تمضي الدولة المصرية قدما نحو بناء جمهوريتها الجديدة وتولي اهتماما بالغا وكبيرا بقطاع البترول إيمانا منها وإدراكا لدوره الحيوي والفعال كمحرك أساسي ومؤشر للنمو الاقتصادي، واضعة أمامها أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة إحدى أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الموافقة على 3 اتفاقيات
ووضعت الدولة المصرية بعد تولي الرئيس السيسي حكم البلاد خطة طموحة نحو التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز وذلك بعد نجاحها في تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، بما تمتلكه من بنية تحتية قوية تتمثل في شبكات ومصانع إسالة وموانئ تؤهلها للقيام بهذا الدور المهم.
[[system-code:ad:autoads]]
فضلًا عن إطلاقها استراتيجية قومية تقوم على جذب الاستثمارات الأجنبية في مجال البحث والاستكشاف عن البترول والغاز، وتكثيف طرح المزايدات العالمية وتوقيع الاتفاقيات، بالإضافة إلى تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، والذي مثل نقطة محورية وفاصلة في جهود مصر لتعزيز قدراتها الإنتاجية والتصديرية، لتصبح بذلك لاعبا أساسيا في سوق الغاز العالمي.
وسعت الدولة المصرية إلى التوسع في عمليات البحث والاستكشاف والتنقيب عن الغاز الطبيعي، حيث وافق مجلس النواب، خلال الجلسة العامة، الإثنين، على 3 تقارير من لجنة الطاقة والبيئة عن قوانين باتفاقيات للبحث عن البترول والغاز في البحر المتوسط.
شملت الاتفاقيات التي أقرها المجلس، مشروع قانون مُقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول في التعاقد مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وشركة إكسون موبيل إيجيبت (ابستريم) ليمتد، للبحث عن الغاز والزيت الخام واستغلالهما في منطقة كايرو البحرية بالبحر المتوسط، ومشروع قانون مقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول في التعاقد مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وشركة إكسون موبيل إيجيبت (ابستريم) ليمتد، للبحث عن الغاز والزيت الخام واستغلالهما في منطقة مصري البحرية بالبحر المتوسط
كما تضمنت الاتفاقيات، مشروع قانون مقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة بيكو جي أو إس للبترول المحدودة وشركة كوفيبك (مصر) المحدودة، للبحث عن البترول وتنميته واستغلاله في منطقة جيسوم وطويلة غرب بخليج السويس.
استثمارات بـ 200 مليون دولار
كان وكيل لجنة الطاقة بمجلس النواب قال في تصريحات لاقتصاد "الشرق": إن مجلس النواب يوافق على اتفاقية لإسناد منطقتي "مصري" و"كايرو" بالبحر المتوسط لشركة "إكسون موبيل" للبحث عن الغاز والزيت الخام واستغلالهما، باستثمارات 200 مليون دولار، على أن تبدأ الشركة العمل بالمنطقتين مطلع العام المقبل.
وأعلنت وزارة البترول منذ عدة أسابيع، عن طرح مزايدة عالمية جديدة للتنقيب عن الغاز والبترول في 23 منطقة جديدة، وتمتد فترة تلقي العروض في المزايدة حتى 25 فبراير 2024.
وأضافت الوزارة أن الطرح يشمل 10 مناطق في الصحراء الغربية، واثنتين في الصحراء الشرقية، وسبع مناطق في خليج السويس، وأربع مناطق في البحر الأحمر.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، إن المزايدة الجديدة لكل من الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول.
وأضاف الملا، أن مصر بهذا الطرح "تواصل عملها على زيادة إنتاجها من الثروات البترولية وزيادة الاستثمارات المقررة من هذا النشاط".
وتسعى مصر، وهي أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان، إلى جعل نفسها مركزا إقليميا للطاقة.
جدير بالذكر أن وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية تخطط لحفر 35 بئراً جديدة للغاز الطبيعي باستثمارات تزيد على 1.5 مليار دولار خلال العامين الماليين 2023-2024 و2024-2025 بهدف زيادة معدلات الإنتاج والاحتياطيات.
قال وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا إن ثمة خطة يجري تنفيذها لحفر 45 بئراً للغاز الطبيعي بالبحر المتوسط والدلتا باستثمارات نحو 1.9 مليار دولار، شملت حفر 10 آبار تم الانتهاء منها خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي وأسفرت عن تحقيق عدد من الاكتشافات أهمها كشف نرجس بالبحر المتوسط باحتياطيات حوالي 2.5 تريليون قدم مكعب غاز.
وأضاف الملا أن نتائج المزايدة العالمية للبحث عن الغاز الطبيعي في 12 منطقة برية وبحرية بالبحر المتوسط والدلتا يجري تقييمها عقب إغلاقها في نهاية يوليو الماضي، وفق بيان من مجلس الوزراء.
الطفرة والإرادة السياسية الحقيقية
ويذكر أن البحر المتوسط يمثل منبع زيادة احتياطي مصر من الغاز الطبيعي، سواء في المياه العميقة أو الضحلة، وخاصة بعد الاكتشافات العملاقة التي تم تحقيقها خلال الفترة الماضية.
حيث يأتي على رأسها حقل ظهر العملاق باحتياطات تقدر بحوالي 30 تريليون قدم مكعب غاز جعلته الأكبر في منطقة البحر المتوسط، ومع استمرار عمليات البحث والاستكشاف ووضع الحقول علي الإنتاج، يزداد حجم الاحتياطيات المصرية من الغاز الطبيعي، وعلى مدار السنوات الماضية حققت مصر أكثر من حوالي 98 اكتشافًا للغاز الطبيعي، حيث ساهمت تلك الاكتشافات في إضافة احتياطيات بلغت حوالي 38 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وكانت من العوامل التي ساعدت على الطفرة الكبيرة في هذا الملف ومنها:
- الإرادة السياسية الحقيقية والاستقرار السياسي والأمني، مما ساعد على جذب الاستثمارات الكبيرة في هذا القطاع الحيوي.
مستويات الإنتاج المحلي المرتفعة، وذلك بعد تطوير وتنمية العديد من حقول الغاز في منطقة شرق المتوسط. - زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في قطاع البحث والاستكشاف عن الغاز الطبيعي وطرح العديد من المزايدات العالمية، وذلك لأن ترسيم الحدود خلق حالة من الاستقرار في المنطقة، ومزيد من التعاون الإقليمي بين دول المنطقة.
- معاودة تشغيل محطة الإسالة في دمياط والتي باتت تؤدي دورا مهما في تصدير عدة شحنات من الغاز الطبيعي المُسال إلى الأسواق الأوروبية.
- قد شكلت تلك المحطات في دمياط والبحيرة نقطة تحول رئيسي في تحول قطاع الغاز الطبيعي المصري إلى قوة إقليمية وعالمية في المنطقة وبمثابة نقطة ارتكاز وسبق قوي في مشروع تحويل مصر لمركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز والبترول في البحر المتوسط، ما فتح آفاقًا جديدة نحو تعظيم دور مصر في تجارة وتخزين وتداول الغاز الطبيعي، وتحقيق عائدات لصالح الاقتصاد المصري، وتأمين إمدادات الطاقة للسوق المحلي ومشروعات التنمية.