تعرض الكاتب الكبير طه حسين للظلم في فترات مختلفة من حياته، ولكنه بقوة إرادته ودعم زوجته وأصدقائه وتلاميذه تمكن من التغلب على التحديات ومواجهة الصعاب. واستمر في ذلك حتى وفاته في 22 يومًا بعد اندلاع حرب أكتوبر 1973.
في ذلك الوقت، قررت الأمم المتحدة منح طه حسين، الذي يعتبر عميد الأدب العربي، جائزتها إلى جانب خمسة علماء آخرين، ولكن الموت كان أسرع، حيث توفي قبل ساعات قليلة من سماعه نبأ هذا التكريم العالمي.
[[system-code:ad:autoads]]
تمر اللحظات الأخيرة لحياة طه حسين بين الوعي والوداع للحياة الدنيا، وقد شعر بوعكة صحية في منزله، وعندما جاء الطبيب لفحصه، انتهت النوبة وعاد إلى حالته الطبيعية. وكانت هذه اللحظة تعد بمثابة "صحوة الموت". في صباح اليوم التالي، في يوم الأحد 28 أكتوبر، شرب طه حسين كمية صغيرة من الحليب بصعوبة، ثم تنفس أنفاسه الأخيرة ورحل عن الدنيا.
سر دفن طه حسين بعد ثلاثة ايام من وفاته
لم يتم دفن طه حسين في نفس يوم وفاته، على الرغم من أنه توفي في صباح يوم 28 أكتوبر 1973، انتظر حتى يوم الأربعاء 31 أكتوبر، ولم يكن الكثيرون يعرفون السبب وراء هذا الانتظار، وكان السبب الأول هو عدم وصول ابنته أمنية، التي كانت في الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت وفاة والدها، واستغرقت عودتها إلى مصر وقتًا.
والسبب الثاني هو الترتيب لجنازة رسمية تليق بطه حسين، عميد الأدب العربي، بالتنسيق مع الحكومة ورئاسة الجمهورية. ونظرًا لأن الاهتمام كان مُركزًا تمامًا على الجبهة الحربية في ذلك الوقت، فاستغرق الترتيب بعض الوقت.
وفي 1 نوفمبر 1973، نشرت جريدة "الأخبار" أن جثمان طه حسين وصل جامعة القاهرة في العاشرة صباحًا في يوم الأربعاء 31 أكتوبر، ووضع في مدخل قاعة الاحتفالات الكبرى، احتشد الآلاف من المشيعون حتى امتلأت عن آخرها، وفي الشرفة الرئيسية جلست زوجته 3سوزان بريسو، وابنته أمنية وتلميذته سهير القلماوي، وسيدات هيئة التدريس والسلك الدبلوماسي وقرينات الوزراء.
شُيعت الجنازة بمشاركة أكثر من خمسين ألفا، وحاوط الجثمان المئات من باقات الزهور تتوسطها كسوة من القطيفة، وضع عليها الدرجات والأوسمة والقلادات والنياشين التي حملها عميد الأدب العربي من مصر والعالم، ثم تحركت الجنازة مارة بحرم الجامعة إلى ميدان الشهداء، ثم اخترقت كوبري الجامعة حتى مسجد صلاح الدين بالمنيل.
وأقيمت صلاة الجنازة، واستغرق الموكب من الجامعة حتى المسجد ساعة كاملة، واصطف آلاف الطلبة على جانبي الطريق، وكان في مقدمة المُشيعين نائب رئيس الجمهورية حسين الشافعي، ومحمود فوزي مساعد رئيس الجمهورية، والوزراء يتقدمهم نائب رئيس الوزراء ممدوح سالم، والسفراء ورجال الدين والمحافظون، وأساتذة وعمداء الجامعات، ومئات المفكرين والأدباء يتقدمهم توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، يوسف وهبي، يوسف إدريس».