تواجه قناة بنما، أزمة جفاف غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية، وتحديدا ما يسمى بـ "ظاهرة النينو الاحترارية"، والتي تهدد بتفاقم أزمة جفاف القناة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي، وحجم عبور السفن عبر الممر المائي الرئيسي خلال الأشهر المقبلة، وفقا لما قاله كبير المسئولين التنفيذيين في القناة لوكالة إس آند بي جلوبال كوموديتي إنسايتس، وهو ما قد يدفع بزيادة عبور السفن لـ قناة السويس، في ظل التشديد الحالي على عدد السفن العبرة لقناة بنما بسبب أزمة الجفاف.
أزمة جفاف قناة بنما
ويعد السبب الرئيسي لـ أزمة جفاف قناة بنما، هو منسوب بحيرة جاتون، وهي أكبر بحيرة صناعية تغذي قناة بنما، انخفض بحوالي 80 قدما، ما يعادل "24.38 مترا"، وهو أدنى مستوى قياسي له، منذ الصيف الماضي، ما دفع هيئة قناة بنما إلى اتخاذ قرارات بشديد القيود على عدد وحجم السفن المسموح بعبورها عبر القناة والتي تربط المحيط الأطلنطي مع المحيط الهادئ.
وقال مدير هيئة قناة بنما، ريكورتي كاتين فاسكويز إن حالة الجفاف التي تتعرض لها قناة بنما فريدة للغاية ونتجت عن نمط مناخي لم تشهده على مدار تاريخيها، فقد واجهت القناة والتي أنشأت خلال الفترة بين 1903 لـ1914، ظاهرة النينو المتكررة كل 2 إلى 7 سنوات، التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة شرق المحيط الهادئ، ووصل متوسط درجات حرارة سطح البحر العالمي، هذا العام، إلى مستوى قياسي جديد بلغ 20.96 درجة مئوية في 31 يوليو، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع درجات الحرارة بصورة غير عادية في شمال المحيط الأطلسي، وفقًا لخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
وأكد فاسكويز أن لديهم سجلات لـ120 عاما، وهذه هي المرة الأولى التي ترتفع فيها درجة حرارة المياه ارتفاع قياسي في منطقة البحر الكاريبي بالتزامن مع ارتفاع حرارة المياه في المحيط الهادئ.
انخفاض عبور السفن
وتسببت هذه الأحداث في إعلان هيئة قناة بنما، خفض معدل عبور السفن بشكل يومي إلى 31 سفينة، بداية من نوفمبر الجاري، موزعين كـ 9 سفن عبر فتحات عبور سفن نيوباناماكس الأكبر، و22 سفينة عبر فتحات عبور سفن باناماكس، ثم خفضت الهيئة في 3 نوفمبر الجاري عدد السفن العابرة للقناة إلى 25 سفينة، ثم إلى 24 سفينة بداية من 7 نوفمبر، ثم 22 سفينة من 1 ديسمبر، و20 سفينة من 1 يناير، و18 سفينة من 1 فبراير.
وعادة ما يستمر موسم الأمطار في بنما من مايو إلى نوفمبر، وتوقع مدير هيئة قناة بنما، ريكورتي كاتين فاسكويز، أن يبدأ موسم الجفاف هذا العام في الجزء الأخير من نوفمبر، ويرى المحللون أن قيود العبور الحالية تمنع مرور سفن نيوباناماكس المحملة بالكامل.
كيف تستفيد قناة السويس؟
وفي ظل ما تشهده قناة بنما حاليا من أزمة جفاف المستمرة منذ أغسطس الماضي، من المتوقع أن تتفاقم، وانخفاض منسوب المياه، تتجه التساءلات حول مدى استفادة قناة السويس في ظل الأزمة الحالية، حيث يتوقع بعض المحللين أن تستفيد قناة السويس، من تأثر قناة بنما بالجفاف جراء أزمة التغيرات المناخية، والتي اضطرت بعض سفن الشحن الكبيرة بالفعل إلى تخفيف حمولتها وتقليل الجزء الغاطس من بدنها في المياه، ما قد يدفع بعضها للبحث عن ممرات مائية جديدة، وتأتي قناة السويس كحل أول أمامها.
وأكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، على هامش منتدى قطر الاقتصادي في الدوحة، والذي عقد مايو الماضي، أنه حال زادت حدة الجفاف في قناة بنما، فإن السفن ذات العمق والغاطس الكبير سوف تتجه لـ قناة السويس، مؤكدا أن ذلك سيكون له تأثير إيجابي بالتأكيد، وذلك وفقا لـ "اقتصاد الشرق".
وتوقع ربيع، أن تصل إيرادات قناة السويس هذا العام إلى 8.8 مليار دولار، بزيادة 10% عن العام الماضي.
ماذا لو أغلقت بنما؟
وفيا يخص توقعات تفاقم أزمة جفاف قناة بنما، في ظل اختناقات عبور السفن، والذي سجل أرقامًا قياسية بسبب الجفاف والذي يتوقع أن يشتد سوءا، وقد يؤدي إلى إغلاقها بشكل كامل، فقد اختارت غالبية سفن البضائع السائبة الجافة العبور عبر قناة السويس وفقا للرئيس التنفيذي لشركة إيجل بالك للشحن الأمريكية جاري فوجل.
وأكد أنه كانت مسارات سفن شحنات الحبوب من الخليج الأمريكي إلى الصين وآسيا، تعتمد في العبور على قناة بنما، وهو مسار التجارة تاريخي، لكن الآن تقوم الشركة، بتوجيه سفنها عبر قناة السويس، ما يضيف حوالي 10 أيام وهو أكثر تكلفة قليلاً من حيث رسوم القناة، مشيرا إلى أن ذلك أدى لانخفاض عدد السفن المتاحة لتحميل الحبوب الأمريكية ما أدى لارتفاع أسعار الشحن.
من جانبه، قال بيتر ألين، المدير المالي لشركة جينكو شيبينغ : "لقد حصلنا على بعض المساعدة من الوضع في قناة بنما، فبدلاً من المرور عبرها، تمر السفن عبر قناة السويس".