الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ملتقى الطفل بالجامع الأزهر: الغضب مفتاح الفتن والآثام ويزيد من الانقسام

ملتقى الطفل بالجامع
ملتقى الطفل بالجامع الأزهر

عقد الجامع الأزهر الشريف حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، ودارت حلقة اليوم "الغضب وأثره على المجتمع" ، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الدكتور حسن عبد الباسط، منسق وحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور محمود عبد الجواد رئيس وحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.

قال د. حسن عبد الباسط، إن "الغضب" يعد من الأمراض الخطيرة والقديمة فهو موجود منذ زمن الأنبياء وحتى الآن، مؤكدا أن هذا المرض تسببٌ في تفكُّك المجتمعات، وفي زيادة حالات الطلاق، كما تسبب في زرع البغضاء والشحناء بين الناس، وتسبب في زيادة أعداد الأيتام، وأعداد الجرحى، ويُحْدِثُ فِرَاقًا وطَلاقًا، ثُمَّ نَدَمًا وتَعَبًا، وأَلَمًا ونَصَبًا، وهو مَدْخَلٌ مِنْ مَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ الكُبْرَى، ومَكِيدَةٌ مِنْ مَكَائِدِهِ العُظْمَى.

واستشهد منسق العلوم الشرعية ، بما روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبى ﷺ أوصني، قال: لا تغضب، فردَّد مرارًا: أوصني أوصني، والنبى ﷺ لا يزيد على: لا تغضب، فهذا الرجل ردَّد السؤال، لعلَّه يسمع وصية أنفع وأبلغ، فلم يزد على قوله: لا تغضب، مؤكدا أن لِلغَضَبِ أَضْرارٍ اجتِمَاعِيَّةٍ، فَهُوَ يُدَمِّرُ مَا بَيْنَ النَّاسِ مِنْ علاقات، ويَقْطَعُ مَا بَيْنَهُم مِنْ صِلاتٍ.

ولفت إلى أن الغضب منه المحمود ومِنْه المذموم؛ فالغضب المحمود ما كان في الحقِّ؛ غيرةً على دين الله أن تُنْتَهك محارِمُه، فهذا النَّوع من الغضب صفة كمال، فلِذا اتَّصف بها ربُّنا عزَّ وجلَّ، فهو يغضب على الكافرين به، الطَّاعنين في رسُلِه ودينه، من اليهود والنصارى والمنافقين وسائر طوائف الكفر؛ ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾؛ بل ربُّنا عزَّ وجلَّ يغضب حتَّى على الموحِّدين حينما يتجاوزون حدودَه، ويقعون في كبائر الذنوب ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

وأوضح د. حسن عبد الباسط، عدد من العلاجات النبوية لدفع حرارة الغضب وذكر منها: أن يتوضَّأ أو يَغتسِل؛ لأن الغضب جمرة في قلب كل إنسان؛ ولهذا تحمرُّ عيناه؛ قال ﷺ "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلِق من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء؛ فإذا غضِب أحدُكم فليتوضَّأ"، ومنها أيضا ذكْرُ الله عزّ وجلَّ، والتفكُّر في النصوص الواردة في فضل كظم الغيظ والعفو والحلم؛ جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، "قال: قلت: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة! قال ﷺ لا تغضب ولك الجنة"، ومنها أيضاً  تخويف النفس من عقاب الله عز وجل.

وحث د. عبد الباسط على عدم الإفراط من الغضب في غير موضعه الصحيح، مستدلاً بوصيته ﷺ إلى الرجل بقوله: لا تغضب؛ ولذا تجد العاقل إذا تغيَّر حالُه من الغضب إلى الرضا، تعجب من نفسه، وقال: ليت شعري! كيف اخترت تلك الأفعال القبيحة؟ ويلحقه الندم. قال ابن القيم رحمه الله: "جمع النبى ﷺ بقوله"لا تغضب" خيري الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، ودلَّ أن الغضب يجمع الشرَّ كلَّه، فهو مفتاح الفتن والآثام، ويزيد التفرُّق والانقسام، ويستدل به على ضعف العقل والإيمان"، فمن حافظ على هذه الوصية، حاز خيري الدنيا والآخرة.

من جانبه تناول الدكتور محمود عبد الجواد، رئيس وحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح ظرفى الزمان والمكان، حيث قام بتعريفها وبين حالات إعرابهما ومواضع كل منهما، ودلل على ذلك بالأمثلة التوضيحية.

وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة.

يُذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.