قال مجمع البحوث الإسلامية: إن الشكر من أخلاق الإسلام التي مدحها الله ورسوله في الكتاب والسنة، وهو من الأخلاق التي تدل على الإنصاف والنزاهة في ظاهر المرء وباطنه، كما يترتب عليه كثير من الخير في الدنيا والثواب الكبير في الآخرة مع علو الدرجات، وغفران الذنوب.
وأضاف مجمع البحوث، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من ذكر حين يصبح «اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر» فقد أدي شكر يومه ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته.
[[system-code:ad:autoads]]
وأكد أن شكر الله تعالى على نعمه واجب شرعا، مستدلا بقوله تعالى: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ".
وتابع إن من أصبح شاكرًا لله تعالى على نعمه وأمسى شاكرًا لله تعالى فقد أدى شكر يومه.
فشكر الله على إتمام العبادة ليس باللسان فقط، وإنما بالقلب والأقوال والأعمال وعدم الإدبار بعد الإقبال.
وأشار مجمع البحوث، عبر صفحته الرسمية «فيسبوك»، أن الله عز وجل حث على ذلك فقال تعالى فى كتابه الكريم {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن كلمة الحمد لله تعني الثناء على الله لكمال صفاته وعلو شأنه سبحانه وتعالى، فهي تعبر عن شكر الله على نعمته، وتعبر كذلك عن الثناء على الله لغير نعمة، بل لجميل صفاته، فيحمد الله على عظمته وجلاله كما يحمد على إحسانه وإكرامه قال تعالى: وَلَهُ الحَمْدُ فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ.
وأضاف "جمعة" : إذا لاحظ الإنسان إحدى نعم الله عليه أو أنشأ الله منة جديدة فسيقول الحمد لله، فإن ذلك الحمد إنما هو من توفيق الله وفضله، فكيف تسمي نفسك حامدًا والله هو الذي جعلك تحمد، فينبغي عليك حينئذ أن تحمد الله أن وفقك لحمده، فإذا فعلت ذلك، ولاحظت أن الحمد الثاني أيضا من توفيق الله، فتشعر أنك عاجز حتى أن تشكر ربك على نعمة بغير عونه وفضله، فيترتب على ذلك خضوعك وتواضعك لله، ويظهر هذا التواضع بين إخوانك المسلمين، فيحسن به الخلق وتزيد به العلاقات الإنسانية حميمية.
في سياق آخر قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الشهوات تغلب على الكثير من المسلمين، ثم يبصرون فيستغفرون ويرجعون ويتركون، ثم فورًا ينسون ويعودون إلى الشهوات كما كان الحال، متسائلا ما المخرج من ذلك؟ وقد تتكرر على الإنسان إلى أن يكاد ييأس من نفسه ومن هذا الأمر، لا أقول ييأس من روح الله فـ (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ).
وأوضح جمعة عبر فيسبوك: إنما قد كثرت الذنوب وأحاطت بنا المعاصي ومالت النفس إلى الشهوات؛ ردعها المسلم فلم ترتدع، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا) مشيرا إلى أن هذه الآياتٌ نتلوها وكثير منا يحفظها، فيها دستورًا في خطوات إذا ما فعلته أيها المسلم أعانك على طريق الله، فقد أرسل الله لك رسولا ولم يجعله أبًا لأحد من الرجال، ليكون خالصًا في أبوته لأمته، وفيما رواه الدارمي في سننه يقول رسول الله ﷺ: (إنما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ للوَلَدِ؛ أُعَلّمُكُمْ)، وقال تعالى: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) فأي شرف أعظم من هذا..!
وأضاف أن الخطوة الأولى: أن تجعل نفسك ابنًا للنبي حيث إن الله سبحانه وتعالى قد خلاه من الولد، وماتوا جميعًا في حياته صغارًا أطفالًا ولم يبلغوا دَور الرجولة، اعتز بنبيك اعتزازك بأبيك، بل أكثر من ذلك بكثير، بحيث لا تكون هناك مقارنة بين أبيك وبين النبي ﷺ، وقد تصاب العلاقة بينك وبين أبيك بشيء من الكدر أو الفتور، لكنها لا تصاب بينك وبين حبيب الله ﷺ؛ استحضر صورته أمامك بالليل والنهار، عش معه فإن هذا سيعينك بلا شك على كل خطوات الطريق إلى الله.
وأكمل: بعد ما أنزلتَ رسول الله ﷺ منزلة المصاحب لك في كل وقت وحين، فإذ بك تستحي أن تفعل الذنب، وتستحي أن لا تكون هناك همة، وتستحي من أن لا تذكر الله أو أن تنقطع عن ذكره سبحانه وتعالى– لأن أباك يراقبك ولأنه معك ولأنه مصاحبك- تستطيع أن تتخيله، لكن لا تستطيع أن تتخيل ربك؛ لأنها وثنية مفرطة، أما هذا فهو الذي جعله الله واسطة بينه وبيننا- ولا واسطة بيننا وبينه سبحانه وتعالى، لكن لا يكلمنا- فاجعل رسول الله ﷺ والدك ومصاحبك.
وتابع جمعة: أن الخطوة الثانية أن تذكر الله ذكرًا كثيرا بكرة وأصيلا، (لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ الله) (مسند الإمام أحمد)، الخطوة الثالثة: أن ترى دائرة نور ودائرة ظلام، النور فيه طاقة وفيه بيان وفيه حلاوة وله طلاوة يكشف عن الحقائق، والظلام فيه برودة ورائحته كريهة وأحواله مردية، والله جل جلاله يثني عليك لإتباعك لنبيك، ولإدراكك النور والظلمة، ولذكرك له كثيرا، فينقلك من الظلام إلى النور، ومن الضيق إلى السعة، ومن الاضطراب إلى الأمن والأمان والسلام في الدنيا أولًا، يعنى ستأخذ نصيبك هنا لأن كثيرًا من الناس قد تعلقت قلوبهم بالدنيا، ولا يمكن أن نجذبهم إلى الله إلا منها، في الدنيا سيعطيك الله تعالى، وله ملكوت السموات والأرض، ثم بعد ذلك يعطيك في الآخرة.
واختتم المفتي السابق: إذا أردت أن تُنقل من دوامة الشهوات إلى طريق الله فعليك باتخاذ النبي ﷺ والدًا لك، ومصاحبًا في طريقك إلى الله؛ فإنه هو المبشر والنذير، وهو المبشر والشاهد، وهو المبشر والآخذ بيدك إليه سبحانه، واذكر الله ذكرًا كثيرا، وانتقل من دائرة الظلمة إلى دائرة النور بصلاة الله وملائكته عليك، ثم بعد ذلك استحضر نفاسة أجر الآخرة في مقابلة تفاهة الدنيا بما فيها ومن فيها، فإذا فهمت ذلك واستوعبته وغيرت مفهموك عن الحياة الدنيا وعن الآخرة، واستصحبت رسول الله ﷺ معك كل يوم- فسيعينك ذلك على نفسك في طريق ربك.