى ما يعجبه عند غيره أن يدعو له بالبركة، فقد روى ابن ماجه في "سننه" عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ. فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: أَدْرِكْ سَهْلًا صَرِيعًا، قَالَ «مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ؟» قَالُوا: عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ، قَالَ: «عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ».
وأفاد أنه لا مانع شرعًا من تمني حصول مثل النعمة التي عند الغير، وهي ما يُعْرَف بـ «الغِبْطَة» أو المنافسة في الخيرات، يقول الفضيل بن عياض: «الغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق، والمؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط».
علاج الحسد
ونصح مفتي الجمهورية، بأن من ظَنَّ في نفسه وقوع الحسد من الغير عليه؛ فينبغي عليه أولًا: إن كان يشتكي من مرض ظاهر أن يَطْرَق باب التداوي طِبًّا؛ وهو -أي: التداوي من الأمراض- من الأمور المشروعة، وقد حثَّ الشرع عليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً؛ فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» رواه أبو دواد، والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "الكبرى".
وأكمل: وعليه بعد ذلك أن يراعي عدة أمور؛ أولًا: أن يُحَصِّن نفسه بالرقية، ثانيًا: الدعاء أن يصرف عنه السوء والعين والحسد؛ فالدُّعاء من أفضل العبادات؛ فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «الدُّعَاءُ هو العبادة»، ثم قرأ: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» [غافر: 60]. أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
واستدل بقول الله تعالى في شأن القرآن: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» [الإسراء: 82]، وقد أجاز الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الرقية بأم القرآن، فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنَّ ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك، إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلًا، فجعلوا لهم قطيعًا من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسألوه، فضحك وقال: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ».
وواصل: وصَحَّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ» أخرجه البخاري، ويقول أيضًا: «أعوذ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» أخرجه البخاري، وفي حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي لما شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجعًا يجده في جسمه منذ أسلم، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ، ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» رواه مسلم. وغير ذلك من نصوص الرقية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسل