دعاء الصباح في السنة النبوية، هو من بين عديد السنن التي يغفلها الكثيرون خاصة في ليلة ونهار رفع العمل الأسبوعي، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن الأعمال ترفع يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، لذا احرص على ترديد دعاء الصباح في السنة النبوية، حتى تنل البركة في الرزق والسعي ونفع الدارين.
دعاء الصباح في السنة النبوية المشرفة
الصبح هو أحد الأوقات الشريفة التي أقسم بها المولى تبارك وتعالى في الوحي الخاتم، ودلت على فضله السنة، فعن أبي زهير عمارة بن رؤيبة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» يعني: الفجر والعصر. رواه مسلم، وعن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم، لا يطلبنك الله من ذمته بشيء» . رواه مسلم.
كما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون» . متفق عليه.
وعن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا» . متفق عليه. وفي رواية: «فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة» .
وفي دعاء الصباح في السنة النبوية فقد علمنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم في سنته المشرفة فضل دعاء الصباح، وقد حرص الرسول الكريم على دعاء الصباح كل يوم، يقول صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لأمتي في بكورها".
دعاء الصباح في السنة النبوية المشرفة
1- عن شداد بن أوس – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم : سيد الاستغفار أن يقول : «اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» قال : من قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة (رواه البخاري) .
2- عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : علمني دعاء أدعو به في صلاتي ؟ قال : قل : «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»(رواه البخاري واللفظ له ورواه مسلم ) .
3- عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم»(رواه البخاري واللفظ له ورواه مسلم ) .
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء» قال سفيان : الحديث ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي (رواه البخاري واللفظ له ورواه مسلم).
5- عن مصعب قال : كان سعد يأمر بخمس ويذكرهن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بهن : «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا يعني فتنة الدجال، وأعوذ بك من عذاب القبر»(رواه البخاري واللفظ له ورواه مسلم ) .
6- عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - : كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات» (رواه البخاري) .
7- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : «اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر ومن فتنة النار وعذاب النار ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال , اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» (رواه البخاري واللفظ له ورواه مسلم ).
8- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال» (رواه البخاري) .
9- عن أنس رضي الله عنه قال : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» (رواه البخاري ورواه مسلم ) .
10- عن ابن أبي موسى عن أبيه – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء : «رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وجدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير» (رواه البخاري ورواه مسلم ) .
حكم أداء صلاة الصبح في وقتها
الصلاة لها أوقات معلومةٌ ومُحددة شرعًا يجب على المكلف أن يؤديها في هذا الوقت؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣]؛ قال الإمام أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط في التفسير" (4/ 54، ط. دار الفكر): [أي: واجبةً في أوقاتٍ معلومةٍ] اهـ.
وقت صلاة الصبح
من المقرر عند الفقهاء أن وقت صلاة الصبح ممتدٌّ بعد الأذان إلى طلوع الشمس، فإذا طلَعت الشمس فقد خَرَج وقت الصبح. ينظر: "المبسوط" (1/ 141، ط. دار المعرفة)، و"مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (1/ 399، ط. دار الفكر)، و"المجموع شرح المهذب" (3/ 43، ط. دار الفكر)، و"المغني" (1/ 279، ط. مكتبة القاهرة).
حكم صلاة الصبح جماعة بعد طلوع الشمس
إذا فات هذا الوقت المُقَيَّد صارت تلك الصلاة فائتةً، والفقهاء متفقون على أَنَّ الفائتة يجب قضاؤها. ينظر: "البحر الرائق" (2/ 84، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الشرح الكبير" (1/ 263، ط. دار الفكر)، و"المجموع شرح المهذب" (3/ 68، ط. دار الفكر)، و"مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (1/ 323، ط. المكتب الإسلامي).
والفقهاء متفقون أيضًا على جواز صلاة الصبح بعد خروج وقتها بطلوع الشمس جماعة، بل ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّها من المستحبات.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 154، ط. دار الكتب العلمية): [فإن فاته صلاةٌ واحدةٌ قضاها بأذان وإقامة، وكذا إذا فاتَتِ الجماعةَ صلاةٌ واحدةٌ قَضَوْهَا بالجمَاعة بأذانٍ وإقامةٍ] اهـ.
وقال الشيخ الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 319، ط. دار الفكر): [(فَصْلٌ) في بيانِ حكم صلاة الجماعة وما يَتعلقُ بِها (الجَمَاعةُ)؛ أي: فِعْلُ الصلاة جماعةً؛ أي: بإمام ومَأمومٍ (بِفَرضٍ) ولو فَائتةً (غير جُمُعَةٍ سُنَّةٌ) مُؤكدةٌ] اهـ.
وقال شيخ الإسلام الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 189، ط. دار الفكر): [أما المَقْضية من المكتوبات فليست الجماعة فيها فرضَ عينٍ ولا كِفايةٍ بلا خلاف، ولكن يُستحب الجماعة في المقضية التي يَتَّفِقُ الإمام والمأموم فيها] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 72، ط. دار المؤيد): [(ويجب فورًا) ما لم يتضرر في بدنه أو معيشة يحتاجها أو يحضر لصلاة عيد (قضاء الفوائت مُرتَّبة) ولو كَثُرت، ويسن صلاتها جماعة] اهـ.
واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قَفَل من غزوة خيبر، فسار ليلة حتى إذا أدركه الكَرَى عَرَّس، وقال لبلال رضي الله عنه: «اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ»، فصَلَّى بلال ما قُدِّر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مُواجِه الفجر، فغَلَبت بلالًا عيناه، وهو مستندٌ إلى راحلته، فلم يستيقظ بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَوَّلهم استيقاظًا، ففَزِع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيْ بِلَالُ!»، فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسول الله! قال: «اقْتَادُوا»، فاقتادوا رواحلهم شيئًا، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر بلالًا فأقام الصلاة فصَلَّى بهم الصبح، فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة قال: «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ قَالَ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]». رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
يقول شيخ الإسلام الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (5/ 183، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (فصَلَّى بهم الصبح) فيه استحباب الجماعة في الفائتة] اهـ.