يسرّع الاتحاد الأوروبي وتيرة جهوده لتعميق علاقاته مع مصر، نظراً للأهمية الاستراتيجية للقاهرة، ودورها الفاعل والمؤثر في المنطقة، خاصة القضايا الشائكة سياسيا مثل الصراع العربي الإسرائيلي، إضافة للتعاون في عدة مجالات اقتصادية وتجارية.
رئيس المفوضية الأوروبية
وفي هذا الإطار استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، أورسولا فون ديرلاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، وكبار مسؤولي المفوضية الأوروبية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، بأنّ اللقاء ركز على مستجدات التصعيد العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، حيث أكد الرئيس موقف مصر بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وحماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية لأهالي القطاع الذين يتعرضون لمعاناة إنسانية هائلة.
وشدد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته وتنفيذ قراري مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الشأن، مستعرضًا الجهود التي تقوم بها مصر في ذلك السياق إلى جانب استقبال المصابين الفلسطينيين وإجلاء الرعايا الأجانب.
من جانبها عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية تقييمها لتطورات الأوضاع في غزة، مؤكدة "تقدير الاتحاد الأوروبي البالغ للدور الجوهري الذي تقوم به مصر في هذا الصدد".
كما شدد الرئيس خلال اللقاء على رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخلياً أو بالتهجير خارج أراضيهم لاسيما إلى الأراضي المصرية في سيناء، وهو ما اتفقت معه رئيسة المفوضية الأوروبية، مؤكدة الموقف الأوروبي برفض التهجير.
وأكد الجانبان، أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في تحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة.
وذكر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن اللقاء تطرق أيضاً إلى سبل تعزيز علاقات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، في ضوء ما يجمع الطرفين من روابط وثيقة، وتم الاتفاق على مواصلة العمل لتعزيز هذه العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب في مختلف المجالات.
وبدأت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، زيارتها إلى مصر، اليوم السبت، في إطار جولة لها بالمنطقة تشمل مصر والأردن، لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة.
مصر والاتحاد الأوروبي
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "أنا اليوم فى القاهرة للمناقشة مع شريك رئيسي"، مضيفة: "تلعب مصر دورًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار في هذه الأوقات الصعبة، ونحن ممتنون لذلك، علاوة على ذلك، يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز علاقاتنا الثنائية المهمة".
وتابعت: "لقد شكرت مصر على دورها الرئيسي في توفير وتسهيل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الضعفاء، ونحن متفقون على مبدأ عدم التهجير القسري للفلسطينيين، وعلى أفق سياسي يقوم على حل الدولتين".
ويقول الدكتور أحمد سيد أحمد، الباحث في العلاقات الدولية والأمريكية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، أن زيارة رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين تأتي في سياق العلاقات المتميزة بين مصر والاتحاد الأوروبي، التي تشهد طفرة كبيرة في عهد الرئيس السيسي، انطلاقا من المصالح المشتركة وتقدير الاتحاد الأوروبي للدور المصري، كدولة مفتاحية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ومواجهة تحديات كبيرة، مثل ظاهرة الهجرة غير المشروعة من أفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا، كذلك محاربة الإرهاب.
وأضاف أحمد- خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هناك تعاونا اقتصاديا كبيرا بين مصر والاتحاد الأوروبي، في إطار اتفاقية الشراكة بينهما، كذلك شهدت علاقات مصر مع دول الاتحاد في غرب ووسط وشرق أوروبا نقلة كبيرة في المجالات السياسية والاقتصادية، وهناك تنسيق كامل بين الجانبين، حيث يعول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الدور المصري، في تحقيق الاستقرار خاصة في أزمة غزة، ووقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة.
وأشار أحمد، إلى أن هذه الزيارة تأتي في سياق دعم مصر في أزمة الهجرة غير المشروعة، خاصة أن مصر أثبتت فعالية كبير في منع خروج أي هجرة من مصر إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا الدور المصري محل تقدير من جانب أوروبا، لعدم خروج أي مركب للهجرة غير المشروعة من الساحة المصرية منذ عام 2015، وبالتالي الاتحاد الأوروبي لكن له مصلحة في تعزيز علاقاته مع مصرفي مواجهة هذه التحديات.
وسبق، وتحدث الوزير سامح شكري عن زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية، ودراسة منح مصر مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار، وما إذا كانت هذه المساعدات مرتبطة بالموقف المصري من الحرب في غزة.
وقال الوزير شكري: "إذا ما أردنا التأثير على الموقف الطبي، فعلينا أن نركز على إنشاء منشآت طبية داخل غزة حتى تكون متاحة للفلسطينيين الذين يحتاجون إليها، وفي نفس الوقت يمكن أن نوفر الدعم للمنشآت الطبية في العريش أو غيرها، وإذا كان لدينا القدرة الكافية".
ولفت الوزير شكري: "لقد تحدثت إلى وزير الصحة المصري الذي أوضح أن هناك خططًا هيكلية لاستيعاب من يأتون لتلقي الرعاية الطبية في مصر سواء في العريش أو المنشآت الطبية بمنطقة القناة وفي مصر، مشيرًا إلى أن 30% من الأسِرة ووحدات الرعاية المركزة خالية في العريش، ومن يأتي سوف يتلقى الرعاية الطبية، ونحن منفتحون للتدبر في أي دعم إضافي حسب الحاجة وطبيعة المساعدة واتفاقها مع احتياجات الفلسطينيين".
زيارة أورسولا ديرلاين
وحول زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية إلى مصر وتقرير بلومبيرج الأخير بشأن تفكير الاتحاد الأوروبي في توفير عشرة مليارات دولار للاقتصاد المصري وما إذا كان ذلك صحيحًا؟، وما الذي يتوقعه الاتحاد في المقابل من مصر؟، أوضح شكري أن وزارة الخارجية كانت منخرطة بشكل مباشر لعدة أشهر وربما قبلها في هذه الأزمة، وبالتالي لا يوجد ربط بين هذا وما يحدث الآن.
وأكد الوزير: أن مصر "لديها علاقات عميقة مع الاتحاد الأوروبي ويوجد اتفاق بيننا ونحن في مفاوضات دائمة مع الاتحاد الأوروبي لمصلحة الطرفين، وهناك اتفاقية للشراكة ترفع العلاقات إلى المستوى الاستراتيجي، وهذا يتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية والتنموية لمصر، وهو أمر مفيد أيضًا كذلك للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء".
وأضاف أنه بالنسبة للدعم الذي يقدمه الاتحاد فيما يخص الناحية السياسية وفرص الاستثمار والتنسيق فهذا لايزال محل تفاوض ونأمل في أن يحدث في أقرب وقت ممكن، ولن اتحدث عن أي إطار زمني محدد أو حجم المساعدات، فكل هذه الأمور لازالت محل دراسة بين الجانبين، وإذا ما حدث ذلك في القريب العاجل فإن ذلك سوف يفند الشائعات في الصحافة وسيعزز كذلك العلاقات بين الجانبين وسوف تعززه كذلك زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية إلى مصر.