"شوفت بنفسي حالات زواج قاصرات كتير خاصة في قرى محافظة سوهاج.. البنت اصلًا مش بتبقى عارفه إزاي هي هتبقى أم يعني طفلة هتربي طفلة"، بهذه الكلمات بدأت ياسمين عبد العال، البالغة من العُمر 20 عامًا، ابنة محافظة سوهاج، أقصى جنوب صعيد جمهورية مصر العربية، حديثها مع موقع صدى البلد.
زواج القاصرات مشكلة مجتمعية يشهدها الصعيد منذ قديم الأزل، ورغم التقدم العلمي والتكنولوجي الذي تشهده البلدان وبالرغم من تجاهل الكثير من العادات والتقاليد التي ترعرع عليها الكثير من أهالي وأبناء محافظات الصعيد بمصر إلا أنه ما زال هناك عدة قرى تُعاني من مشكلة زواج القاصرات.
واستكملت ياسمين عبدالعال، حديثها:" البنت في سن صغير 14 سنة وكمان أصغر وبتبقى مش عارفه تتصرف إزاي مسؤولية بيت وأسرة وفيه كمان اللي بيكون متجوزين في بيت عيلة فـ بتسيب دراستها لو كانت بتدرس اصلًا وتخدم في أهل جوزها وتنسى حياتها تمامًا".
وعن درجة وعي العائلات بهذه المشكلة قصت ابنة سوهاج قصة ابنة جيرانها التي كانت سعيدة بزفافها هي وأسرتها ولم يقدرون حجم المشاكل التي ستواجها الزوجة القاصر فيما بعد، " أنا عندي جارتي كان حفل زفافها إمبارح وهي لسه مخلصة 3 إعدادي.. والدها جوزها لواحد عنده 30 سنة مفيش اي توافق تحسوا أنه بيربي بنته بالظبط".
أم تزوج أطفالها من أجل تخفيف العبء
وكانت حُجة والدة العروس أن لديها أكثر من ابنة وتُريد أن تطمئن عليهن في بيوت أزواجهن؛ حتى يخف حمل مسؤوليتهن من أعلى عاتق والدهن ووالدتهن، لم يدركوا أن الأمر له أبعاد أهم من ذلك، حيث من الممكن أن تفشل هذه الزيجة لعدم توافق الأفكار وتناسب العادات والتقاليد والأعراف، ما يتسبب في الطلاق، الذي يعتبر عار بالمجتمع الصعيدي بوجه الخصوص.
وقال محمد حمادة، أمين أمانة الشباب بحزب حماة الوطن أمانة محافظة سوهاج، إن زواج القاصرات مشكلة شائكة جدًا بخلاف أنها تواجه المجتمع منذ قديم الأزل، وأنه لا يوجد سبيل محدد لمنع هذه المشكلة وعلاجها من جذورها.
وأكد أن زواج القاصرات يُسبب مشكلات اقتصادية واجتماعية وقانونية، مشيرًا إلى أن الحديث عن تلك المشكلات القانونية خاصة سوف نتحدث عن عدم أحقية زواج شاب يقل عمره عن 18 عامًا، وأن تحدثنا عن المشكلة اجتماعيًا سنتحدث عن عدم تحقيق هذا القاصر أي هدف من أهدافه بالحياة وعدم استطاعته الاستقرار بنفسه حتى يستقر بأسرة بأكملها.
ولفت محمد حمادة، إلى مشكلة قانونية هامة:" بعد عدة أشهر من الزواج ينجبا القاصرين طفلًا لا يستطعا استخراج أبسط حقوقه وهو شهادة ميلاد له لعدم زواجهما رسميًا لعدم بلوغهما عمرهما القانوني للزواج.. غير حل من الاتنين اللي معظمهم بيعملوا الطفل يتكتب باسم الجد وكده نبقى داخلنا في اوراق قانونية غلط وتبقى حاجه غلط في النسب وحاجه حرام شرعًا".
واستكمل حديثه قائلًا:" لو هنتكلم على الشق الاجتماعي فـ هنلاقي أن احنا عندنا زيادة سكنية غير طبيعية وان احنا بنتكلم عن الزيادة السكانية لأنها في ازدياد غير محسوب بسبب أن الناس مش بتستنى السن القانوني للزواج".
"والشق الاقتصادي هنلاقيه زي كده برضو يعني في ناس بتمضي العريس إيصالات امانه بمبالغ مالية عاليه عشان يجي بعد سنه او اتنين يكتب الكتاب ويجي مثلاً في الوقت ده حصل مشاكل ومش عايزين يكملوا يبقى ايه الحل وفين حق المرأة وحق البنت اللي ضاعت واهلها كانوا السبب في ضياع حقها من البداية".
رآي دار الإفتاء المصرية في زواج القاصرات
وقالت دار الإفتاء المصرية إنَّ حكم زواج القاصرات في الاسلام، يُعد حرام شرعًا، وبه مخالفة للقانون، كما أنه يؤدي إلى الكثير من المفاسد والأضرار في المجتمع.
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أنَّ الإسلام اعتنى بالأسرة أعظم عناية، واهتم بأسس تكوينها اهتمامًا عظيمًا، مشيرة إلى أنَّ حرمة زواج القاصرات، ووجوب الإلتزام بالسِّنِّ القانونية لزواج الفتيات، هو الحكم الشرعي المناسب للواقع والحال والمتوافق مع الحكمة من الزواج.
كما أنَّ القاعدة الشرعية تُقرر أن دَفع المفاسِد مُقدَّمٌ على جلبِ المصالِح، وهو الغاية الأساسية من تحريم زواج القاصرات، موضحة أنَّ حكم زواج القاصرات في الاسلام، تأتي الحكمة منه الحفاظ على تماسك الأسرة وترابطتها، معتبرة أنَّه يمثل جريمة في حقهنّ.