تواصل الحكومة المصرية العمل على تنفيذ برنامج الطروحات الذي أعلنت عنه قبل عدة أشهر لفتح المجال أمام المستثمرين والقطاع الخاص للمنافسة، إذ تساعد صفقات التخارج من الأصول المملوكة للدولة على تنميتها وضخ دماء جديدة وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، وتوفر جزءًا من التمويل الأجنبي المطلوب لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري، فضلًا عن استمرار تحقيق فائض أولي ونمو الإيرادات الضريبية.
البنك العربي الإفريقي
واتفق البنك المركزي مع الهيئة العامة للاستثمار الكويتية على خطة تتضمن بيع 20% من حصة كل منهما في البنك العربي الإفريقي الدولي، ومن المتوقع المصادر إتمام عملية البيع في عام 2024، من خلال طرح خاص لمستثمر استراتيجي وطرح آخر في البورصة المصرية.
[[system-code:ad:autoads]]
وفي وقت سابق من العام الحالي، أدرجت الحكومة البنك العربي الإفريقي على قائمة الـ 35 شركة وأصل مملوك للدولة تتطلع لبيع حصص منها.
ويمتلك البنك المركزي المصري وهيئة الاستثمار الكويتية حصة قدرها 49.4% في البنك لكلًا منهما، والنسبة المتبقية البالغة 1.2% مملوكة لمستثمرين آخرين، وفي الوقت نفسه، تدرس هيئة الاستثمار الكويتية إعادة تعيين "سيتي جروب" مستشارا ماليا لها في الصفقة المحتملة لتحديث دراسة سابقة أجراها لصالحها عن عملية التخارج، بينما يرغب المركزي المصري في الاستعانة ببنك "جيه بي مورجان" لإعداد دراسة أخرى، بحسب وثيقة حكومية كويتية.
وسبق أن أعدت "ماكنزي" دراسة لصالح مساهمي البنك العربي الأفريقي الدولي، ومن المقرر تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين للإشراف على عملية البيع. وسيضم تشكيل اللجنة رئيس مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي الدولي والعضو المنتدب للبنك، إضافة إلى ممثل عن الهيئة وآخر عن البنك المركزي المصري.
كانت هيئة الاستثمار الكويتية تدرس التخارج من حصتها في البنك منذ عام 2020، عندما عينت "سيتي غروب" مستشارا لها في الصفقة، بحسب ما ذكره المصدر. وفي أبريل الماضي، أفادت وسائل إعلام محلية بأن الهيئة تسعى إلى رفع حصتها في البنك، لتصبح المساهم الأكبر.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد معطي، إن الأزمات التي تحدث في الفترة الحالية داخليًا وخارجيًا قد تجعل بعض الدول تنهار اقتصاديًا، ولكن مصر استطاعت أن تواكب الأزمات الحالية وحققت الانضباط المالي لحد كبير، حيث استطاعت تحقيق فائض أولى 1.63 مليار دولار في عام 2022 /2023.
وأضاف معطي في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي مازالت أقل من 100%، وهناك ارتفاع في الناتج المحلي بما يحقق الاستقرار إلى حد ما، مشيراً إلى أن هناك تحديات داخلية وخارجية تواجه الاقتصاد منها فكرة المؤسسات الدولية التي تعمل على خفض التصنيف الائتماني للدولة.
وأشار إلى أن الدكتور محمد معيط وزير المالية أوضح أن ستاندر آند بورز غيرت النظرة السلبية إلى مستقرة وثبتت التصنيف قصير الأجل خلال الفترة القادمة بما يحقق الانضباط المالي.
وتابع هناك مظاهرات في بعض الدول بسبب ارتفاع الاسعار والتضخم، منها الولايات المتحدة الأمريكية التي تشهد مظاهرات في قطاع السيارات، لافتاً إلى أنه يجب النظر إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي داخليا وخارجيا خاصة مع الأزمة الفلسطينية.
مورد إضافي للموازنة
تسعى مصر من برنامج الطروحات للحصول على مورد إضافي لدعم موازنة الدولة، كما أنها تأمل في أن يشكّل تدخل المستثمرين الاستراتيجيين في الطرح أداةً لتحسين وضع بعض الشركات المطروحة.
وكانت أحدث صفقات التخارج للحكومة، هي استحواذ شركة "جلوبال للاستثمار القابضة المحدودة" الإماراتية الأسبوع الماضي على حصة 30% من أسهم الشركة الشرقية (إيسترن كومباني) المصرية المتخصصة بإنتاج التبغ والدخان، مقابل 625 مليون دولار، بالإضافة إلى توفير المشتري مبلغ 150 مليون دولار لشراء المواد التبغية اللازمة للتصنيع.
ويأتي برنامج الطروحات الحكومية كأحد شروط برنامج مصر مع اقتصاد الشرق، وهو الملف الذي اجتازت فيه مصر شوطا كبيرا، ليتبقى لديها ملفات أكثر سخونة تتعلق بسعر الصرف مقابل الدولار.
وفي ديسمبر الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على برنامج مدته 46 شهراً لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنوياً حتى منتصف سبتمبر 2026، بإجمالي 8 مراجعات. المراجعة الأولى؛ التي ستُصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض، كان يُفترض أن تتم منتصف مارس الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، نظراً لتأخر الحكومة بتنفيذ برنامج الطروحات حينها، وعدم اتسام سعر صرف الجنيه بالمرونة اللازمة، وكان من المفترض أن تتم تلك المراجعة في سبتمبر الحالي، لكن يبدو أنها معرّضة للتأجيل مجدداً وفقاً لكلام مسؤول حكومي مع "اقتصاد الشرق" الاسبوع الماضي.
ونفذت مجموعة أبوظبي القابضة (ADQ) منتصف أبريل الماضي، 5 صفقات ضخمة على عدد من أبرز الشركات المقيدة في البورصة المصرية بقيمة تلامس ملياري دولار، وشملت الصفقات الاستحواذ على 17% في البنك التجاري الدولي "CIB"، و32% من شركة “الإسكندرية لتداول الحاويات" و20% من "موبكو" و21.5% من "أبوقير للأسمدة" و12.6% من "فوري”.
واستحوذت الشركة السعودية المصرية للاستثمار، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي)، مطلع أغسطس 2022، على حصص أقلية مملوكة للحكومة المصرية في 4 شركات مدرجة بالبورصة بقيمة 1.3 مليار دولار.
تملكت الشركة السعودية المصرية، وفقًا للصفقات الجديدة، 25% من شركة “إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية”، و19.82% من شركة”أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية”، و25% من “موبكو للأسمدة”، و20% من “الإسكندرية لتداول الحاويات”.
استحوذت الشركة العربية للاستثمارات الفندقية والسياحية ICON التابعة لمجموعة طلعت مصطفى، منتصف يوليو الماضي، على حصة في ملكية وحقوق الإدارة في شركة الفنادق الحكومية التي تمتلك 7 فنادق.
وتستهدف الحكومة العمل على التفعيل والتوسع في برنامج الطروحات الحكومية؛ لتحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية ومن أهمها: تعزيز أداء البورصة المصرية وتنشيطها وتشجيع الاستثمار المؤسسي فيها، وتحسين بيئة التداول، وزيادة المعروض من الشركات المقيد لها أوراق مالية، وتوفير سيولة من النقد الأجنبي خلال فترة قصيرة، وإعادة هيكلة بعض أصول الدولة وتعزيز كفاءتها، وزيادة قيمة رأس المال السوقي للبورصة إلى الناتج المحلي الإجمالي.