لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين؟، لعله أحد الأسرار الخفية والمخيفة لارتباطها بالموت وأهل القبور ، والتي تكثر فيها الروايات والقصص المنتشرة بين الناس، ولعل الاستفهام عن لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين؟ يكشف أحد أسرارها ، ولأن ليس هناك بيت إلا وذاق قدرًا من فراق الأحبة ، وعاش الفقدان ، فالموت زائر حتمي للجميع ، لذا ينبغي الوقوف على حقيقة لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين ؟، وكشف هذا السر.
[[system-code:ad:autoads]]
لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين
قال الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن خروج ملابس المتوفي قبل الأربعين ليس شرعاً ولا سنة، كما أنه لا أصل له شرعاً.
وأوضح “ شلبي” في إجابته عن سؤال: ( لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين؟)، أن الأصل فيه انتقال ملابس المتوفى للورثة لأنها من متعلقات المتوفى وكافة المتعلقات تخرج للورثة كإرث.
وأشار إلى أنهم إذا أرادوا أن يجعلوها صدقة فهذا جائز، وإن أخذها أحدهم بالتراضي جاز له ذلك، وعن مسألة
وورد عن مسألة لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين ؟، أن هذا القول غير صحيح فلا يجوز حرق ملابس الميت أو الميتة ، حيث إن ملابسه ومستلزماته تدخل في جملة تركته ويستحقها ورثته ولهم استعمالها أو بيعها ولكن لا يجب الحرق.
حكم التصدق بملابس المتوفي
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ملابس الميت ومستلزماته تدخل في جملة تركته ، ويستحقها ورثته، ولهم استعمال ملابس المتوفى وأغراضه أو بيعها ، ولا يجب على الورثة التصدق بملابس الميت وأغراضه ومتعلقاته الشخصية ، لكن إن اختاروا التصدق بملابس الميت وأغراضه الشخصية ابتغاء الأجر، فهذا لهم بشرط أن يكونوا بالغين راشدين، وأما الصغير فليس لأحد أن يتصدق بنصيبه من هذه الأشياء أو غيرها .
ووجاء أنه إذا مات الميت فجميع ما يملكه ملك للورثة من ثياب وفرش وكتب وأدوات كتابة وماصة ( منضدة ) وكرسي كل شيء حتى شماغه وغترته التي عليه ، تنتقل إلى الورثة، وإذا انتقلت إلى الورثة فهم يتصرفون فيها كما يتصرفون بأموالهم ، فلو قالوا - أي الورثة - وهم مرشدون : ثياب الميت لواحد منهم ، ولبسها ، فلا بأس ، ولو اتفقوا على أن يتصدقوا بها فلا بأس ، ولو اتفقوا على أن يبيعوها فلا بأس ، هي ملكهم يتصرفون فيها تصرف الملاك في أملاكهم .
ويجوز الانتفاع بملابس الميت لمن يلبسها من أسرته ، أو أن تعطى لمن يلبسها من المحتاجين ولا تهدر ، وعلى كل حال هي من التركة إذا كانت ذات قيمة فإنها تصبح من التركة تلحق بتركته وتكون للورثة، و الاحتفاظ بملابس الميت ومتعلقاته الشخصية للذكرى لا يجوز ولا ينبغي ، وقد يحرم إذا كان القصد منها التبرك بهذه الثياب ، وما أشبه ذلك ، ثم أيضًا هذا إهدار للمال ، لأن المال ينتفع به ، ولا يجعل محبوسًا لا ينتفع به .
حكم الاحتفاظ بملابس المتوفي
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يحق لأي شخص أن يحرم أحد الورثة من حقه في تركة المتوفى، حتى ولو كان المتوفى ذاته، منوهًا إلى أنه حتى الوصية لا تجوز إلا في الثلث.
وأوضح "وسام" عن حكم الاحتفاظ بملابس الميت ، أن ملابس المتوفى وأغراضه ومتعلقاته الشخصية تصبح ميراثًا حال موته، حيث إن ملابس الميت هي أشياء ومتعلقات خاصة كان يملكها في حياته، لذا بمجرد وفاته أصبحت ميراثًا، ويكون للورثة حق التصرف في هذه الثياب، وبناء عليه، فإن ملابس المتوفى ومتعلقاته الشخصية تدخل ضمن تركة المتوفى، وتوزع على مستحقي الميراث، إلا أن يعفوا، لذا فإن الاحتفاظ بملابس الميت وأغراضه ومتعلقاته الشخصية دون علم أو إذن الورثة غير جائز.
حقوق في تركة المتوفى
قال الشيخ أحمد أبو ضيف، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن التركة هي اسم لكل ما يتركه الميت من أموال وحقوق، مشيرًا إلى أن توزيع التركة على الورثة يعد آخر الحقوق المتعلقة بها.
وأوضح «أبو ضيف» ، أن بقية الحقوق فهي على الترتيب، أولها تجهيز الميت من التغسيل والتكفين والدفن ونحو ذلك دون إسراف أو تقطير ، أي دون مباهاة ومبالغ في نفقات التجهيز والدفن، ولا تقطير وبخل عليه بأمور ضرورية في تجهيزه ودفنه بطريقة لائقة، منوهًا بأن هذا الحق يعد أهم الحقوق المتعلقة بالتركة.
وتابع: لذا يُقدم على غيره من الحقوق، بمعنى أنه لا يتم توزيع التركة إلا بعد الانتهاء من تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ثم دفنه ، وإذا لم يكن له مدفن فينبغي شراء مدفن له من ماله، وثانيها قضاء ديون الميت، وثالثها الحقوق المتعلقة بتركة الميت قبل توزيعها ، هو تنفيذ وصية المتوفى.
حكم أربعين الميت
قالت دار الإفتاء إن إحياء ذكرى الأربعين للميت: إن كان ذلك مقتصرًا على إطعام الطعام وقراءة القرآن وهبة ثواب ذلك إلى الميت فلا حرج في ذلك.
وتابعت " الإفتاء " : أما إن كانت الذكرى تُقام على هيئة مأتم لا يختلف عن مأتم يوم الوفاة بحيث يُعلَن عنه في الصحف وتقام له السرادقات ويتوالى المعزون فيشكر منهم من حضر ويلام من تخلف ولم يعتذر، وتقيم النساء بجانب ذلك مأتمًا آخر في ضحوة النهار للنحيب والبكاء وتجديد الأسى والعزاء، فهذا كله مما يُكره شرعًا؛ لما فيه من إعادة الأحزان وتكليف أهل الميت ما لا يطيقون.
وذهب جمهور الفقهاء أن مدة التعزية ثلاثة أيام، وأن التعزية بعدها مكروهة واستدلوا لذلك بإذن الشارع في الإحداد في الثلاث فقط في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أخرجه البخاري من حديث أم حبيبة رضي الله عنها.
وأفاد الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الشرع الحنيف لم يندب أو يستحسن تجديد الأحزان على الأموات، والشرع يريدنا أن نعرف أن الموت هو انتقال من حالة إلى حالة .
وأجاب " ممدوح" ردا على حكم عمل خميس أو أربعين للميت؟، أن الشرع لم يحجر علينا فى إظهار مشاعر الألم، لكن باعتدال دون فعل ما يغضب الله، وفى نفس الوقت شرع زيارة القبور لأنها تذكر بالموت، ومن ثم عمل أربعين وسنوية للميت لم تطلبها الشريعة وهى من البدع المذمومة.
حكم نقل المتوفي
كانت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، قد ذكرت أنه من السٌنة دفن كل ميت في قبر مستقل، وألا يشاركه فيه غيره إلا لضرورة، موضحةً أنه لا يجوز دفن الرجال مع النساء إلا لضرورة.
وأكدت أن حٌرمة المسلم ميتًا كحرمته حيًا، لافتةً إلى أنه لا يجوز نبش قبر الميت إلا لضرورة شرعية وأنه لا يجوز نقل الميت من قبره إلا لضرورة، منوهة بأن فقهاء الحنفية قد أعطوا مثلا لهذه الضرورة بما إذا دفن في أرض مغصوبة أو أخذت بالشٌفعة أو وقع في القبر مال أو دفن مع الميت مال و لو كان قليلًا.
وذكرت أن فقهاء المالكية أعطوا مثالًا لهذه الضرورة بضِيقِ القبر الْجَامِعِ، أَوْ دفن آخَر مَعَهُ عِنْدَ الضِّيقِ أَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ مِنْهُ أَوْ كُفِّنَ بِمَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ غَيْرِه، والشافعية مثلوا لهذه الضرورة بما إذا دفن الميت لغير القبلة أو بلا غسل على الصحيح فيهما أو بلا كفن أو في كفن مغصوب أو حرير أو أرض مغصوبة أو ابتلع جوهرة أو وقع في القبر مال.
واستكملت أن الحنابلة مثلوا لهذه الضرورة بنبش القبر الموجود داخل مسجد أو المدفون في ملك الغير أو وقع في القبر مال له قيمة، مضيفة أن نقل الميت من قبره الذي دفن فيه فقد اختلف فيه الفقهاء:
- فقد ذهب الحنفية و الشافعية إلى عدم جواز ذلك إلا لضرورة كدفنه في أرض مغصوبة ، أو أن تؤخذ الأرض بالشفعة ، و استدلوا على منع النقل بان فيه انتهاكًا لحرمة الميت.
قالوا: وَلِذَا لَمْ يُحَوَّلْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ إذْ لا عُذْرَ.[ فتح القدير ج2 ص140].
- و ذهب المالكية إلى جواز نقل الميت بعد دفنه بشروط ثلاثة: ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة ، كأن يخاف عليه أن يغرق البحر قبره أو يأكله السبع، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله.
- و ذهب الحنابلة إلى جواز نقل الميت إلى بقعة أحسن من البقعة التي دفن بها ، كأن يكون مدفونًا مع غيره فينقل ليدفن منفردًا.
و قد استدل المالكية و الحنابلة بما رواه البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ»، و في رواية: فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ» رواهما البخاري.
و يظهر مما تقدم أن الفقهاء لا يبيحون نقل الميت إذا ترتب على نقله إهانة له أو اعتداء على حرمته ، أو لم يكن النقل لغرض معقول و مبرر قوي ، سواء كان هذا الغرض من النقل لمصلحة الميت أو لمصلحة الحي ، فمصلحة الميت تقتضي أن ينقل لو تهدم القبر أو كاد ، أو وصل إليه الماء أو كان مدفونًا مع غيره فينقل ليدفن وحده في قبر مستقل كما فعل سيدنا جابر مع أبيه، و مصلحة الحي في نقل الميت أن يكون الميت بين أهله أو أن يكون قريبًا منهم لزيارته، لكن لا يجوز النقل لو لم يكن الغرض منه مستساغًا كأن ينقل من مقبرة جماعية في البلد إلى مقبرة جماعية أخرى في نفس البلد، إذ لا مبرر معقول من وراء هذا النقل.