مع بداية فصل الخريف هذا العام، تبدأ روسيا تدريجياً في إدارة الحملة الانتخابية الرئاسية التي ستعقد في مارس 2024 ، وعلى الرغم من عدم وجود إعلان رسمي عن أسماء المرشحين لهذه الانتخابات حتى الآن، إلا أن فرص الرئيس الحالي فلاديمير بوتين كمرشح مفضل للروسيين هو أمر محسوم ، وستكون هذه هي خامس انتخابات رئاسية يخوضها .
[[system-code:ad:autoads]]
فقد شغل بوتين منصب رئيس الدولة منذ عام 2000 باستثناء فترة رئاسية واحدة مدتها ٤ سنوات شغلها ديمتري ميدفيديف ، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، وقعت بعض الأحداث التي يمكن نظريا أن تحقق بعض الأماني الغربية في تقويض وإضعاف موقف بوتين السياسي .
ففي فبراير 2022 شنت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا مما أدى إلى فرض عقوبات غربية غير مسبوقة ضدها تفوق تلك المفروضة على كل من كوريا الشمالية وإيران .
ورغم طول أمد الحملة العسكرية، التي كان من المفترض في البداية أن تكون قصيرة المدة في النهاية وتوقعات البعض بأن تؤثر سليا على حكومة بوتين بسبب آثارها الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية إلا أن ماحدث هو العكس تماما حيث أظهر الاقتصاد الروسي بعض النمو هذا العام.
كما تمكنت روسيا من تجنب التعبئة الكاملة لشن الحرب ولا يزال الجيش الروسي يعتمد إلى حد كبير على المتطوعين ، وبالتالي فإن القتال ليس له تأثير قوي على المجتمع ككل.
ولعل هذا يرجح كفة بوتين لتحقيق الفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستقام في مارس المقبل لينتخب رئيسًا لروسيا مرة أخرى لفترة ولاية جديدة مدتها ست سنوات.
وبشكل عام، بدأت أجواء الحملة الانتخابية في روسيا حيث شهد سبتمبر الماضي إجراء انتخابات المحافظين والبرلمانات الإقليمية والتي أظهرت مستوى عالٍ إلى حد ما من الدعم للحزب الرئاسي الحاكم "روسيا الموحدة"، الذي حصل على أغلبية المقاعد في المجالس التشريعية في جميع المناطق.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في البلاد رغم العقوبات المفروضة، فضلاً عن غياب التأثير المفرط للحرب على المجتمع الروسي، أدى إلى توحيد القوى السياسية – سواء الموالية للحكومة أو المعارضة – حول فلاديمير بوتين والتي وصلت إلى أبعاد غير مسبوقة.
إن كلاً من حزب روسيا الموحدة المؤيد لبوتين، والمعارضة التي يمثلها الحزب الشيوعي، والحزب الديمقراطي الليبرالي، والاشتراكيون، وحزب رجال الأعمال الجديد الذي دخل البرلمان مؤخراً يدعمون سياسات فلاديمير بوتن.
وفي الوقت نفسه، أشارت استطلاعات الرأي الاجتماعية التي أجرتها المراكز الاجتماعية الموالية للحكومة والمعارضة مثل مركز أبحاث الرأي العام الروسي ومركز ليفادا أن عدداً كبيراً من المواطنين الروس معجبون بفكرة وقوف روسيا بمفردها في مواجهة الغرب ، وكذلك حقيقة أن ما يسمى بالجنوب العالمي (دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية) يحافظ بالفعل على الحياد في هذه المواجهة.
ولعل كل ما سبق سيجعل من الصعب زعزعة استقرار المجتمع الروسي ويرجح أن تتم الانتخابات الرئاسية الروسية في مارس المقبل دون أية صعوبات كبيرة ليؤدي المرشح الفائز اليمين الدستورية في مايو 2024 وهو في الاغلب سيكون الرئيس الحالي فلاديمير بوتين الذي يبدو أن منافسته في ظل الظروف الحالية هو أمر مستحيل تماما.