تعمل الدولة على تنويع مصادر جذب العملة الأجنبية، بجانب خفض معدلات التضخم، وذلك عبر سياسة التشديد النقدي المتمثلة في رفع أسعار الفائدة، وتوفير قروض لـ المصريين المغتربين بالخارج، وطرح شهادات ادخار، باعتبارها أحد أهم الأوعية الادخارية التي يبحث عنها المواطنون لاستثمار أموالهم، والحفاظ على قيمتها في ظل ما يعانيه الاقتصاد العالمي من مشكلات كبيرة أثرت على جميع الدول بشكل متفاوت.
المصريين المغتربين بالخارج
وفي هذا الإطار، أطلق عدد من البنوك المصرية قروض للمصريين بالخارج، تسعى من خلالها إلى إعادة اجتذاب تدفقات بالعملة الأجنبية إلى خزائنها، فضلاً عن علاج مشكلة نسب التوظيف، عبر زيادة عمليات الإقراض. وجاءت جميع برامج القروض المخصصة للمصريين في الخارج محملة بشرط سداد الأقساط بالعملات الأجنبية "وفقاً لسعر الدولار الرسمي".
وتأتي هذه المنتجات البنكية في إطار سعي البنك المركزي للحفاظ على معدلات السيولة الأجنبية بالقطاع المصرفي وإعادة جذب تحويلات المصريين في الخارج والتي تراجعت إلى حد كبير، وأبرز تلك القروض كانت كالتالي:
• يتيح بنك مصر قرضاً للمصريين في الخارج بحد أدنى 50 ألف جنيه وحتى 3 ملايين جنيه، وبفترة سداد تصل 4 سنوات.
• يشترط البنك أن يحصل العميل على مرتب شهري بحد أدنى 5 آلاف دولار أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية أو العربية الأخرى وفقا لتوقيت إصدار الموافقة الائتمانية.
• تصل الفائدة على القرض حال تحويل الراتب 17% ثابتة، مع ضرورة أن يمر على إقامة العميل في الخارج نحو عامين، ويكون في نفس جهة العمل لمدة عام.
• يقدم البنك الأهلي المصري القرض الشخصي للمصريين في الخارج بحد أقصى 3 ملايين جنيه وبفترة سداد تمتد لـ 4 سنوات.
• تصل الفائدة على القرض 15% ثابتة و27% متناقصة
• بشرط تحويل الراتب وإثبات جهة العمل بخطاب مصدق عليه من السفارة المصرية بالخارج
• بينما يتيح البنك التجاري الدولي "CIB" قرضا شخصيا نقديا للمصريين العاملين بالخارج بحد ائتماني حتى 3 ملايين جنيه.
• تصل فترة سداد التمويل إلى 8 سنوات، ولا يشترط البنك تحويل الراتب
• على ألا يتجاوز القسط الشهري للقرض 50% من الراتب الشهري للعميل، وتتراوح الفائدة على القرض بين 20.75% و22.25%.
وتشترط جميع البنوك التي تتيح القرض الشخصي للمصريين في الخارج الحصول على قيمة القسط الشهري بالدولار أو ما يعادل قيمته وقت تحويل القسط بالعملات الأخرى، في محاولة للحفاظ على معدلات السيولة الأجنبية لفترات طويلة تتراوح بين 4 و8 أعوام وهي فترة آجال التمويل.
وأغلب الطلبات التي تلقتها البنوك من المصريين في الدول العربية عبر الفروع ومكاتب التمثيل التابعة، ويتم تنفيذ كافة الإجراءات وتوقيع العميل في الفروع الخارجية بعد توثيق الأوراق المطلوبة من السفارة المصرية في الخارج.
وتحويل أقساط هذه القروض على البنوك بالعملة الأجنبية سيساهم في عودة التدفقات الأجنبية واستقرار معدلات السيولة بالعملات الأجنبية، موضحا أن تأثير منتجات قروض المصريين بالخارج سواء النقدية أو للتمويل العقاري أو مبادرة استيراد السيارات سيكون أكثر وضوحا في النصف الثاني من 2024.
ويذكر أن آجال شهادات الادخار ذات العائد المرتفع البالغ 25%، والتي أصدرتها البنوك العامة "الأهلي المصري"، و"مصر"، و"القاهره" تستحق في يناير المقبل، وهو ما يفرض عليها التزامات تجاه المودعين بما يتجاوز 500 مليار جنيه كأصل دين وفوائد مستحقة عليها.
وجمعت بنوك الأهلي ومصر حصيلة مدخرات بقيمة 460 مليار جنيه نظير الاكتتاب في شهادات الادخار ذات العائد 22.5% للفائدة الشهرية و25% للفائدة السنوية، والتي تم إصدارها خلال شهر يناير الماضي. ولم يعلن بنك القاهرة عن حصيلة اكتتاباته بعد أن أصدر نفس الشهادة لمدة أسبوعين فقط.
وتوقع اقتصاديون أن يرفع البنك المركزي المصري الفائدة على الإيداع والإقراض بمعدلات ملحوظة خلال يناير المقبل، خاصة بعد توقعات ترحيل إجراء تحريك سعر الصرف عقب الانتخابات الرئاسية، وفي حالة تزامن قرار تحريك سعر الصرف المتوقع مع انتهاء آجال شهادات 25%، من المتوقع حينها أن تطرح البنوك العامة شهادات ادخار مرتفعة العائد لامتصاص السيولة من الشهادات المستحقة.
تنوع طرق جذب العملة
ومع ارتفاع أسعار الفائدة بالبنك المركزي ستصعد معدلات العائد على أذون وسندات الخزانة والتي من المحتمل اقترابها من معدل 30% حال زيادة الفائدة، وتعد استعادة الثقة في العملة المحلية هو الأكثر أهمية من رفع أسعار الفائدة لمعدلات كبيرة.
وجاء إصدار الشهادات مرتفعة العائد يناير الماضي، في إطار مواجهة المضاربات العنيفة التي كانت تحدث في سوق الصرف وتسببت في ارتفاع أسعار صرف الدولار في السوق الموازي إلى مستوى 38 جنيهاً خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر 2022، ويعتمد البنك المركزي المصري على آلية رفع الفائدة لكبح معدلات التضخم المتفاقمة من خلال امتصاص معدلات السيولة في السوق والسيطرة على القوى الشرائية.
ورفع البنك المركزي الفائدة بنحو 3% منذ بداية العام الحالي لتصل أسعار العائد على الإيداع والإقراض 19.25% و20.25% على الترتيب، وأشارت بحوث شركة "نعيم" القابضة إلى تسجيل فائض السيولة الذي ينعكس من خلال عطاء ودائع عمليات السوق المفتوح ذات العائد الثابت للبنك المركزي المصري (الأداة الرئيسية لسحب السيولة أسبوعياً بأجل سبعة أيام) قيمة 152.2 مليار جنيه في نوفمبر 2023، بتراجع 26.2% سنوياً و17.8% شهرياً.
وأجري البنك المركزي عمليات سحب للسيولة من البنوك خلال آخر اثني عشر شهراً بإجمالي سحب 502 مليار جنيه من خلال الودائع المرتبطة بسعر الكريدور، بالإضافة إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس.
وتابعت "نعيم" أنه مع ذلك، أدى نشاط البنك المركزي من خلال تسهيل الودائع المرتبطة بسعر الكريدور خلال شهر نوفمبر إلى ضح سيولة بقيمة 26.6 مليار جنيه، وبلغ الاحتياطي الإلزامي للبنوك لدى البنك المركزي 717.1 مليار جنيه في نهاية 28 نوفمبر 2023، بزيادة شهرياً بمقدار 88 مليار جنيه، مقابل 629.2 مليار جنيه في 31 أكتوبر 2023 وفقا للتقرير البحثي.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، إن الدولة عملت جاهدة خلال الفترة الآخيرة على تنويع مصادر جذب العملة سواء من خلال القروض للمصريين للخارج أو طرح شهادات ادخارية خاصة الدولارية منها هو أفضل القرارات التي اتخذت خلال الفترة الأخيرة بالبنوك، حيث تضمن لمدة أجيال مختلفة، سواء كانت 3 أو 5 سنوات، حيث إن تلك الأموال تساعد على توفير العملة الأجنبية وتنعكس على سعر الجنيه المصري بشكل أكبر، وتقلل من زيادة حجم الضغط الأجنبي.
وأضاف الإدريسي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الشهادات الادخارية ومنها الدولارية تساعد على البعد عن الأموال الساخنة والاستثمار في السندات، التي من الممكن أن يتم بيعها بشكل مفاجئ، مثلما حدث مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية، وخروج أكثر من 22 مليار دولار في 3 أشهر.
وأشار إلى أن تلك الشهادات تساعد على توفير عملة أجنبية، تساعد المواطن على مواجهة موجة التضخم التي تواجه العالم، وسوف تلاقي تلك الشهادة قبولا لدى العديد من المصريين في الخارج على وجه التحديد.