كيف يكون في الابتلاء لطف؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.
كيف يكون في الابتلاء لطف؟
وقال جمعة إن العوام يقولون: "قَدَّر وَلَطَف"، ويقولون أيضاً : "يعطى البرد على قدر الغطاء" فكلامهم فيه حِكَم لأنه مستنبط من كلام المشايخ، فالعلماء عَلَّموا الناس.
وتابع: لا تظن أن قَدَرَهُ فيه بلاء محض أو انتقام محض لك، وإنما قد يبتليك بالبلاء كي تراجع نفسك، ومن الممكن أن يبتليك بالبلاء كي يُعْلِىَ من درجتك عنده، وقد يبتليك بالبلية كي يصد عنك بلية أشد منها، ومن الممكن أن يبتليك بالبلاء فيكون سبب سعادتك في الدنيا والآخرة، ومن الممكن أن يبتليك بالبلاء فيتنزلُ عليكَ من رحماته سبحانه وتعالى ما يُلْقِى القَبُولَ عليك {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} فلقد كان فرعون ينظر إلى سيدنا موسى عليه السلام ويحبه رغم أنه يعلم أن على يديه هلاكَه.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء: احذر من أن تظن أن القدر قد خلا من اللطف، بل قل : الحمد لله .. قدر ولطف، فإنه أهل لكل الثناء سبحانه وتعالى، لأنه لا يكونُ منه إلا الخير، ومن لا يعرف ذلك لا يوجد عنده فَهم صحيح.
كيف يكون في الابتلاء لطف؟
وفي جواب حق الله تعالى في العسر واليسر، قال الإمام علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه: ما أبالي بالعسر رميت، أو باليسر، لأن حق الله تعالى في العسر الرضا والصبر، وفي اليسر الحمد والشكر.
وفي بيان منهج حياة يجب أن نعيش فيه للتعامل مع الابتلاء، يقول علي جمعة إنه ينبغي التزام أمور ثلاثة، وهي:
أولاً: الرضا عن الله، هذا الرضا سيجعلك تتأمل ويُنمي عندك قدرة التأمل، وهذا الرضا لن يجعلك محبط أبدًا لأنك تبحث عن الحكمة وراء ما ترى، لن يجعلك تتهور أبدًا، وتعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سيجعلك تفعل كل فعل من أجل الله، سيجعلك تبحث في كل فعل عن رضا الله، فإذا نزلت بك المصائب لن تحبط ولن تنهار وإنما ينزل عليك الصبر لماذا؟ لأنك راضي {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} .
ثانيا : التسليم . تسلم لله، فالله غالب لابد عليك أن تفعل الأسباب وتفعل الأوامر والأمر لله لا تنتظر النتائج ولا يتعلق قلبك بالنجاح.
ثالثا : التوكل على الله. أن تثق بما في يد الله تعالى {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فلا تخف إلا الله؛ ولو خفت الله سبحانه وتعالى أخاف الله منك كل شيء، ولو لم تخف الله خُفت من كل شيء؛ خُفت على رزقك وعلى حياتك وعلى أمنك وعلى سلامتك وعلى جسدك وعلى أولادك وعلى أهلك وعلى مالك.
ودعاء قائلا: اللهم صلِ علي سيدنا محمد الحبيب إذا عُدِمَ الحبيب، والطبيب إذا عز الطبيب، راحة القلوب إذا اشتدت الكروب، سر الدواء وأصل الشفاء، وعناية السماء، ومصدر الرجاء، صلي الله عليه وعلي آله الأوفياء، وأصحابه الرحماء ، صلاة محيطة بجميع الكمالات، عالية علي سائر الصلوات، تُطهرنا بها من غرور النفس وشواغل الحس، وسيئات الذنوب، وخائنة الأعين، وما تخفي الصدور، صلاة تغفر لنا بها جميع الزلات والهفوات، وتسترنا بها فى الحياة وترحمنا بها بعد الممات.
4 أمور يغفل عنها عند الابتلاء
يقول إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: عجبتُ لأربع يغفلون عن أربع:
1 - عجبتُ لمن ابتُـلى (بغم) ، كيف يغفل عن قول : «لا إلهَ إلاّ أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ من الظالمين»، والله يقول بعدها ؛ «فاستجبنا لهُ ونجيناهُ من الغم».
2 - عجبتُ لمن ابتُـلى (بضرّ)، كيف يغفل عن قول : «ربي إني مسّنيَ الضرُ وأنتَ أرحمُ الراحمين»، والله يقول بعدها؛ «فا ستجبنا له وكشفنا ما به من ضر».
3 -عجبتُ لمن ابتُـلى (بخوفٍ)، كيف يغفل عن قول : «حسبي الله ونعم الوكيل» والله يقول بعدها ؛ «فانقلبوا بنعمةٍ من اللهِ وفضلٍ لم يمسسهم سوء».
4 - عجبتُ لمن ابتُـلى (بمكرِ الناس)، كيف يغفل عن قول: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" والله يقول بعدها؛ «فوقاهُ اللهُ سيئاتِ ما مكروا».