الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"نصوص دينية ضد لدغات الثعابين على جدار المقبرة".. اكتشافات أثرية جديدة

صدى البلد

تُهادي مصر البشرية بـ اكتشافات أثرية جديدة، تؤكد احتفاظها بالكثير من أسرار التاريخ، وأن أرضها لا تزال زاخرة بالآثار وعجائب الحضارة. وجدت بعثة أثرية أن حجرة دفن الكاتب الملكي “جحوتي إم حات” غنية بالنصوص والمناظر، ويوجد على الجدار الشمالي (المدخل) سلسلة طويلة من النصوص الدينية ضد لدغات الثعابين والمقتبسة من نصوص الأهرامات.

كشفت البعثة الأثرية التشيكية التابعة لكلية الآداب، جامعة تشارلز ببراج أثناء أعمالها بمنطقة آثار أبوصير عن مقبرة الكاتب الملكي “جحوتي إم حات” التي يعود تاريخها لمنتصف الألفية الأولى قبل الميلاد، ويضم هذا الجزء من جبانة أبوصير مقابر لكبار المسئولين والقادة العسكريين من الأسرتين السادسة والعشرين، والسابعة والعشرين، وله أهمية كبيرة بالنسبة لدارسي المجتمع المصري القديم خلال هذه الحقبة.

 التغيرات التاريخية في مصر خلال الأوقات المضطربة

صرح بذلك الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مشيراً إلى أن أهمية الكشف عن هذه مقبرة الكاتب الملكي يرجع إلى كون شخصية هذا الكاتب الملكي “جحوتي إم حات” الذي عاش خلال فترة الأسرة السابعة والعشرين من التاريخ المصري القديم، لم تكن معروفة من قبل، مضيفاً أن هذا الاكتشاف الجديد، إلى جانب الاكتشافات السابقة في موقع أبوصير ومنها مقبرة القائد العسكري “واح إيب رع” التي تم الكشف عنها العام قبل الماضي بواسطة البعثة التشيكية، سوف يلقي المزيد من الضوء على التغيرات التاريخية التي حدثت في مصر خلال الأوقات المضطربة في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد.

وأوضح الدكتور مارسلاف بارتا مدير البعثة التشيكية أن المقبرة شيدت على شكل بئر ينتهي بحجرة للدفن، وأنه علي الرغم من أن الجزء العلوي من المقبرة لم يعثر عليه سليماً، إلا أن حجرة الدفن تحتوي علي العديد من المناظر والكتابات الهيروغليفية الثرية، مشيراً إلى أنه يمكن الوصول لحجرة الدفن عن طريق ممر أفقي صغير أسفل البئر يبلغ طوله حوالي 3 أمتار.

ومن المثير للدهشة أن البئر المؤدي للمقبرة عثر بداخله على الكثير من بقايا المناظر التي كانت جزءاً من مناظر المقبرة المجاورة التي شيدت لأحد القادة العسكريين خلال تلك الفترة وكان يدعي “منخ إيب نيكاو”.

وأضاف أن حجرة دفن “جحوتي إم حات” غنية بالنصوص والمناظر، حيث يوجد على الجدار الشمالي (المدخل) سلسلة طويلة من النصوص الدينية ضد لدغات الثعابين والمقتبسة من نصوص الأهرامات.

كما تم نقش الجدران الجنوبية والغربية بمناظر لقرابين طقسية وقائمة كبيرة من القرابين، أما سقف حجرة الدفن فنقش منظر لرحلة الشمس عبر السماء في مراكبها الصباحية والمسائية، مصحوبة بتراتيل لشروق الشمس وغروبها.

وأشار الدكتور محمد مجاهد نائب مدير البعثة التشيكية أن البعثة عثرت أثناء أعمالها داخل حجرة الدفن على التابوت الخاص بالمتوفي وأنه مصنوع من الحجر ومزين بنصوص هيروغليفية وتصوير للآلهة من الخارج والداخل، أما الجانب العلوي من غطاء التابوت والجوانب الأطول له فمزينة بنصوص مختلفة من كتاب الموتى، بما في ذلك صور الآلهة التي تحمي المتوفى. وتحمل الجوانب الأقصر للغطاء صور للإلهتين “إيزيس ونفتيس”مصحوبة بنصوص الحماية للمتوفى.

أما الجوانب الخارجية للتابوت فمزينة بمقتطفات من نصوص التوابيت والأهرامات، وهي تكرار جزئي للتعاويذ التي ظهرت بالفعل على جدران حجرة الدفن. وفي أسفل الجدار الداخلي للتابوت تم تصوير الإلهة “إيمنتت” إلهة الغرب، وتحتوي الجوانب الداخلية على ما يسمى بالتعاويذ الكانوبية، تتلوها هذه الإلهة وإله الأرض “جب”. كل هذه النصوص الدينية والسحرية المذكورة كان الهدف منها ضمان دخول المتوفى بسلاسة إلى الحياة الأبدية.

ونوه الدكتور محمد مجاهد إلى أنه لم يتم العثور داخل مقبرة “جحوتي إم حات” على أيه لقي جنائزية، حيث تعرضت المقبرة للسرقة ربما في وقت مبكر من القرن الخامس الميلادي. وأظهرت الدراسات الأنثروبولوجية لبقايا الهيكل العظمي لصاحب المقبرة، أن “جحوتي إم حات” توفي في سن مبكرة نسبيًا حيث من المرجح ان يكون توفي في عمر يناهز الـ 25 عاما، وكان يوجد بموميائه علامات تدل أنه كان يعاني من بعض الأمراض بسبب وظيفته مثل تآكل في العمود الفقري بسبب العمل جالساً لفترات طويلة، كما كان يعاني من هشاشة شديدة في العظام، وتلك الإصابة ربما تؤكد أن “جحوتي إم حات” كانت له صلة قرابة بينه وبين أصحاب المقابر المجاورة، الذين تم التأكيد من إصابتهم أيضًا بنفس المرض.