اعتاد المراسلون والمصورون و الصحفيون على نقل الأخبار من أرض الواقع الأشبه بالجحيم البشري، أما ما يحدث في فلسطين وقطاع غزة المُحاصر تحديدًا هو الجحيم ذاته، يشاهدون ويصورون جثث إخواتهم وجيرانهم كل يوم، حتى تحولت الفاجعة بأن تصبح أشلاء وجثث عائلاتهم هي الخبر نفسه.
يعيش أهالي قطاع غزة المُحاصر، صراع دموي حوّلها على الخريطة إلى بركة دم، وذلك باستمرار قصف الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين بالقطاع، ويساهم المراسلون الصحفيون بشجاعة في تغطية هذه الإبادة ونقلها للعالم.
عائلة وائل الدحدوح
لم يتخيل المراسل الصحفي وائل الدحدوح الصحفي الفلسطيني، بأن تصبح عائلته جزءا من الخبر الذي يبث عن القصف في القطاع، إذ ينفذ الصحفي الفلسطيني عمله حتى بعدما اعتقل لسبع سنوات قضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يقول وائل عن مهنته في تلك الظروف "عندما يحتاجونك، يفتقدونك، هذا مؤلم جدًا" وبسبب ظروف عمله كصحفي، وتفأجأ وائل وهو يغطي قصف حي الشجاعية لقناة الجزيرة أنه تم قصف المنزل الذي نزحت إليه عائلته، بعدما تنقلت من بيت إلى بيت فقط ليبتعدوا عن القصف.
فقد وائل نجله وزوجته وابنته مما جعله يبكي أمام الكاميرا وهو يبث الحادث، لكن استمر في ثبات يحتضن زوجته وابناءه ويلقي عليهم نظرات الوداع في الأكفان.
«60 شهيدًا و 250 جريحًا، في المجزرة الإسرائيلية في حي الشجاعية.» هذا ما قاله وائل قبل أن ينهار أمام الكاميرا ويغادر البث.
دمية وصورة
لم يختلف حال الدحدوح عما مر به الصحفي والمراسل معتز عزازية، الذي ولد في مدينة غزة في التسعينيات، ودرس الصحافة والإعلام، غطى معتز أخبار غزة ومجازر الحرب منذ يوم 7 أكتوبر، حتى تفاجأ بفقدان 15 فرد من أسرته، وكان يصور الحدث حاملًا أشلائهم في يديه، وقبورهم في صدره، مما زاد من شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل وتأثر الجميع بما أصابه من سوء.
لم يتبق لمعتز شيئًا من ركام بيته وجثث أهله، إلا لعبته المفضلة وصور لوالدته في طفولته، ونشر فيديو بعد الحادثة مكملًا عمله رغم الحزن قائلًا فيه "ما زلنا على قيد الحياة، حتى الآن" ليتعدى الفيديو بعد لحظات قليلة من نشره الـ 5 مليون مشاهدة.
كابوس لا يمكن نسيانه
في حادثة أخرى، ظهر مصور قناة العربية ، محمد وهو يبكي أمام الكاميرا، بعد أن شاهد صور أشلاء زوجته وطفليه، الذين استشهدوا في قصف إسرائيلي، حاول المقاومة ولكنه لم يستطع وفي النهاية انهار أمام الكاميرا، وقال"كابوس لا يمكن نسيانه".
وأضاف : "كنت أصور في موقع قصف إسرائيلي، عندما تلقيت خبر استشهاد زوجتي وطفليّ. لم أصدق ما حدث، وشعرت أن العالم انهار من حولي".
وتابع بحزن: "حاولت أن أكمل عملي، لكنني لم أستطع. انهرت أمام الكاميرا، ولم أستطع أن أخفي ألمي".
ولكنه في النهاية وبعد كل ذلك أضاف: ""لكنني لن أسمح لهذا الحادث أن يثني عزيمتي. سأستمر في عملي، لأنقل الحقيقة للعالم".