يمتلئ تاريخ مصر بالعديد من قصص الجنود التي ننحني لها تقديرا، ومنهم أومباشي "سيد سليمان كريم"، الجندي الأول الذي وضعت صورته على طابع بريد بعد ثورة 23 يوليو 1952.
في نوفمبر 1952، قررت مصلحة البريد تصميم طوابع بريدية تعكس الروح الجديدة للعهد الجديد. وتم اختيار الفلاح والجندي لتمثيل فئات الشعب.
تم استخدام صور حقيقية لأشخاص حقيقيين في التصميمات الجديدة، وتم تصوير عدد كبير من الفلاحين والجنود وعُرضت الصور على مجلس الوزراء للموافقة عليها قبل عرضها على الرئيس محمد نجيب، واعترض الرئيس على الصورة التي تم اختيارها للجندي، وطلب البحث عن جندي آخر. وبعد اختيار جندي جديد، وافق الرئيس على استخدام صورته قائلاً: "نعم، هذا هو الجندي الذي يجب أن يمثل مصر".
[[system-code:ad:autoads]]
الأومباشي سيد سليمان كريم
وهكذا ظهرت صورة الأومباشي "سيد سليمان كريم" على مجموعة طوابع بريدية تحمل عنوان "الدفاع"، لتمثيل مصر في العالم.
كان لوجهه البرونزي السمرة، الذي تحمله أشعة الشمس الدافئة لمصر، جاذبية خاصة. وكانت عيناه تنبعث منهما القوة والحزم والتأمل.
ولد "سيد سليمان كريم" في 25 أكتوبر 1928 في قرية العسالقة بمركز شبين الكوم. وفي صباه، كان يذهب إلى المدرسة في الصباح ويعمل في الحقل بعد ذلك. وعندما أكمل دراسته، ترك العمل في الأرض وبدأ في التجارة، حيث تنقل بين الحقل وأسواق القرى.
كان يخطط للزواج، ولكن تم استدعاؤه من قِبَل إدارة التجنيد، فتراجع عن مشروعه وانضم إلى الجيش في 14 فبراير 1950. وفي الجيش، كان جنديًا مثاليًا يُحتذى به في كل شيء.
علم ببرامج محو الأمية بين الجنود، فقدم نفسه ونجح في اجتيازها بنجاح، وحصل على الدرجات النهائية في جميع المواد.
وعندما نجح في امتحان فرقة التربية البدنية للألعاب الرياضية في يوليو 1951، حصل على “الأستاذ الفاضل”.
وأبدى تفوقا في استعمال البندقية الرشاش "لانكستر" فأصبح مدربا لاستعمالها في المدفعية المحافظة بالقلعة .
هذه قصة حياة "سيد" أما قصة اختياره لتمثيل مصر على طابع بريد فقد وردت على لسانه فقال :
في شهر نوفمبر من عام 1952 اختاروني مع اثنين من الجنود من وحدات أخرى ، والتقطوا لنا عدة صور ، و لم نعرف ماذا حدث بعد ذلك حتى فقدت الأمل في أن أفوز بهذا الفخر ، فخر وضع صورتي على طابع بريد ! ومضى على ذلك شهر حتى ارسلت المصلحة المختصة تطلب إلى المتحف الحربي إرسال بعض الجنود لتصويرهم من جديد ، وقام المتحف بإبلاغ ذلك إلى المدفعية المحافظة، فاختار اليوزباشي "عباس صدقي" أربعة من الجنود من بين 72 جنديا ، وكنت أنا أحد هؤلاء المحظوظين الأربعة !!
وذهبنا إلى المتحف الحربي و أشرف الصاغ "عبد الواحد الوكيل" على تمام الزي الذي نرتديه زي "القيافة" التامة الذي يستعمل في التشريفات، والتقطوا لنا في المتحف عشرات الصور ، وكنت أتأمل وجوه زملائي الثلاثة وأؤكد لنفسي أنني لابد فائز .
وعشت احلم بهذا الفوز وطال انتظاري حتى كاد اليأس يتسلل إلى نفسي ، وكان الاختيار قد وقع عليّ بالفعل ، ولكن أحد لم يبلغني ، وذات صباح وجدت صورتي منشورة في الأهرام داخل إطار الطابع الجديد ، وحين أفقت من دهشتي كان زملائي يحيطون بي فرحين ومهنئين .
ولم يسمع أقاربي وأهل بلدتي بما حدث وسأجعلها مفاجأة سعيدة لهم حين أزورهم في أقرب فرصة ، هذا إذا لم يقرأوا الموضوع في مجلة الاثنين .
وختم الأومباشي "سيد" حديثه قائلا :
ستنتهي مدة خدمتي بالجيش في أول مارس سنة 1952 ، ولكنني لن اترك خدمة الجيش والحكومة وسألتحق عقب خروجي بوظيفة "مخبر مباحث" .
وتوفي الأومباشى سيد سليمان في ١٣ سبتمبر ٢٠١٦.