الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبد المعطي أحمد يكتب: حقائق ومتغيرات ما بعد غزة

عبد المعطي أحمد
عبد المعطي أحمد

أيا ما كانت نتيجة الحرب الدائرة فى غزة الآن فإنها تقدم لنا حقائق ومتغيرات جديدة سواء على مستوى الداخل الفلسطينى والداخل الإسرائيلى، أو على المستوى العربى والإقليمى والعالمى، وتضع فى أيدينا أوراقا تحتاج إلى استثمارها بحكمة وحسم فى آن واحد لتؤتى ثمارها الإيجابية:
أولا: القضية الفلسطينية لن تموت، بل لعلها قد بعثت من جديد أشد قوة بفضل دماء الشهداء، وتضحيات المصابين.
ثانيا: الشعب الفلسطينى لن يترك أرضه وحقوقه وأولها حقه فى دولة مستقلة ذات سيادة على كامل أرضه المحتلة.
ثالثا: رغم تحفظاتنا على حماس وممارساتها فى أحداث 2011 إلا أنها فصيل ينتمى - مع أخواتها من فصائل المقاومة- لشعب وأرض محددين بمئات القرارات الدولية، ومحصنين بجميع القوانين والمواثيق الدولية، وليست كما حاول نتنياهو تصويرها بأنها مثل "داعش" ليبرر دعوته للقضاء عليها, فداعش لاتمثل شعبا، بل هى كيان يضم أشتاتا من مختلف الجنسيات، ولايوجد سند من الشرعية الدولية لبقائه.
رابعا: لدينا زخم من التأييد العالمى لحقوق الفلسطينيين سواء على مستوى الحكومات – كما ظهر من التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة – أوعلى مستوى الرأى العام العالمى الذى تعبر عنه شعوب العالم من مختلف قاراته كل يوم بالمظاهرات والمسيرات التى تدين وحشية الحرب الإسرائيلية، وتطالب بوقفها وتؤيد حقوق الفلسطينيين.
خامسا: لدينا انقسام داخلى فى أمريكا ومثله فى أوروبا تجاه دعم الحرب الاسرائيلية على عكس ماحدث تجاه أوكرانيا، ويكفى أن أمريكا لم تجد من يعترض على قرار الأمم المتحدة الأخير بشأن غزة سوى أربع عشرة دولة ليس من بينها سوى أربع دول أوروبية فقط هى: النمسا وكرواتيا والمجروالتشيك، بينما أيدت القرار أربع عشرة دولة أوروبية على رأسها فرنسا التى تقود الاتحاد الأوروبى وبلجيكا ولوكسمبرج، حيث مقر هذا الاتحاد، فضلا عن دول مهمة مثل: أسبانيا، والبرتغال، والنرويج، وسلوفينيا وغيرها خروجا من "بيت الطاعة" الأمريكى.!
سادسا: بات من الضرورى والحتمى إنهاء الانقسام الفلسطينى بين فتح وحماس والجبهة الشعبية، وغيرها من الفصائل، وبدء صفحة جديدة، ونسيان الماضى بكل سلبياته، ليصبح الجميع حركة مقاومة موحدة.  
هذه الحقائق والمتغيرات المخضبة بدماء الشهداء وصرخات المكلومين تطرح سؤالا أساسيا عن كيف ننجح فى استثمارها فى إعادة ترتيب البيت الفلسطينى والبيت العربى، وكيف ننتقل بمواقفنا من مستوى الإدانة والشجب والاكتفاء بتقديم المساعدات الإنسانية إلى مستوى الإدانة بالفعل وباستخدام هذه المتغيرات وما فى أيدينا من أوراق، وأظن أن القمة العربية المرتقبة فى الرياض يوم السبت المقبل يمكن أن تمثل نقطة البداية على هذا المسار الجديد.
• أمر الغرب وأمريكا عجيب وغريب، فهم يسنون القوانين لما يسمى بحقوق الإنسان، أو حتى الحيوان من وجهة نظرهم فقط، بل إنهم يدينون أى انتهاك، ويصل الأمر إلى توقيع عقوبات بحق من يتعامل من وجهة نظرهم فقط بطريقة غير لائقة مع الإنسان، أو حتى الحيوانات، لكنهم وهذا هو الشاذ، والغريب يتلذذون بسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ فى غزة، وكأنهم من فصيلة مصاصى الدماء الذين كنا نشاهدهم فى الأفلام، ونتعامل معهم على أنهم شخصيات من وحى الخيال الفنى والسينمائى، لكن الأيام أظهرت أن هناك من هم أشد منهم قسوة، وظلما، وعدوانا.
• من أبيات الشعر التى درستها فى المرحلة الثانوية، ومازالت محفورة فى ذاكرتى ووجدانى تلك الأبيات التى وردت فى ديوان"أتسأل مصر ماذا حمل العميد" للشاعر أحمد محرم والذى يتناول فيه حقبة من سنوات الاحتلال و"المعتمد البريطانى" فى تلك الفترة ومقاومة مصر للاحتلال قال الشاعر: عميد الغاصبين نزلت أرضا
        يبيد  الغاصبون ولاتبيد
        يذود الواحد القهار عنها
        إذا قهرت جنودك من يذود
• نتوهم أحيانا أننا وصلنا إلى نهاية المطاف، ولن يعرف الأمل والحماس والنجاح عنواننا، لكن الحياة علمتنى أن النجاح ليس له ميعاد فى حياة البشر، يأتينا فى مرحلة الشباب، ويأبى أن يلتقينا فى خريف العمر، لايعرف الفوارق ولايميز بين البشر، وإنما يقف على مسافة واحدة من الجميع، لكنه ينتظر اللحظة التى ندرك فيها كيف نغير أقدارنا بالعزيمة والمثابرة والإصرار. وعلمتنى الحياة أيضا أن قمة السعادة ليست بما تحصل عليه من الدنيا، بل السعادة بما تعطيه للآخرين حقا، وصدقا، ويقينا.