بعد أن كان مجرد الحديث فى موضوع ختان الإناث من المستحيلات خلال الفترة الماضية، ساهمت الأحداث والتداعيات الناتجة عن ختان الإناث، فى فتح المجال أمام حوار جاد للحد من ظاهرة الختان، خاصة بعد فقدان البعض لحياتهن فضلاً عن أن الكثيرات يعتبرن الختان من الأسباب الرئيسة فى ارتفاع نسبة الطلاق خلال الفترة الأخيرة، ما يجعل التصدى لهذه الظاهرة ضرورة مجتمعية، يجب أن يشارك فيها الجميع، للقضاء على ما يحدث من جرم فى حق الفتيات فى الصغر، وتدمير لمستقبلهم فى الكبر.
[[system-code:ad:autoads]]
ندوات التوعية جاءت ضمن حملة نسائية، تقودها سيدات يستعينون خلالها بأطباء ورجال دين، للتوعية بمخاطر الختان، وآثاره النفسية والجسدية على الفتاة، مع التحذير من العقوبات القانونية والغرامات المالية التى أقرها القانون، بحق كل من يرتكب هذه العادة السيئة بحق الفتيات، التى تدمر حاضرها كطفلة ومستقبلها إذا أصبحت زوجة.
قالت رشا على عمر، ربة منزل، مقيمة بقرية الأوسط قمولا، للأسف لم أكن أعرف معلومات كافية عن ختان الإناث فى البداية، فقمت بختان اثنتين من بناتى، ما أدى إلى معاناتهم نفسياً من هذه التجربة القاسية، وبعد حضورى جلسات توعية بجمعية الشروق، ومعرفتى بأن هذه العادة ليس لها أى أساس دينى أو طبى، قررت مع زوجى عدم ختان بناتى الثلاثة، حتى لا أكرر هذا الخطأ مرة أخرى، وحتى لا تحدث لهم معاناة نفسية كما حدث مع السابقتين.
وتابعت ربة المنزل، القرار لم يأتى بشكل عشوائى، لكن كان نابعاً عن اقتناع بعد إدراكى لأبعاد الموضوع من كافة النواحى، ووافقنى فى هذا الأمر زوجى وأسرتى، رغم اعتراض المجتمع المحيط، لكن لدينا قناعة بأن عفة البنت ليست فى الختان، فتعليمها الأدب وأصول دينها، هو من يحفظها ويحافظ عليها من أى مخاطر أو انحرافات، فلم يرد فى القرآن الكريم أو السنة النبوية ما يلزم بهذه العادة.
عفة البنت ليست فى الختان
وأشارت عمر، إلى أنها لم تكتفى بأن تتخذ هذا القرار فى بيتها، لكنها تسعى لإقناع وتوعية الآخرين بخطورة الختان على الفتيات سواء بشكل فورى كأن يحدث نزيف ومضاعفات جسدية ونفسية أو مستقبلاً بعد الزواج، وكانت هناك استجابة من شقيقتها التى قررت عدم ختان بناتها، فيما لا يزال هناك اعتراض من بعض فئات المجتمع التى مازالت ترى أن عفة البنت فى الختان.
و أوضحت ربة المنزل، بأن عملية الختان مازالت تجرى من قبل بعض الأشخاص ممن يعملون بمهنة التمريض، لكن لا وجود لها بين الأطباء حالياً، حيث يرفض الأطباء بشدة ارتكاب مثل هذه الجريمة فى الوقت الحالى سواء باقتناع أوخوفاً على مستقبلهم من العقوبات المقررة فى هذا الشأن، لذلك لابد من تصدى كافة فئات المجتمع لهذه العادة التى تسببت بشكل رئيس فى ارتفاع حالات الطلاق.
الأطباء والشيوخ الأكثر إقناعاً بالقرى
فيما قالت أم كلثوم الصوابى.. عضو لجنة حماية الطفل بمركز نقادة، أعمل فى العمل الأهلى منذ سنوات وبدأت فى توعية الأهالى مبكراً بأضرار ومخاطر عادة ختان الإناث، وقد كان مجرد الحديث فى البداية صعب للغاية، لكن بعد تعرض الكثير من الفتيات لمضاعفات صحية خطيرة ووفاة البعض، فضلاً عن المشاكل الزوجية التى أصبحت تظهر فى الفترة الأخيرة، أصبح الحديث عن هذه العادة السيئة أمراً يسيراً، لكن يستدعى ذلك اختيار الشخصيات التى لها تأثير، وهنا فى القرى نستعين بالشيخ والطبيب كونهم الأكثر تأثيراً وإقناعاً، خاصة لأولياء الأمور وكبيرات السن"الجدات".
وتابعت الصوابى، بأن قرية الأوسط قمولا بمركز نقادة، من ضمن القرى التى ما زالت تتمسك بهذه العادة السيئة، لكن ليس بنفس الوضع الذى كان سابقاً، فجهود التوعية التى بذلت خلال الفترة الماضية، والأزمات المجتمعية الناتجة عن الختان، ساهمت إلى حد كبير فى تراجع هذه النسبة إلى معدلات مقبولة نسبياً، كما أن البيانات الصادرة عن الأزهر فى هذا الشأن ساهمت بشكل كبير فى إقناع الناس بعدم علاقة هذه العادة بالدين.
لن أختن بناتى
وأشارت الصوابى، إلى أنها أم لـ 5 فتيات، قررت مع زوجها عدم ختانهن وارتكاب هذه الجريمة فى حقهن، نتيجة اقتناع تام بأنها عادة ليس لها أى أساس دينى أو طبى، ما جعلها تتحدث باقتناع عن مخاطر هذه العادة، خاصة فى المجتمع القروى، الذى يتمسك بعادات وتقاليد ليس لها علاقة بالأديان السماوية، مضيفة بأنها مازالت تواجه تحديات وعقبات من قبل المجتمع المحيط، لكن كل هذه الإدعاءات تواجه بتقديم معلومة دقيقة وصحيحة من المتخصصين وعلى رأسهم الأطباء والمشايخ.
و أوضحت الصوابى، بأنها من خلال عضويتها فى لجنة حماية الطفل تمكنت من وقف حالات ختان كثيرة، مرة بالإقناع وأخرى بالتلويح باستخدام العقوبات القانونية والغرامات المالية المقررة فى هذا الشأن، وهو ما جعل أطباء القرية بالكامل يمتنعون عن ارتكاب مثل هذه الجريمة فى حق البنت، ونعمل حلياً على توعية ما يسمى بـ" الداية" التى تقوم بهذه العملية، فضلاً عن التركيز على توعية" الجدات" بمخاطر هذه العادة وتأثيرها المستقبلى على حياة البنت وحياتها الزوجية.