تسعى إسرائيل منذ تأسيسها ١٩٤٨م ، بلا كلل، إلى القضاء على العناصر الفلسطينية ومحاولة تمحيص وطمس هوية الشعب الفلسطيني. وصلت هذه المحاولات إلى مستوى الآثار والتراث والمأكولات الشعبية التاريخية.
الاستيلاء الثقافي
أشار الباحث في الآثار محمود مرزوق إلى أن الكيان الإسرائيلي يعتمد فكرة الاحتلال والاستبدال، حيث يُهجِّر سكان فلسطين الأصليين ويطردهم من أراضيهم عن طريق التهجير القسري والمذابـ ح الدموية التي نُفِّذت في عام 1948، هناك بعض العناصر التي لم تستطع إسرائيل القضاء عليها، وقد حاولت الاستيلاء عليها، هنا يبرز مصطلح "الاستيلاء الثقافي"، حيث قامت إسرائيل منذ تأسيسها بعمليات احتلال ثقافي واسعة على التراث الفلسطيني، سواء في المطبخ أو الأزياء أو الآثار الخاصة بهم.
واستطرد في حديثه لـ صدى البلد: تستخدم إسرائيل علم الآثار والتراث لتأكيد وجودها وتلوينها بألوان تراثية تُعرض للعالم المتحضر على أنها أمة عريقة انقطع اتصالها بتراثها لفترة، ثم أعادت الاتصال مع تراثها بتأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، والحقيقة هي أن إسرائيل اتبعت سياسات استيلاء ثقافي على التراث الفلسطيني، وتمت سرقة العديد من العناصر البارزة المرتبطة بفلسطين، وذلك من خلال حملات الدعاية الكبيرة التي تدعي أن هذه العناصر هي إسرائيلية وليست فلسطينية، فالكاذب ينشر الأكاذيب ويجعلها مصدقة، وهذا ما تفعله إسرائيل.
المطبخ الفلسطيني
وأضاف: ومن بين الأمثلة البارزة على ذلك هو المطبخ الفلسطيني والأطباق البارزة في المطبخ العربي بشكل عام، فعلى الرغم من أن بعض الأشخاص قد يستغربون فكرة استيلاء الأكلات، إلا أن هذا الموضوع يحمل معاني أخرى، حيث يُعتبر تنوع المطبخ الخاص بكل أمة دليلًا حيًا ووثيقة تاريخية تدل على قِدم تلك الأمة.
ويتم نقل ثقافة الطبخ العريقة من جيل إلى جيل، وبالتالي فإن جميع الأمم العريقة في العالم مثل مصر والعراق والشام وإيران تحتفظ بمطابخ عريقة وطويلة التاريخ، وتعتمد على الخبرات الموروثة والكتابات القديمة والوسطى والحديثة ذات الصلة بالطبخ والأطباق التي تعتبر جزءًا من تلك الثقافة، ومن بين هذه الأمم العريقة، تتميز فلسطين بتراث غني ومتنوع في المطبخ، حيث تعكس الأطباق التقليدية والوصفات الفلسطينية تاريخًا وهوية وثقافة الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، فإن إسرائيل تسعى لاستيلاء على هذا التراث الغذائي وتسويقه كجزء من الثقافة الإسرائيلية.
تحدثت العديد من المنظمات الفلسطينية والنشطاء عن عمليات الاستيلاء الثقافي التي تقوم بها إسرائيل على المطبخ الفلسطيني، فإسرائيل ادعت أن الحمص طبق اسرائيلي وكل عام يقام مهرجان كبير للحمص والمنصات الإعلامية الإسرائيلية تحتفي بالأمر و نفس الأمر تطرق إلى الفلافل وهي جزء من المطبخ الفلسطيني، وطوال الوقت يؤكدون أنها أكلة خاصة بهم، و يدعون السياح للمجيء لتذوق الفلافل، وفي إحدى المرات وقف بنيامين نتنياهو في إحدى جولاته الانتخابية وتناول الفلافل أمام مطعم من المطاعم الإسرائيلية للتأكيد على أنها أكلة إسرائيلية وجزء من الكيان المستعمر.
الأزياء الفلسطينية
إسرائيل كذلك استولت على شيء مهم جدا من التراث الفلسطيني وهي الأزياء وكل منطقة داخل أرض فلسطين التاريخية، كان يميزها زي معين للنساء وأزياء خاصة للفتيات والسيدات والعجائز ومناطق مثل رام الله وبيت لحم وكل مكان له الزي المميز الخاص به، فاختارت إسرائيل الزي المميز لسيدات منطقة بيت لحم في الضفة الغربية وحولوه إلى زي مميز لمضيفات طيران شركة الطيران الاسرائيلية الأشهر والأمر تمت مواجهته والفلسطينيون المعنيون بالتراث واجهوهم وتم تسجيل التطريز الفلسطيني والعادات والتقاليد المرتبطة به في قائمة اليونسكو غير المادي.
واستطرد: في عام ٢٠١٧ كان هناك نصر ثقافي كبير نجح التراثيون الفلسطينيون في إدراج مدينة الخليل وهي مدينة شهيرة وتاريخية ولها قيمتها الدينية والتاريخية على قائمة التراث العالمي كجزء من أرض فلسطين ووقتها ثارت ثائرة الاسرائيليين، واتهموا اليونسكو بمحاباة الفلسطينيين وتطور الأمر فيما بعد إلى انسحابهم من المؤسسة الدولية بشكل عام، وعادوا لها لاحقًا بعد أن تمت تسوية الأمر والشاهد من كل تلك الأمثلة ان إسرائيل من خلال التراث والاثار تمحو اي وجود فلسطيني حتى لو اشخاصا او تراثا او كلمة ستقولها مؤسسة دولية غير مسموح لكل ما هو فلسطيني بالحياة.
هذه العمليات تهدف إلى المساهمة في محاولة إسرائيل لتمحيص الهوية الفلسطينية والتأثير على المجتمع الدولي بفكرة أن المأكولات الفلسطينية تعتبر جزءًا من التراث الإسرائيلي. إن استيلاء إسرائيل على التراث الفلسطيني والمطبخ يعتبر جزءًا من مسعاها للتطهير الثقافي والتأثير على الواقع الثقافي والتاريخي للشعب الفلسطيني.
لذا، يجب على الجهات المعنية والمجتمع الدولي التعرف على هذه الممارسات والتعامل معها بحذر. يجب تعزيز وحماية التراث الثقافي الفلسطيني والمساهمة في الحفاظ على هويته وتاريخه وثقافته المتنوعة.