تعمل الحكومة على إيجاد حلول عاجلة لعدد من الملفات التي تؤرق المواطنين، ومن بينها أزمة انقطاع الكهرباء بشكل يومي، وكانت مسار جدل على مدار الأشهر الماضية، وتحديدا في أكتوبر ونوفمبر، حيث تراجع الأحمال بفضل تراجع دراجات الحرارة، كذلك أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري ووجود أكثر من سعر للدولار.
الحرب بغزة وأزمة الكهرباء
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال لقائه الثلاثاء، برؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب، عن مشكلة تخفيف الأحمال الكهربائية، إن الكل يعي تماماً أننا نواجه تحديات غير مسبوقة بعضها بسبب الظروف المناخية وارتفاع درجات الحرارة، في أثناء الصيف، وهو ما تسبب في زيادة استهلاك الكهرباء بصورة كبيرة خلال أشهر الصيف، ودفعنا إلى استيراد كميات كبيرة من المازوت تطلبت مخصصات مالية كبيرة، تصل إلى مئات الملايين من الدولارات شهرياً لتوفير الغاز والمازوت، وهو رقم كبير.
وتابع: كما أن هناك تحديات أخرى تمثلت في ضعف الطاقة الكهربائية المولدة من المصادر المتجددة، سواء المياه أو الرياح، وغيرهما، وكذا قلة كميات الغاز الموردة إلينا نظراً للأحداث التي تشهدها غزة.
وأكد مدبولي، أنه بالرغم من كل ذلك فتعمل الحكومة على حل هذه المشكلة وتوفير احتياجات الدولة من الوقود والسولار والمازوت والبوتاجاز، وفي نفس التوقيت نعمل على تخفيض الفاتورة الاستيرادية، ولذا فإننا نتعامل مع العديد من التحديات في ظل ظروف استثنائية بالمرونة المطلوبة لحل أي مشكلة طارئة تواجه المواطنين بقدر الإمكان.
وأوضح رئيس الوزراء أن تكلفة إنتاج الوحدة الواحدة من محطات الكهرباء وهي كيلو وات ساعة تصل إلى 177 قرشاً، يحصل عليها المواطن بتكلفة 48 قرشاً، وذلك وفقاً لتسعير سابق لسعر الدولار، وهو 18 جنيهاً، والدولة مستمرة في هذا الدعم ولم يتم زيادة شرائح الكهرباء منذ عام ونصف مراعاة للمواطن، فكل الشرائح أقل من التكلفة الفعلية، وحجم الدعم في هذا القطاع كبير جداً.
مواعيد انتهاء أزمة الكهرباء
وكان متحدث مجلس الوزراء، قد أشار في نهاية أكتوبر الماضي إلى أن الزيادة في استهلاك الكهرباء من الغاز تزامنت مع انخفاض كميات الغاز المستوردة من خارج مصر، من 800 مليون قدم مكعب غاز يومياً إلى صفر.
وكانت وزارة الكهرباء قد لجأت إلى تطبيق انقطاعات منتظمة للتيار الكهربائي في معظم المناطق منذ شهر يوليو بعد أن تسببت موجة الحر وتراجع إمدادات الوقود، في حدوث ضغوط كبيرة على شبكة الكهرباء، وقد اضطرت الحكومة إلى تطبيق جدول زمني لانقطاع التيار الكهربائي، بخلاف عدة إجراءات أخرى لترشيد الاستهلاك بعد موجة الحر الشديد التي تسببت في زيادة الطلب على الكهرباء.
وبحسب تصريحات مسؤولي وزارة الكهرباء فمن المتوقع أن تنتهي الأزمة في مصر بحلول نهاية عام 2023، وذلك بعد الانتهاء من تنفيذ عدد من المشروعات الجديدة التي تهدف الى زيادة قدرات توليد الكهرباء في البلاد.
ومن جانب أخر، أكد رئيس مجلس الوزراء، خلال لقائه، الثلاثاء، برؤساء اللجان النوعية بمجلس النواب، أن الشغل الشاغل للحكومة في الملف الاقتصادي هو الوصول لسعر موحد للدولار على المدى القصير، ويتم العمل على ذلك بقوة.
وأضاف أن الحكومة حريصة على تحفيز المستثمرين الجادين من خلال حوافز حقيقية وأنه يلتقي بنفسه بهم لتذليل العقبات وتيسير الإجراءات، كما أن هناك توجيهات بمنح أولوية للمنتج المحلي في التعاقدات الحكومية.
أزمة الدولار عابرة وستنتهي
وكان رئيس الوزراء قد قال في وقت لاحق، إن أزمة العملة التي تعاني منها البلاد "أزمة عابرة" وستنتهي في فترة بسيطة جدا.
الحكومة على مدار الفترة الماضية أطلقت مجموعة من التصريحات الإيجابية التي تؤكد قرب انتهاء أزمة الدولار، ولم تتوقف عند هذا الحد بل اتخذت مجموعة من الإجراءات والقرارات في سبيل تحقيق هذا الأمر ووقعت عدد من الاتفاقيات التي من شأنها توفير العملة الصعبة أو النقد الأجنبي وإحداث خلخلة في مسألة نقص السيولة الدولارية.
وتبذل الحكومة المصرية الكثير من الجهود لتوفير العملة الأجنبية وحل أزمة الدولار والقضاء على الأزمة التي تعاني منها حاليا، وتظهر آثارها على الكثير من القطاعات.
وحاولت الحكومة مجابهة ذلك من خلال ترشيد الاستيراد، وزيادة موارد الدولة من تحويلات العاملين بالخارج، وإيرادات قناة السويس، وعوائد السياحة.
كما أصدرت وزارة المالية سندات الساموراي اليابانية والباندا الصينية بقيمة حوالي 500 مليون دولار لكل منهما، كما حصلت على قرض من "دويتشه بنك" و"بنك ABC" بقيمة 500 مليون دولار، كما ارتفع رصيد احتياطي النقدي الأجنبي خلال أكتوبر الماضي، وذلك للشهر الثالث عشر على التوالي ليصل إلى 35.108 مليار دولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري
وعقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الخميس 23 نوفمبر 2023 اجتماعًا؛ لاستعراض مقترح بيع الواحدات العقارية بالدولار، عبر مجموعة من المحفزات بالتعاون بين الحكومة والمطورين العقاريين في القطاع الخاص.
زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر
ويشهد الربع الأول أو الثاني من العام المقبل انفراجه محتملة في أزمة الدولار، التي يستند إليها رئيس الوزراء في تقديراته بشأن انتهاء الأزمة على النحو التالي:
- برنامج الطروحات الحكومية، الذي يتضمن 32 شركة.
- اتفاقيات تبادل العملات، باعتبارها متنفس جديد للجنيه المصري إذ توفر اتفاقية التبادل مع الإمارات حوالي مليار و400 مليون دولار.
- اتفاقات مبادلة الديون مع الصين.
- انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس" مطلع العام المقبل، وهو من شأنه تسهيل التبادل بين الدول الأعضاء من خلال العملات المحلية، وبما يخفف من الضغط على العملة الأجنبية.
- بجانب دراسة اتجاه المقايضة مع عدد من الدول، مثل الهند وروسيا، لتخفيف الضغط على العملة.
وفي هذا الصدد، قال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن الحكومة تستند لقرب حل أزمة الدولار في مصر إلى عدة مؤشرات، أبرزها زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد.
أضاف عبد العال ـ في تصريحات صحفية له للعربية، أن هناك عاملا آخر يتمثل في تدفق تمويلات ضخمة من مؤسسات دولية كبرى، مُشيرًا إلى تصريحات إيجابية لمسؤولي صندوق النقد الدولي حول عزم الصندوق زيادة حجم القرض المقدم لمصر دون شروط إصلاحية إضافية، لمساندة الاقتصاد المصري لمواجهة تداعيات الحرب في غزة، وتوقع الخبير المصرفي أن يرفع الصندوق قرضه من 3 إلى أكثر من 5 مليارات دولار، دون أن يشترط حدوث تحرير كامل لسعر الصرف.
وأشار إلى تقارير حول دراسة الاتحاد الأوروبي ضخ استثمارات بقيمة 9 مليارات يورو في العديد من الأنشطة الاقتصادية في مصر إلى جانب التمويلات المستقبلية، لفت الخبير إلى حصول مصر على تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار من إصدار سندات دولية، مع تجديد وديعة من دولة الكويت بقيمة 4 مليارات دولار للحفاظ رصيد احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
انفراجه أزمة الدولار في وقت قريب
وقال الخبير المصرفي إن مصر نجحت في زيادة حجم الاحتياطي، وفي الوقت نفسه لم تتعثر في سداد التزاماتها الدولية من أقساط وفوائد الديون بلغت 17.8 مليار دولار، في الفترة من يناير 2023 حتى نهاية الشهر الماضي، كما أفرجت عن سلع مستوردة بأكثر من 70 مليار دولار كما استند إلى بوادر إيجابية للثقة في الاقتصاد المصري، كما تحقيق المؤشر الرئيسي للبورصة أعلى مستوى في تاريخه متجاوزًا مستوى 24 ألف نقطة.
وقال محمد عبد العال إن زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية جاء نتيجة المضاربات، وسط حالة من العشوائية لا تحكمها قوى العرض والطلب، مؤكدًا ثقته في تصريحات الحكومة بانفراجه أزمة الدولار في وقت قريب.
وتجاوز حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر أكثر من 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2022/2023 بنسبة نمو 12%، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، وبلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر 6.3 مليار دولار في 7444 مشروعًا، حسب بيانات حكومية.