دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية حماس يومها الـ 60، حيث تواصل قوات الاحتلال هجومها وقصفها على أنحاء متفرقة من قطاع غزة ، ما أدى إلى ارتفاع حصيلة الشهداء والمصابين، في الوقت الذي تواصل فيه المقاومة الإسلامية حماس الرد على استهداف المدنيين وتخوض اشتباكات ضارية في عدة محاور.
بدء عملية برية جنوب غزة
وتتزايد المخاوف من إطالة أمد الحرب نتيجة بدء إسرائيل عمليتها البرية جنوبي القطاع رغم الدعوات إلى التهدئة والعودة للمفاوضات وتحييد المدنيين.
ووفقا لتحليل صحيفة نيويورك تايمز لصور الأقمار الصناعية بدأ الجيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما لجنوب غزة وهو دليل على عملية طال انتظارها بالنسبة لإسرائيل، يمكن أن تقرر مصير حربها مع حماس وتسبب المزيد من المخاطر للمدنيين الفلسطينيين.
وتقدمت القوات الإسرائيلية الآن إلى الجزء الأخير من القطاع الذي كان تحت سيطرة حماس الكاملة، بعد الاستيلاء على أجزاء كبيرة من شمال غزة منذ أواخر أكتوبر، وتحركهم هذا يمهد الطريق لما يرجح أن تكون المعركة الحاسمة في الحرب المتمثلة في المواجهة في خانيونس، أكبر مدينة في الجنوب، حيث يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن القيادة العسكرية والسياسية لحماس بحثت عن مأوى هناك منذ فرارها من الشمال.
وقدمت حماس خسائر عسكرية وبشرية فادحة وضربات متلاحقة لجيش الاحتلال منذ بدء عمليات التوغل البري، الأمر الذي تسبب في جنون إسرائيلي مما دفع إسرائيل الي طرح سيناريوهات كثيرة من الفترة للأخرى للتخلص من المقاومة، وترى إسرائيل أن حركة المقاومة الفلسطينية حماس تمثل تهديدا حقيقا للإسرائيليين.
وترى إسرائيل احتمال إعادة سيناريو ما جرى في "بيروت 1982"، يقضي بخروج قادة حركة حماس من القطاع إلى دولة أخرى، كما تم ترحيل قادة منظمة التحرير الفلسطينية في الماضي إلى تونس.
ولا تزال الأنفاق التي بنتها حركة حماس على مدى سنوات، العقدة الأصعب أمام الجيش الإسرائيلي، وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل تدرس خطة لإغراق الأنفاق في قطاع غزة بمياه البحر المتوسط، في محاولة لدفع مقاتلي حركة حماس للخروج منها.
ومن من جانب آخر، أعادت إسرائيل إلى الأذهان، في ظل الحرب على غزة، قصة حملة اغتيالات قامت بها قبل 50 عاما، إثر هجوم “ميونخ” في دورة الألعاب الأولمبية بالمدينة الألمانية عام 1972، مهددة بتكرارها بشكل جديد.
وظهر الأمر بعدما نشرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان" تسجيلا صوتيا لرئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، رونين بار، يقول فيه إن المجلس الوزاري المصغر حدد أهدافا للمخابرات وهي القضاء على حماس ونحن مصممون على ذلك إنها ميونخ الخاصة بنا.
ويشير بار إلى سلسلة الاغتيالات التي أطلقتها إسرائيل ضد ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية حينها بعد الهجوم الذي نفذته منظمة "أيلول الأسود" في دورة الألعاب الأولمبية في سبتمبر عام 1972، وقتل فيه 11 رياضيا.
وجاءت تلك الاغتيالات التي سميت باسم غضب الرب، بناء على توجيهات من رئيسة الوزراء حينها، غولدا مائير.
لكن الفلسطينيين ردوا بعمليات انتقامية استهدفت ضابطا في جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية الموساد في أوروبا، وأطلق حينها على العمليات والعمليات المضادة اسم حرب الأشباح.
وأضاف بار: في كل مكان، في غزة أو الضفة الغربية أو لبنان أو تركيا أو قطر وفي كل مكان (سيلاحق قادة حماس)".
واعتبر أن الأمر سيستغرق عدة سنوات، لكننا سنكون هناك لكي نكون جاهزين لفعل الأمر.
واعترف بأن الشاباك فشل في مهمته قبل هجوم 7 أكتوبر، لكنه بات يتحسن ويتعلم من الدروس والفشل وقد وضع ذلك موضع التنفيذ.
وذكر أن التهديدات التي تواجه إسرائيل في السنوات الأخيرة غير مسبوقة لكن كثيرا منها غير معروفة للجمهور الإسرائيلي.
سياسة الاغتيال في إسرائيل
ومثلت الاغتيالات التي تلت عملية ميونيخ عام 1972 نقطة البداية في ظهورها كسياسة إسرائيلية عامة وليس مجرد عمليات منفردة كما في الوقت الذي سبق ذلك التاريخ.
ويبدو أن الأمر يواجه عقبات، وأولى هذه العقبات تجسدت في تصريح أوردته وكالة "رويترز"، مساء الاثنين، برد فعل إحدى الدول المضيفة لهؤلاء.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في المخابرات التركية قوله: تركيا تحذر من عواقب وخيمة إذا حاولت إسرائيل ملاحقة مسؤولين في حماس.
وهذا يعني أن أي محاولة إسرائيلية لاغتيال قادة حماس في الخارج، قد يخلق مشكلة مع الدول المضيفة لهم، خاصة أن بعضها يمتلك علاقات كبيرة مع إسرائيل مثل تركيا.
والعقبة الثانية هي أن قادة حماس ينتشرون في دول كثيرة وليسوا في دولة واحدة، فبعضهم في تركيا والبعض الآخر في قطر وفريق ثالث في لبنان، وثمة تقارير عن وجود بعضهم في دول بعيدة في الشرق الأقصى مثل ماليزيا.
أما العقبة الثالثة فهي أن قادة حماس يتخذون إجراءات أمنية مشددة، وليس من السهل اغتيالهم كما حدث في "حرب الاشباح" التي طالت في غالبيتها ممثلين دبلوماسيين يملكون عناوين معروفة للعامة، مما يعني أن المهمة ستكون صعبة.
وتتمثل العقبة الرابعة في أن حماس لم تنفذ أي عملية خارج إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وقد يدفعها وقوع الاغتيالات ضد عناصرها إلى تنفيذ عمليات في الخارج، مما يضع المصالح الإسرائيلية هناك أمام خطر جديد.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور ماهر صافي، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن إسرائيل ستفعل كل شيء من اجل القضاء على قيادة وحكم حماس نهائياً.
وأوضح صافي ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إن إسرائيل لا يهمها المحتجزين الموجودين مع المقاومة هي الآن تركز على القضاء على حماس بعد ما حدث في 7 اكتوبر من معركة طوفان الأقصى التي غيرت وأربكت اسرائيل وهزت صورة الجيش الاسرائيل في العالم.
وتابع: إسرائيل تخطط بكافة الطرق للقضاء ع حكم حماس نهائياً وهي تخطط ايضاً وأعلنتها بشكل واضح سنستهدف قادة حماس في أي منطقة في العالم.
وواصل: إسرائيل تصعد الآن في الإجراءات والقصف والقتل المستمر للمدنيين وتحاول ايضاً اغراق الأنفاق في غزة للقضاء ع المقاومة ولا يهمها أسراها.
وأكد أن إسرائيل تحاول تهجير أهل غزة إلى الحدود مع رفح ومعبر رفح من اجل الضغط على مصر وموقف القاهرة واضح لا مساس في الأرض الفلسطينية وأرض سيناء للمصريين وأرض غزة لأهلها.
وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت الاثنين ارتفاع حصيلة القتلى إلى 15899 قتيلا، 70% منهم نساء وأطفال، جراء القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر.
ووسعت القوات الإسرائيلية عملياتها الحربية عقب إنتهاء هدنة الـ 7 أيام لتشمل وسط وجنوب القطاع كما شماله، وكثفت غاراتها مستهدفة عشرات تجمعات النزوح لأهالي القطاع ما أدى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا.