الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما هي كفارة من فاتته صلاة الجمعة.. وحكم تاركها 3 مرات متتالية؟

كفارة من فاتته صلاة
كفارة من فاتته صلاة الجمعة

ما هي كفارة من فاتته صلاة الجمعة، وحكم تاركها 3 مرات متتالية؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين بالتزامن مع صلاة الجمعة الأولى من شهر جمادى الأول لعام 1445 هـ، خاصة وأن صلاة الجمعة من الفرائض المنصوص عليها في القرآن الكريم وسميت باسمها إحدى سور القرآن العظيم، فما هي كفارة من فاتته صلاة الجمعة؟

كفارة من فاتته صلاة الجمعة

صلاة الجمعة واجبة على كلِّ مسلمٍ حرٍّ بالغٍ عاقلٍ مقيم صحيحٍ ليس به علة، -فلا تجب على الصبي، ولا المرأة، ولا المريض، ولا المسافر-، ولا يجوز تركها أو التَّخلف عنها إلَّا لعذرٍ شرعي، وأنَّ من تخلَّف عنها لغير عذر كان آثمًا، يقول تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].

وقد أوجب الشرع السعي إليها والاجتماع فيها والاحتشاد لها؛ توخِّيًا لمعنى الترابط والائتلاف بين المسلمين؛ قال الإمام التقي السبكي في "فتاويه" (1/ 174، ط. دار المعارف): [والمقصود بالجمعة: اجتماعُ المؤمنين كلِّهم، وموعظتُهم، وأكملُ وجوه ذلك: أن يكون في مكانٍ واحدٍ؛ لتجتمع كلمتهم، وتحصل الألفة بينهم] اهـ.

كما دلت عليها السنة النبوية المشرفة؛ فعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» رواه النسائي في "سننه".

وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

كفارة من فاتته صلاة الجمعة

تقول دار الإفتاء إنه إذا فاتت صلاة الجمعة على المكلف لعذرٍ؛ كالنوم ونحوه -أو لغير عذر-؛ وجب عليه قضاؤها بالإجماع؛ قال العلامة ابن بزيزة في "روضة المستبين" (1/ 374، ط. دار ابن حزم): [وقد انعقد الإجماع على وجوب قضاء الصلوات الفوائت بنسيان أو نوم] اهـ.

ودلُّ على ذلك: ما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا».

وما أخرجه أبو داود في "سننه" أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ».

وما أخرجه الترمذي في "جامعه" عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم نومهم عن الصلاة، فقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».

وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" نحو هذا في قصة نومهم في صلاة الفجر؛ ولفظه: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا».

قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/ 33، ط. دار الحديث): [والحديث يدل على أنَّ النائم ليس بمكلف حال نومه، وهو إجماع] اهـ.

وقال العلامة الملَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (2/ 532، ط. دار الفكر): [(ليس في النوم)؛ أي: في حالهِ (تفريطٌ)؛ أي: تقصير ينسب إلى النائم في تأخيره الصلاة (إنما التفريط)؛ أي: يوجد (في اليقظة)؛ أي: في وقتها بأن تسبب في النوم قبل أن يغلبه، أو في النسيان بأن يتعاطى ما يعلم ترتبه عليه غالبا؛ كلعب الشطرنج، وأنه يكون مقصرًا حينئذٍ، ويكون آثمًا، (فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها؛ فليصلِّها إذا ذكرها)؛ أي: بعد النسيان أو النوم] اهـ.

من فاتته صلاة الجمعة ثلاث مرات

من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات عمدًا، وبغير عذر، يطبع الله على قلبه، مستدلًا بما جاء في سُنن الترمذي، بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-قال: « مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ».، كما أن الإمام مالك قال من ترك صلاة الجمعة 3 مرات بدون عذر ترد شهادته أي لا تقبل ، وهذا دليل على ان هذا الشخص بدأ يرتكب معاصي وسيئات عظيمة، وترك الجمعة ليس سببًا لخروج الإنسان من الملة، فالعبد لا يخرج من الملة بهذه السهولة.

ولكن يجب أن يراجع نفسه ويستغفر الله ويقلع عن المعاصي والذنوب التي جعلته يفعل ذلك، أما إذا غلبه النوم وفاتته صلاة الجمعة فلا إثم عليه لأن القلم رفع عن ثلاث بينهم النائم حتى يفيق، ولكن إذا كان هذا نظام حياة أن ينام مع آذان الفجر ويستيقظ بعد الظهر يوميا فهنا لا يرفع عنه القلم لأنه لن يصلى الجمعة نهائيًا بحجة أنه نائم فهذا خطأ ولا يجوز شرعًا.

الأعذار التي تبيح التخلف عن أداء الجمعة دون قضاء

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيُّ أَوْ مَمْلُوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ، وَاللَّهُ غَنِيُّ حُمَيْدٌ» رواه الدارقطني والبيهقي في "سننيهما".

وروى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» وروى أبو داود في "سننه" عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ».

أداء الظهر أربع ركعات لمن تخلف عن الجمعة

وقضاء الجمعة بأن يصلِّيَها المكلف ظهرًا أربع ركعات بالإجماع؛ قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (4/ 107، ط. دار طيبة): [أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ من فاتته الجمعة أن يصلي أربعًا] اهـ.

قال العلامة ابن الملقن في "عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج" (1/ 359، ط. دار الكتاب): [ولا تقضى إذا فاتت جُمعةً، بل ظهرًا إجماعًا] اهـ. بتصرف يسير.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 254، ط. مكتبة القاهرة): [فأمَّا إذا فاتته الجمعة فإنَّه يصير إلى الظهر؛ لأنَّ الجمعة لا يمكن قضاؤها؛ لأنَّها لا تصح إلا بشروطها، ولا يوجد ذلك في قضائها، فتعيَّن المصير إلى الظهر عند عدمها، وهذا حال البدل] اهـ.