يُعتبر الروائي الروسي فيودور دوستويفسكي من بين أهم الأدباء والكتّاب العالميين، حيث اشتهر بأعماله الأدبية الخالدة التي كتبها في القرن التاسع عشر.
تضمنت أعماله الروائية الرائعة مثل "الإخوة كارامازوف"، و"الجريمة والعقاب"، و"الأبله والشياطين".
من خلال كتاباته، قدّم دوستويفسكي تحليلًا للوضع السياسي والاجتماعي في روسيا القيصرية في ذلك الوقت، وتناول العديد من القضايا الفلسفية والدينية، بالإضافة إلى انتقاده لشخصيات مثل سيرجي نيتشاييف.
كان من الممكن أن يكون لدوستويفسكي، الذي ولد في 11 نوفمبر 1821، نهاية مبكرة لحياته الأدبية في منتصف القرن التاسع عشر، لكن تدخلًا حاسمًا في اللحظة الأخيرة أنقذه من الموت بالرصاص.
تأثر الأديب الروسي بشكل كبير بتلك الحادثة، وتغيرت نظرته للحياة، كما تبين من رسائله التي كتبها لشقيقه ميخائيل.
والده كان يعمل في أحد مستشفيات الفقراء في موسكو، وبتدريجية كسب ثروة تمكّنه من امتلاك أراضي وأملاك.
بعد وفاة والده، قرر دوستويفسكي، الذي كان يعاني من مرض الصرع، دراسة الهندسة العسكرية، وفي نفس الوقت بدأ في كتابة الروايات.
روايته الأولى "المساكين" التي نُشرت عام 1846 حققت نجاحًا كبيرًا، بينما فشلت روايته الثانية "الشبيه".
بناءً على نصيحة الشاعر الروسي ألكسي بليششيف، انضم دوستويفسكي إلى مجموعة ثورية تسمى مجموعة بيتراشيفسكي، التي تضمنت العديد من المثقفين الذين عقدوا اجتماعات سرية لمناقشة قضايا متعددة تتعلق بالإمبراطورية الروسية، مثل حرية الصحافة وتحرير الرقاب.
شارك دوستويفسكي بشكل محدود في تلك الاجتماعات، واستخدم مكتبة المجموعة للحصول على الكتب والقراءة.
في الوقت نفسه، حصل إيفان ليبراندي، مسئول في وزارة الداخلية الروسية، على معلومات حول نشاط مجموعة بيتراشيفسكي، ما أدى إلى بدء مطاردة أعضائها، بما في ذلك الكاتب الروسي الكبير.
تم اتهامه بقراءة كتب محظورة في البلاد، مثل تلك التي كتبها الكاتب الثوري فيساريون بلنسكي.
ولتبرير موقفه، أكد دوستويفسكي للمحققين الروس أنه قرأ تلك الكتب المحظورة من منظور أدبي وثقافي بعيد عن التجاذبات السياسية.
اعتقال دوستويفسكي
في ديسمبر 1848، تم اعتقال دوستويفسكي وأعضاء آخرين من مجموعة بيتراشيفسكي التي كانوا يناقشون قضايا سياسية واجتماعية في روسيا.
تم سجنهم في قلعة "بطرس وبولس" في سانت بطرسبرغ.
بعد محاكمتهم، أصدر القيصر نقولا الأول حكم الإعدام بالرصاص في حقهم.
قبل تنفيذ حكم الإعدام، حل مبعوث من القصر الإمبراطوري بساحة سيميونوف في سانت بطرسبرغ وأعلن أن القيصر قد قرر تخفيف أحكامهم.
وبناءً على ذلك، تم إلغاء حكم الإعدام في حق دوستويفسكي وحكم عليه بالنفي والأشغال الشاقة في سجون سيبيريا لمدة أربع سنوات.
وهكذا، تمكن دوستويفسكي من النجاة من حكم الإعدام، وعاش في السجون السيبيرية لبضع سنوات قبل أن يتم العفو عنه ويعود إلى المجتمع الروسي.
هذه التجربة القاسية تركت أثرًا عميقًا على دوستويفسكي وأثرت في كتاباته ونظرته للحياة والإنسانية.