أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية، ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسئولياته بشأن التصعيد العسكري في غزة، من خلال العمل المكثف على احتواء الموقف وتجنب توسع نطاق العنف، مع ضرورة إعادة إطلاق مسار السلام، وتطبيق مبدأ حل الدولتين، بما يحقق العدل والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.
لقاء مصري لبناني
واستقبل الرئيس السيسي اليوم نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية، بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، والسفير علي الحلبي سفير لبنان بالقاهرة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن اللقاء شهد تأكيد قوة وعمق العلاقات التاريخية الوثيقة والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين، حيث شدد الرئيس في هذا الصدد على ثبات الدعم المصري لمؤسسات الدولة اللبنانية بما يحافظ على استقرار لبنان وأمن شعبها، وهو ما ثمنه رئيس الحكومة اللبناني، مؤكدًا أهمية الدور المصري في ترسيخ الاستقرار بلبنان، بما يعكس خصوصية العلاقة بين البلدين.
وذكر المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول كذلك سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، كما جرى التباحث حول الأوضاع الإقليمية والتصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، حيث أعرب الرئيس ميقاتي عن التقدير للدور المصري المسئول في هذه الأزمة الخطيرة على المسارين السياسي والإنساني، واستعرض الرئيس الجهود التي تقوم بها مصر للدفع في اتجاه وقف إطلاق النار وإتاحة المجال لنفاذ المساعدات الإنسانية.
في هذا الصدد قال الدكتور اياد سكرية أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية ، إن زيارة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الى مصر تأتي في سياق سلسلة زيارات يقوم بها ، و من الضروري معرفة متانة وقوة العلاقة التي تربط لبنان بمصر، حيث إن دوماً مصر تقف الى جانب لبنان ، وتلعب دور أساسي على الساحة الإقليمية والدولية ومن هذا المنطلق كان لبنان حريص دائما على هذه العلاقة ومصر كذلك كانت حريصة على ان تقوم بهذا الدور الدبلوماسي الهادف والمميز، كثيراً الدور المصري ، كما أن مصر تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف، وهناك رضا وبدون مبالغة من كل الأطراف في لبنان، كما أن هناك اجماع على الدور المصري وأن مصر لم تقف ابداً مع طرف ضد طرف آخر.
وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد" فيما يخص لبنان، فإن لبنان يمر بأصعب ظرف وأصعب أزمة على المستوى الاقتصادي ، حتى ان اليوم الاقتصاد اللبناني يعاني من ازمة كبيرة، فهناك أسباب لها علاقة بالأداء والسلوك الداخلي قبل ان نتحدث عن المؤامرات او الازمات الخارجية ، مشيراً إلى أن لبنان به نسبة فقر كبيرة ونسبة بطالة كبيرة كما أن هناك تردي على كل المستويات فهناك تردي في الوضع المعيشي، وكذلك المؤسسات الحكومية الخدمات مفقودة بها سواء على المستوى الصحي او على المستوى التربوي ، وهناك أسباب داخلية وأسباب خارجية من بينها؛ الازمة في سوريا حيث إنه جغرافيا فإنها على مقربة من الحدود السورية وعندما حدثت الازمة في سوريا عام 2011 أنعكس على الواقع اللبناني أصبح هناك ما لا يقل عن ثلاثة ملايين أو مليونين ونصف نازح سوري في لبنان في حين أن لبنان غير جاهز لتلبية احتياجات أبناؤه كيف له أن يلبي حاجة هذا العدد الكبير من النازحين؟ ، وبالتالي هذا يشكل تداعيات على الوضع الصحي وعلى البنية التحتية فضلاً عن مستوى الأمن، فبالتالي توصيف الواقع الاقتصادي في لبنان هو توصيف “حزين للغاية” ، حتى أنه إذا تحدثنا على سعر العملة فاليوم سعر الدولار يساوي 100000 ليرة لبنانية بعد أن كان 1500 ، وبالتالي القدرة الشرائية انخفضت والأسعار ارتفعت ، خاصة وأننا ليس بلد منتج من الزراعة او الصناعة فبالتالي كل المنتجات تأتي من الخارج، فبالتالي نحن امام واقع اقتصادي صعب.
واستكمل: من الطبيعي ان يكون من بين الأهداف الرئيسية للقاء الذي تم بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و الرئيس عبد الفتاح السيسي هو تسليط الضوء على هذا الواقع الاقتصادي، فضلاً عن أهمية الدعم السياسي حيث إن لبنان على مدار عام يعيش في فراغ و شغور رئاسي بسبب الخلاف السياسي بين الأطراف اللبنانية، مشيراً أنه على المستوى السياسي الجميع يحترم مصر فبالتالي يمكنها أن تلعب دوراً في سياق انتخاب رئيس جمهورية للبنان مضيفاً إنه دائما يكون الاستحقاق الرئاسي في لبنان له بعد محلي واقليمي ودولي، ولفت إلى أنه بالتأكيد تم التطرق لمسألة الغاز حيث إنه كان هناك اتفاق على ان تزود مصر لبنان بالغاز، فبالتأكيد قد استئناف رئيس الحكومة الحديث حول هذا الأمر وتزويد لبنان على مستوى الطاقة، مشيراً إلى أن الكهرباء في لبنان والكهرباء التي تقدمها الدولة تكون ساعة او ساعتين فقط والاعتماد يكون في الاغلب على المولدات الخاصة و الطاقة الشمسية.
وتابع: لبنان يعتمد على الخدمات وعلى السياحة كما أنه اعتاد لنظراً لأسباب تتعلق بالأداء السياسي فهو يعتم أيضا على المساعدات الخارجية خاصة دول الخليج وبالتحديد من السعودية ، ونظراً للتوترات بينهم فتم وقف كل المساعدات الاقتصادية و الاجتماعية فضلاً عن عدم السماح للسياح الخليجيين بالمجيء الى لبنان، و بالتالي من الممكن أن يكون قد بحث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الرئيس السيسي إمكانية استئناف هذه العلاقات بما سيترتب عنها مساعدة لبنان اقتصاديا.
وأردف: بالتأكيد تناول الرئيسان الأحداث الحالية قطاع غزة وما يتعرض له القطاع من جرائم صهيونية وإسرائيلية، وبالتأكيد أكد وأعرب الرئيس السيسي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي على حرصه على استقرار لبنان ، والحفاظ على استقراره السياسي و الاقتصادي وبالتالي الحفاظ على وحدته، وبالطبع تم تناول ما يحدث على الحدود اللبنانية مع العدو الإسرائيلي.
و من جانبه قال فادي عكوم الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، إنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها لبنان للقيادة المصرية والمؤسسات الحكومية المصرية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي عند اشتداد أي ازمة خاصة وأن هذه الفترة تشهد تصاعدا في الأزمات المتتالية في لبنان وجديدها كان التوتر الأمني الموجود في الجنوب اللبناني، وبالتالي فإن نجيب ميقاتي يعلم جيدا بأن مصر هي الداعم الأول والأخير لمؤسسات الدولة اللبنانية، وكانت الحكومات اللبنانية المتلاحقة تشدد على أهمية العلاقات مع مصر وسبل تعزيزها كون مصر من الدول العربية التي لم تقطع الدعم السياسي والدبلوماسي واللوجيستي ، والعديد من الأزمات السياسية تم حلها في بيت السفير المصري كون الدبلوماسية المصرية تمارس الدبلوماسية الناعمة أي تستطيع التواصل مع جميع الأطراف اللبنانيين لنزع فتيل الأزمات عند حدوثها، وهذا ما شاهدناه خلال ازمة الرئاسة الماضية وربما ما كنا سنشهده حاليا لولا تصاعد التوتر في الجنوب اللبناني.
وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد" بالنسبة لتأكيد الرئيس السيسي على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين ودعم مصر الدائم للمؤسسات الحكومية اللبنانية، فهذا بالتحديد ما يريده ميقاتي من هذه الزيارة، والتي تعتبر لافتة جيدة خاصة خلال هذه الفترة التي يشهد فيها لبنان ازمة سياسية جديدة بعد دخول حزب الله في معركة طوفان الأقصى ، و نحن نتكلم الآن عن قرار الحرب والسلم والذي قد يفجر الأزمات السياسية أكثر في الداخل اللبناني
واستكمل: قدمت مصر تاريخيا الكثير للبنان ولا تزال ، حتى على الصعيد الإنساني ربما ما لا يعرفه الكثيرون بأن المستشفى الميداني العسكري المصري موجود منذ عقود في بيروت وهو من المستشفيات الغير لبنانية القليلة التي تقدم الخدمات مجانا لأبناء بيروت وجميع المناطق.
مصر الشقيقة الكبرى
وقال الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز، إنه دائما يكتسب اللقاء بين رئيس جمهورية مصر والمسؤولين اللبنانيين أهمية خاصة ، فمصر هي الشقيقة الكبرى للبنان ولكل دولة عربية ، ولطالما كان لبنان يدخل في صميم الاهتمام المصري خاصة في ظل الأزمات العديدة ومختلفة الأسباب التي شهدها لبنان ولا يزال .
وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد" إذا استعرضنا التاريخ السياسي الحديث نجد أن لبنان تعرض إلى 12 أزمة كبرى منذ استقلاله عام 1943 وتدخلت مصر إيجابيا لحل 8 أزمات منها ولعبت دورا عربيا أساسيا لحل الباقي ، اذن فإن الباب المصري كان يشكل المدخل الصالح والدائم لحل الأزمات اللبنانية، وفي هذا الإطار يأتي لقاء الرئيس السيسي اليوم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي ، فمصر تقود اليوم دورا عربيا جامعا يتصدى لمخططات إسرائيل في تهجير اهل غزة وفي محاولة تصفية القضية الفلسطينية ، ويتمحور هذا الدور في الجهد المبذول لوقف الحرب على غزة ومساندة صمود أهلها بالمواد الحياتية والاغاثية وكذلك في أحياء المشروع العربي القائم على أساس حل الدولتين .
واستكمل: من جهته فإن لبنان يتعرض اليوم لتهديدات إسرائيلية بتوسيع الحرب على أراضيه ويقابل ذلك عمليات للمقاومة اللبنانية ، مشيراً إلى أن الحكومة اللبنانية أعلنت تمسكها بالقرار الدولي 1701 الذي يؤكد على وقف الحرب على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ، لكن هناك خرق لهذا القرار بموجب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة والتي في حال تفاقمها أكثر سوف تهدد الإقليم كله ، الأمر الذي يوجب التخطيط بعقلانية وتبصر لتجنب توسيع مجريات الحرب خاصة وأن لبنان المبتلى بتدهور أوضاعه الاقتصادية والنقدية والاجتماعية بل والانقسام السياسي في المواقف تجاه هذه الحرب لا يستطيع تحمل المزيد من الأعباء والويلات ، مما يوجب التشاور بين الحكومة اللبنانية والأشقاء العرب وفي طليعتهم مصر لتجاوز هذه المرحلة الصعبة باقل قدر من الخسائر .
وقال الدكتور عبد الله نعمة المحلل السياسي اللبناني، إن زيارة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الى جمهورية مصر العربية للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي تأتي للتشاور في أوضاع المنطقة وما يجري فيها من احداث تطال كل المنطقة العربية مثل موضوع الحرب على غزة التي من الممكن ان تتمدد لتصبح حرب عالمية ثالثة ونحن نعلم ان الضربة الموجعة التي تلقاها الكيان الإسرائيلي شديدة للغاية جعل إسرائيل تحمي نفسها بأمريكا واساطيلها واساطيل حلف الناتو وغيرهم ، ويريد هذا الكيان توريط الباقي من الجيوش العربية وعلى رأسهم جيش الامة جيش القومي العربي جيش العرب جيش مصر حيث أنه هو الوحيد القوي والقادر على صد أي عدوان، ولكن هذا الكيان بعدما ورط أمريكا في حرب غزة، ويريد توريط مصر وجبش مصر لنتذكر العدوان الثلاثي وليتكرر اليوم على مصر ان مصر ستبقى الشوكة في عينهم.
وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد" جاءت زيارة نجيب ميقاتي للتشاور وللعمل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي كما أنها تأتي في إطار حرص القيادة المصرية على لبنان، مصر التي عودتنا في لبنان انها هي صمام الأمان للبنان في كل المحن كما انها وحدها التي تقوم بجهود كبيرة للدفاع عن الفلسطينيين وعن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، مصر هي من أدخلت المساعدات الإنسانية الى غزة وما زالت يوميا تواجه أصعب المشاكل على الحدود وعلى معبر رفح وهي من تأتي وبسيارتها كل الجرحى والمصابين وتقوم بإدخالهم وعلاجهم في مصر، مشيراً إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بداية الحرب على غزة وهو لديه موقف بطولي ومشرف عندما قال سيناء خط احمر ولم يسمح بتهجير الفلسطينيين.
وأشار: كلام حسن نصرالله بالأمس خاصة انه قال لأمريكا والمجتمع الدولي يجب أن تتوقف الحرب عن الأطفال والنساء ، ويجب أن يعرف الجميع أن أي خطأ من قبل أمريكا او إسرائيل على لبنان ، فإن المنطقة بأكملها ستشتعل وان المقاومة اللبنانية جاهزة لهذا الواقع.
وأختتم: أما بالنسبة للعلاقات اللبنانية المصرية فهي علاقة متينة، مشيراً إلى أن مصر هي الأم والأم لا تختلف معها، حماه الله مصر قيادة، وشعبا ونحن لا نخاف بوجود القوات المسلحة المصرية.