يحرص المسلم على رضا الله تعالى في كلّ أموره بفعل ما أمره الله به، واجتناب ما نهاه الله عنه، وقد يقع من المسلم شيء من الزّلل أو الغفلة تجعله يقع في المعصية ومخالفة الشرع، وإذا حصل من الإنسان شيء من ذلك فعليه المبادرة بالاستغفار والتوبة عما وقع فيه، وقد بيّن القرآن الكريم حال المسلم إذا وقعت منه الذنوب والمعاصي، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر/ 53.
كل إنسان منا ضعيف وقد تغلبه نفس الإمارة بالسوء على فعل الذنوب والمعاصي ولكن عليه ان يكون حكيم نفسه ويتغلب على نفسه، لذا يتسأل الكثيرين هل ذنوب الخلوات تمنع الرزق والزواج؟.
هل ذنوب الخلوات تمنع الرزق والزواج ؟
ذنوب الخلوات هي المعاصي والذنوب التي يفعلها المرء بعيدًا عن أعين الناس وفي خلواته، والمسلم في هذه الدنيا معرَّض للوقوع في الذنب ، والمعصية ، والواجب على المسلم أن يحذر من ذنوب الخلوات , فالله تعالى قد ذم من يستخفي بذنبه من الناس ، ولا يستخفي من الله ، قال تعالى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) النساء/108 ،والواجب عليه – إن وقع فيهما - أن يسارع إلى التوبة ، والاستغفار ، قال تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
والله تعالى يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه ، كما جاء في الحديث عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِى وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ).
عقوبة ذنوب الخلوات في الدنيا والآخرة
1- الفضيحة أمام الناس في الدنيا والآخرة.
2- سوء الخاتمة.
3- عدم التوفيق في أمور الدنيا عمل، الزواج، الرزق ، الأولاد
4- عدم التوفيق للطاعة والتوبة.
5- مرض الجسد وضعف البدن .
دعاء يمنع ذنوب الخلوات
(( ربي أحرمني من لذة معصيتك وأكرمني وأرزقني من لذة طاعتك)).
(( ربي لا تجعلني محروماً ولا شقيا ولا عاصيا ولا مكروها))
4 أمور تغفر لك ذنوب الخلوات
1- قيام الليل.. المداومة على ركعتين فى الخفاء لا يراك احد فيهم إلا الله .
2- الإستغفار .. قال تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا».
3- الصدقة .. تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار .
4- الدعاء .. على أن يعينك الله على نفسك الضعيفة وتبتعد هن فعل المحرمات والمعاصي .
علاج ذنوب الخلوات
1- الإسراع في التوبة والاستغفار ، ويتمثل ذلك - بالنية الصادقة بترك الذنب والإقلاع عنه فوراً ، والندم على فعله ، ورد المظالم إلى أهلها ( كمن يسرق الناس ليلاً ) والعمل الصالح الذي يثبت صدق التوبة.
2- الدعاء لله تعالى بأن يبعد عنك هذه الذنوب ويكرهك بها ويحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك.
3- مجالسة الصالحين ورفقتهم.
4- تخصيص ورد يومي لقراءة جزء من القرآن الكريم .
5- إشغال النفس بما هو مفيد من أمور الدنيا والآخرة.
6- ملازمة الذكر والاستغفار والتسبيح .
7- تذكر أن الله يراك في السر والعلن ، وأن الله مطلع عليك في خلواتك.
8- استبدال الذنب الخفي بطاعة خفية ( كصلاة ركعتين في جوف الليل يومياً ) ليكون بينك وبين الله تعالى طاعة ، كما كان بينك وبينه معصية.
9- الإكثار من تذكر الموت ، وأنه ممكن أن يأتيك الموت وأنت على معصية وأثناء فعلها في خلوتك ، فماذا ستجيب الله تعالى.
10- تذكر النار وعذابها وما أعده الله تعالى للمذنبين المصرين على الذنب ، وتذكر الجنة ونعيمها وما أعده الله تعالى لعباده الصالحين فيها من نعيم مقيم.
11- إعلم أن باب التوبة مفتوح وأنه يمكنك تدارك الذنوب الآن ، والله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، قالوا: وما المجاهرين يا رسول الله ؟ قال : هم الذين يعملون المعاصي فيسترهم الله وهم يجاهرون بها ) .
هل ذنوب الخلوات تمنع الرزق والزواج ؟
واجاب الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، إنه يمكن للذنوب وكثرتها أن تمنع الرزق مثل الزواج، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم" إن العبد ليحرم من رزق هيأ إليه بسبب المعصية".
وأضاف عاشور خلال لقائه بالبث المباشر المذاع على صفحة دار الإفتاء، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن الزواج من ضمن الأرزاق لذلك على المسلم إذا فعل معصية أن يعقبها بتوبه وعمل صالح حتى تُذهب الحسنة السيئة .
وأشار المستشار العلمي للمفتي إلى أنه التوبة بأن يستغفر الله تعالى ويعزم على ألا يفعل الذنب مرة أخرة، والعمل الصالح يكون بذكر الله مثل قول لا اله الا الله أو الحمد لله او اي ذكر لله سبحانه وتعالى .
وأوضح أنه على المتعسر في الزواج بالإكثار من قراءة « فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ »
وقال الدكتور مجدي عاشور، المُستشار العلمي لمُفتي الجمهورية، إن دعاء «رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير» ييسر الزواج ويصلح الأحوال ويقضي الحوائج، منوهًا بأن سيدنا موسى -عليه السلام-، دعا به لما خرج من مصر وذهب إلى آل «مدين» وخدم ابنتي سيدنا شعيب وقضى الله حوائجه.
ونصح «عاشور»، بأن من يبحث عن الزوجة الصالحة والفقراء والمكروبين والمرضى بأن يفعلوا عملًا خيّرًا ثم يدعو بهذا الدعاء السابق.
وأوضح أن هذه الآية الكريمة «رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير» جاءت في سياق قصة موسى عليه السلام وخروجه إلى مدين في تلك الرحلة الشاقة التي حدثنا القرآن الكريم عنها، وفي بدايتها يتضرع إلى الله ويدعوه بقوله: «عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ» (القصص: من الآية22)، وفي هذه الآية يثني على الله تعالى ويسأله من الخير، والخير كلمة جامعة لما يلائم الإنسان وينتفع به ماديًا كان أو معنويًا، ومعناها «يا رب إني محتاج إلى ما أعطيتني من الخير، ووصف الخير بالمنزل للإشعار برفعة المعطي وهو الله سبحانه وتعالى».
وتابع: واستجاب الله دعاء موسى عليه السلام، فأحسن خير للغريب وجود مأوى يأوي إليه وفيه ما يحتاج إليه من الطعام والزوجة التي يأنس بها ويسكن إليها، وقد تيسرت هذه الأمور كلها لموسى -عليه السلام- عندما وصل إلى مدين وارتبط بذلك البيت الصالح.