ترتكب إسرائيل مجازر ضد المدنيين وضد الإنسانية في قطاع غزة، وهددت حياة أكثر من مليوني فلسطيني، لذلك تشهد العواصم الغربية هذه الأيام مظاهرات ضخمة دعما وتأييدا للفلسطينيين، الذين سقط منهم آلاف القتلى.
مظاهرات دعما للفلسطينيين
وتظاهر الآلاف في لندن وباريس ونيويورك تأييدا للفلسطينيين وللمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
ففي لندن انطلق المتظاهرون من ضفاف نهر التايمز نحو ساحة البرلمان، على مسافة غير بعيدة من ساعة بيغ بن، بحسب ما ذكرت فرانس برس.
وتم حشد أكثر من 1000 شرطي لتأمين التظاهرة التي نظمت بينما تواصل إسرائيل قصف قطاع غزة السبت بعد ليلة من الضربات الكثيفة، في اليوم الثاني والعشرين من الحرب على غزة.
وجاءت تظاهرة السبت في لندن مع بدء الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر الجمعة تكثيف هجومه على قطاع غزة.
ولوح العديد من المتظاهرين بالأعلام الفلسطينية ورددوا شعارات من بينها "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر"، وهو شعار تقول بعض المنظمات اليهودية إنه "معاد للسامية" ويدعو إلى تدمير إسرائيل.
كما حملوا لافتات كُتب عليها فلسطين حرة وغزة، أوقفوا المذبحة، بينما أطلق بعض المتظاهرين الألعاب النارية.
وشارك نحو 100 ألف شخص في "المسيرة من أجل فلسطين"، وفق وسائل إعلام بريطانية ذكرت أيضا أن بعض المتظاهرين أقدموا على تسديد اللكمات والركلات لرجال شرطة خلال اعتقالهم متظاهرا بالقرب من البرلمان البريطاني.
ويرفض رئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك وزعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر في الوقت الحالي الدعوة إلى وقف لإطلاق النار، ويدعمان "هدنات" للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
مقتل أكثر من 8 آلاف شخص
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تحكم غزة أن القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل أكثر من 8 آلاف شخص وهو أكبر عدد من القتلى في غزة منذ الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005.
وشارك في باريس آلاف الأشخاص في تظاهرة السبت دعما للشعب الفلسطيني، رغم صدور قرار حظر أمني أيده القضاء، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.
ومنعت قوة كبيرة من الشرطة موكب المتظاهرين من السير من ساحة دو شاتليه في وسط العاصمة الفرنسية.
وبلغ في زيوريخ عدد المتظاهرين نحو 7 آلاف، بحسب المنظمين، و"آلافا عدة"، بحسب الشرط. كان هناك ألفا متظاهر في لوزان، و1800 في جنيف، وأكثر من ألف في برن.
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، نزل آلاف المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين إلى بروكلين، أكبر منطقة في نيويورك، السبت.
ووصل الحشد الذي انطلق من متحف بروكلين، إلى جسر بروكلين الشهير الذي يربط هذه المنطقة بجزيرة مانهاتن والذي اضطرت الشرطة إلى إغلاقه أمام حركة المرور بسبب الازدحام.
وشهدت مدينة ديترويت أيضا مظاهرة ضخمة مؤيدة للفلسطينيين ومعارضة للهجوم الدموي على غزة، مطالبة بوقف "المجزرة" و"قتل الأطفال".
كما شهدت مدن أوروبية عدة مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، مثل مدينة بيلباو في إقليم الباسك في إسبانيا.
وكذلك الحال في عدد من البلدان، مثل تركيا والأردن إندونيسيا وماليزيا.
وأغلقت الشرطة جميع الممرات على جسر بروكلين في نيويورك أمس السبت، بعد أن بدأت مجموعة كبيرة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين بالتوجه نحو الجسر.
إسرائيل تشن عمليات برية
تسود حالة من الجدل في الولايات المتحدة على خلفية الدعم العسكري والسياسي من قبل إدارة الرئيس جو بايدن لإسرائيل، مقابل مظاهرات شعبية مؤيدة للفلسطينيين وداعية لوقف استهداف المدنيين والعمل من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وتم إغلاق الجسر الذي يربط منطقتي مانهاتن وبروكلين في الاتجاهين، وفقا لتنبيه من خدمة NotifyNYC التابعة للحكومة المحلية.
وقالت إدارة شرطة مدينة نيويورك إن المظاهرة كانت سلمية ولم تشهد أي حوادث مع المتظاهرين في هذا الوقت.
وكانت المظاهرة في المدينة الأمريكية الأكثر اكتظاظا بالسكان من بين عدة مظاهرات شهدتها جميع أنحاء العالم في نهاية هذا الأسبوع، بما في ذلك "مسيرة من أجل فلسطين" في لندن التي اجتذبت آلاف المشاركين، السبت إلى جانب مظاهرة قامت بها جماعة يهودية في نيويورك بالمحطة المركزية، كانت تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، مما أدى إلى اعتقال حوالي 300 شخص ليلة الجمعة.
وشنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات برية ضد حركة حماس في غزة، اليوم الأحد، فيما وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمرحلة الثانية من الحرب المستمرة منذ 3 أسابيع.
وواجه سكان غزة المحاصرون انقطاعا شبه كامل للاتصالات والإنترنت مع قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بإلقاء قنابل ودخول قواتها ومدرعاتها إلى القطاع الذي تحكمه حماس، مع إشارة قادة الجيش الإسرائيلي إلى أنهم يستعدون لهجوم بري موسع.
ونبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حديثه في مؤتمر صحفي في تل أبيب أمس السبت، الإسرائيليين إلى توقع حملة "طويلة وصعبة"، لكنه لم يصل إلى حد وصف التوغلات الحالية بأنها اجتياح.
وقال مسؤولون أميركيون إن بعض مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن نصحوا نظراءهم الإسرائيليين بتأجيل شن هجوم فوري شامل.
ومع أن العمليات البرية الأولية تبدو محدودة في الوقت الحالي، تعهد نتنياهو بعدم ادخار أي جهد لتحرير أكثر من 200 رهينة، منهم أميركيون وأجانب آخرون، تحتجزهم حماس.
وقال نتنياهو للصحفيين "هذه هي المرحلة الثانية من الحرب التي أهدافها واضحة وهي تدمير قدرات حماس الحاكمة والعسكرية وإعادة الرهائن".
وأضاف "نحن فقط في البداية سوف ندمر العدو فوق الأرض وتحتها".
وشددت إسرائيل حصارها وقصفت غزة لمدة 3 أسابيع منذ الهجوم المدمر الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر.
وتقول السلطات الطبية في قطاع غزة، الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، إن أكثر من 8000 فلسطينيا قتلوا في القصف الإسرائيلي.
وأدت الأزمة إلى خروج مئات الآلاف من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في مدن في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا أمس السبت.
حرب إبادة جماعية ومذابح
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس "يتعرض أبناء شعبنا في قطاع غزة إلى حرب إبادة جماعية ومذابح ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مرأى ومسمع من العالم أجمع".
ومع تحول العديد من المباني إلى أنقاض وصعوبة العثور على مأوى، يعاني سكان غزة من نقص الغذاء والماء والوقود والأدوية وتفاقمت محنتهم منذ ليلة الجمعة عندما انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت، وأعقب ذلك قصف عنيف طوال الليل واستمر انقطاع الاتصالات حتى اليوم الأحد.
قال الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل أرسلت قوات ودبابات إلى غزة مساء الجمعة، مع التركيز على البنية التحتية بما في ذلك شبكة الأنفاق الواسعة التي بنتها حماس ولم يقدم تفاصيل عن حجم الانتشار.
وكرر نتنياهو أمس السبت دعوة إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين لإخلاء شمال قطاع غزة حيث تركز إسرائيل هجومها على مخابئ حماس ومنشآت أخرى.
لكن الفلسطينيين يقولون إنه لا يوجد مكان آمن، حيث دمرت القنابل أيضا المنازل في جنوب القطاع المكتظ بالسكان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن "كارثة إنسانية تتكشف أمام أعيننا" وذكر دبلوماسيون أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعتزم الاجتماع الاثنين لبحث الأزمة بين إسرائيل وغزة.
وعرض الملياردير إيلون ماسك شبكة تشغيل خدمة ستارلينك للاتصالات عبر الأقمار الصناعية التابعة لشركته سبيس إكس في غزة "لمنظمات الإغاثة المعترف بها دوليا".
وفي هذا الصدد، قال الدكتور حامد فارس خبير العلاقات الدولية، إن الأزمة الحالية في قطاع غزة هي الأشد والأعنف في تاريخ المواجهات الفلسطينية والإسرائيلية، مشيرًا إلى أن المشهد الحالي معقد وازداد تعقيده نتيجة عملية 7 أكتوبر التي غيرت قواعد اللعبة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
وأضاف فارس ـ هذا الأمر ظهر جليا من خلال سقوط أكثر من 1400 قتيل من الجانب الإسرائيل، وبالتالي، فقد تحركت نتنياهو بشكل واضح لإحداث عملية انتقامية وعدم توقف آلة الحرب حتى لو تدخلت الإدارة الأمريكية للتفاوض".
وأكد أن مصر سعت بكل قوتها منذ اليوم الأول إلى كسر حصار غزة، ومن خلال علاقاتها الدبلوماسية الجيدة، خاضت مصر حربا دبلوماسية شرسة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، فقد جاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى معبر رفح وهو ما يدل على تبني المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوجهة النظر المصرية، كما أن مصر تبنت منذ اليوم الأول عدم إخراج أي رعايا أجانب من قطاع غزة إلا بعد دخول أوجه المساعدات كافة.
وأضاف أن ثمة اهتمامًا كبيرًا من المجتمع الدولي للتنسيق مع الدولة المصرية التي سعت من خلال شركائها الإقليمين والدوليين إلى توحيد المواقف بشكل كبير.