تتكدس مئات الشاحنات، التي تحمل المساعدات الإغاثية والإنسانية لسكان قطاع غزة، بالقرب من معبر رفح، في انتظار السماح لها بالعبور لإدخال المساعدات إلى القطاع الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مكثف منذ أسبوع، بينما يتواصل وصول طائرات تحمل مواد إغاثية من دول ومنظمات دولية عدة إلى مطار العريش، الذي خصصته مصر لاستقبال المساعدات من مختلف دول العالم.
[[system-code:ad:autoads]]
موعد فتح معبر رفح
من جانبه، قال محافظ شمال سيناء، اللواء محمد عبدالفضيل شوشة، إن نحو 3 آلاف طن من المساعدات الإنسانية وصلت إلى مدينة العريش خلال الفترة السابقة.
وأضاف المحافظ، اليوم الثلاثاء، أنه سيتم فتح معبر رفح اليوم، الثلاثاء، أو غدًا، الأربعاء، بعد إجراء الإصلاحات في الجانب الفلسطيني من المعبر، مشيراً إلى تحرك المساعدات من مدينة العريش تجاه مدينة رفح، تمهيدًا لادخالها إلى قطاع غزة.
على الجانب الآخر، نفى المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية لئور بن دور أن يكون هناك اتفاقٌ مع الجانب المصري لفتح معبر رفح لعبور الإغاثة الإنسانية إلى القطاع.
وانطلقت، السبت، قوافل مساعدات تابعة لـ “التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي”، الذي يضم عشرات المنظمات الخيرية المصرية، ومؤسسة “حياة كريمة”، والتي تمثل واحدة من أكبر المنظمات التطوعية، حيث تنتظر أمام معبر رفح تمهيداً لإدخال ما تحمله من مساعدات لسكان قطاع غزة.
وتضم القوافل قرابة 106 شاحنات محملة بكميات من المساعدات الإنسانية، تتضمن ألف طن من المواد الغذائية واللحوم و40 ألف بطانية، وما يزيد على 50 ألف قطعة ملابس، وأكثر من 300 ألف علبة من الأدوية والمستلزمات الطبية.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تدشين كيانات “التحالف الوطني”، بالتعاون مع وزارة الصحة المصرية وبنك الدم، أكبر حملة للتبرع بالدم تحت شعار “قطرة دماء تساوي حياة” بمحافظات الجمهورية كافة؛ لجمع كميات كبيرة من أكياس الدم اللازمة لعلاج المصابين في قطاع غزة. وشهدت الحملة مشاركة واسعة من جانب عديد من الجامعات والمؤسسات المدنية، منها الأندية والنقابات.
وأعرب “التحالف الوطني”، في بيان، عن أسفه الشديد حيال تصاعد أعمال العنف بقطاع غزة، مؤكداً تضامنه ودعمه الكاملَين للشعب الفلسطيني من خلال إرسال مزيد من المساعدات الإنسانية بمختلف أشكالها حتى تتحسن الأوضاع.
واستقبل مطار العريش، السبت، طائرة تحمل مواد طبية آتية من مركز الإمدادات اللوجيستية، التابع لمنظمة الصحة العالمية في دبي.
وشملت الإمدادات ما يكفي من أدوية لعلاج 1200 جريح و1500 مريض يعانون من أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، ومشكلات التنفس، كما تشمل حقائب طبية ميدانية لعلاج 235 جريحاً، وفق بيان للمنظمة عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك”.
من جانبها، حثت حماس مصر، الاثنين، على فتح معبر رفح للسماح بمرور المساعدات والسماح للمصابين الذين يحتاجون للعلاج.
وقالت حركة حماس عبر تطبيق “تليجرام”: “نذكر على وجه الخصوص إخواننا في مصر ونطلب منهم تحركًا إقليميًا ودوليًا لفتح معبر رفح والسماح بدخول المساعدات لأهلنا في غزة ونقل المصابين للعلاج".
المنفذ الوحيد لغزة
يعتبر معبر رفح بين غزة ومصر المنفذ الوحيد في الخدمة لإخراج الناس من القطاع وإيصال الإمدادات إليه، ولكن المعبر ظل مغلقًا معظم فترات الأسبوع الماضي، ولم يتمكن سكان غزة ولا الأجانب من العبور، وتراكمت أطنان من الإمدادات الإنسانية الحيوية لسكان غزة على الجانب المصري من الحدود.
من جانبها، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن “كل ساعة تبقى فيها هذه الإمدادات على الجانب المصري من الحدود، يموت مزيد من الفتيات والفتيان والنساء والرجال، خصوصاً الفئات الأكثر تعرضاً للمخاطر”.
وأعربت المنظمة عن دعمها للأصوات الداعية إلى فتح ممر إنساني على الفور عبر معبر رفح للوصول إلى غزة من أجل تسليم الإمدادات المنقذة للحياة إلى المرافق الصحية بشكلٍ آمن ومستمر، ولتوريد الوقود والمياه والأغذية وغيرها من المواد الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وحماية العاملين في الرعاية الصحية والمرضى والمدنيين.
وأطلق برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، عملية طارئة لتقديم المساعدات الغذائية العاجلة لأكثر من 800 ألف شخص في غزة والضفة الغربية، الذين يواجهون ظروفاً قاسية، وغير قادرين على الوصول إلى الغذاء والماء والإمدادات الأساسية. ودعا البرنامج إلى فتح ممرات إنسانية لتسهيل دخول المعونات والمساعدات الإنسانية إلى غزة، إضافة إلى توفير ممر آمن ودون عوائق لموظفيه والسلع الأساسية.
وأشارت المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي، عبير عطيفة، إلى أن مخزون البرنامج في قطاع غزة “أوشك على النفاد”، مؤكدة أنه يجري التحضير حالياً لإرسال طائرة تحمل كميات كبيرة من الأغذية الجافة المعلبة لسكان القطاع، لمواجهة نقص إمدادات الغذاء، وانقطاع الكهرباء عن القطاع.
وأوضحت “عطيفة”، أن عمليات البرنامج في القطاع تواجه صعوبات كبيرة في ظل القصف المستمر، ودفعت سكان القطاع ومنهم موظفو البرنامج وأسرهم في شمال غزة إلى النزوح جنوباً، مشيرة إلى أن هناك حملات حالية لجمع تبرعات لصالح غزة في عديد من دول العالم، إلا أنها أشارت إلى أن عملية جمع التبرعات "تواجه نقصاً حاداً لأسباب بعضها سياسي، خصوصاً في الدول الغربية المانحة.
وكانت السلطات المصرية أعلنت، نهاية الأسبوع الماضي، توجيه المساعدات الدولية المقدمة من الجهات الراغبة في إغاثة سكان قطاع غزة إلى مطار العريش الدولي في شمال شبه جزيرة سيناء، مؤكدة أنها ستبقي معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة مفتوحاً للعمل، وطالبت إسرائيل بتجنب استهداف الجانب الفلسطيني من المعبر.
واستقبل مطار العريش على مدى الأيام الماضية طائرات تحمل مواد إغاثية من الأردن والإمارات وتركيا بانتظار الاتفاق على فتح ممر آمن، حتى تتمكن السلطات المصرية من إدخال المساعدات إلى غزة.
وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن دخول المساعدات إلى قطاع غزة يمثل إحراجاً لحكومة بنيامين نتنياهو، مشيراً إلى أن حكومة الحرب في إسرائيل تسعى إلى إثبات وجودها، وتأكيد قدرتها على الصمود في وجه الضغوط الأمريكية والمصرية للموافقة على فتح ممر إنساني.
وأضاف فهمي، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن أعضاءً بارزين في حكومة الطوارئ الإسرائيلية ينظرون إلى فتح ممر إنساني بوصفه تنازلاً مرفوضاً، في ظل العجز عن تحقيق مكاسب حقيقية على الأرض، رغم القصف المتواصل لقطاع غزة، فحتى الآن لم تفلح الأجهزة الاستخباراتية في التعرف على موقع الأسرى، أو تتمكن من تحرير أي منهم، وبالتالي يتم اللجوء إلى مثل هذه الضغوط من أجل دفع حركة حماس للإفصاح عن بعض المعلومات مقابل تخفيف قبضة الحصار.