تقود مصر جهودا مكثفة؛ لوقف التصعيد والمواجهة المفتوحة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس منذ 10 أيام على خلفية عملية طوفان الأقصى، حيث حذرت القاهرة من مخاطر وخيمة للتصعيد الجاري بين الجانبين واستخدام القوة المفرطة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين من النساء والأطفال في غزة.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأحد، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حيث بحثا الأوضاع في غزة وإسرائيل في ظل الدور المصري المهم في المنطقة وكونها أحد أكبر الداعمين للقضية الفلسطينية لسنوات طوال.
القاهرة وحل أزمة غزة
وقال الرئيس السيسي، إن 12500 فلسطيني قتلوا بسبب جولات العنف المتكررة في غزة، مشيراً إلى أن التأخير في حل القضية الفلسطينية يترتب عليه المزيد من الضحايا. وأضاف أن رد الفعل الإسرائيلي تجاوز مبدأ حق الدفاع عن النفس إلى العقاب الجماعي.
وأكد الرئيس، أن غياب أفق حل القضية الفلسطينية أدى لتفاقم الغضب، مشددا بالقول: "نبذل جهودا لاحتواء الموقف في غزة وضمان عدم تدخل أطراف أخرى".
وعبر السيسي عن أمله في أن يكون اجتماعه بوزير الخارجية الأميركي "فرصة لإيجاد حل للأزمة الحالية"، التي وصفها بالخطيرة وقال إنها قد يكون لها تداعيات على الشرق الأوسط بكامله، مشدداً على أنه "من المهم خفض التوتر وتيسير دخول المساعدات إلى قطاع غزة".
وسبق اللقاء، ترأس الرئيس السيسي، اجتماع مجلس الأمن القومي؛ حيث تم استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصةً ما يتعلق بتطورات التصعيد العسكري في قطاع غزة.
وقد صدر عن الاجتماع القرارات الآتية:
- مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين.
- تكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات المطلوبة.
- التشديد على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
- إبراز استعداد مصر للقيام بأي جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام.
- تأكيد أن أمن مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته.
- توجيه مصر الدعوة لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.
وقال البيان إن الاجتماع قرر مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين، وتكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات المطلوبة، مشددا على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
وبدأت القاهرة التجهيز لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول "تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية"، يوم السبت المقبل، حيث وجهت مصر دعوات رئاسية لعدد من الدول، غير أن القائمة النهائية للدعوات والحضور لم تكتمل بعد، وتشمل الدعوات قادة دول الخليج وعدد من الدول العربية، إضافة إلى الدول الأعضاء بمجلس الأمن، وقادة عدة دول أبدت مواقف مؤيدة للمشاركة.
ووجهت الرئاسة المصرية دعوة رسمية للكثير من الدول المعنية بالقضية الفلسطينية، في مقدمتها الولايات المتحدة والصين وروسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الدول العربية ذات الصلة بالملف الفلسطيني، ومن المتوقع أن يشارك في القمة الكثير من قادة الدول العربية، وفي مقدمتها الأردن وفلسطين ودول الخليج، إضافة إلى دعوة ممثلي منظمات دولية وإقليمية منها الأمم المتحدة والجامعة العربية.
وصرحت مصادر مصرية رفيعة المستوى لقناة القاهرة الإخبارية؛ أن هناك تلبية كبيرة وواسعة لدعوة الرئيس السيسي؛ من أجل حضور قمة القاهرة للسلام؛ حول القضية الفلسطينية، يوم السبت المقبل.
أزمات الشرق الأوسط
وحول توجيه الدعوة إلى إيران لحضور القمة المزمع عقدها في القاهرة، السبت، خاصة وأن طهران تلعب دورا كبيرا فيما تعيشه المنطقة من حالة عدم استقرار ولا يوجد حل لأزمات الشرق الأوسط دون وجودها، قالت أستاذة العلاقات الدولية الدكتورة نورهان الشيخ، إن الإيرانيين كانوا يجتمعون مع الأمريكيين في مسألة الملف النووي الإيراني خاصة إدارة الرئيس جو بايدن، أي في وقت قريب جدًا، لذا ليس من المستبعد حضور إيران القمة التي دعت لها مصر لحل الأزمة في غزة.
وأضافت "الشيخ" في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن حضور إسرائيل يتوقف على مدى استعدادها للتفاوض ومن الواضح أنها رافضة تماماً لمسألة وقف إطلاق النار، ومسألة رفضها هو أمر يخصها وحدها، ولكن باقي المجتمع الدولي بما فيهم الأمريكان تزداد احتمالية استجابتهم للدعوة.
وحول إمكانية تأثير الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل، قالت "الشيخ"، إنه حالياً للأسف لا تملك إدارة بايدن الكثير من التأثير على إسرائيل، بالعكس الضغوط الإسرائيلية على إدارة بايدن أقوى وأشد، وعلى الداخل الأمريكي بشكل عام، ولكن أعتقد أن الموقف الدولي قوي، أي الدول العربية والإقليمية بشكل عام وربما يخفف من حدة ما تنوي عليه إسرائيل تجاه الفلسطينيين على الأقل.
وتابعت "الشيخ"، قائلة: إنه للأسف الموقف الأمريكي فيه تطابق شبه كامل مع إسرائيل من حدة الخطاب الخاص بهم وأعتقد أنه لا يوجد تغييرات على الأرض مما يعني أنه ما زال الدعم العسكري والسياسي مستمر للأسف الشديد.
وقالت "الشيخ" عن تأثير غياب الطرف الإيراني أو الإسرائيلي عن القمة، إنه لن يؤثر لأن القمة هي رسالة إلى إسرائيل بالدرجة الأولى فسواء حضر الطرف الإيراني والإسرائيلي أو غابا لن يؤثر لأن الرسالة لابد أن تصل ومفادها أن المجتمع الدولي غير راضي عما يحدث مما سيقلل من مستوى الدعم المقدم لإسرائيل وسيزيد من الضغوط عليها للاستجابة للتخفيف من مواقفها ومن ضغوطها وحصارها على الشعب الفلسطيني.
وحول إمكانية حضور حزب الله للقمة قالت الشيخ، إن "لبنان طبعًا مدعوة باعتبارها دولة عربية ولكن مصر لا تتعامل مع حزب الله لأن مصر لا تتعامل مع الكيانات ما دون الدولة، إذ أن مصر تتعامل مع الدول والممثلين الرسميين للدول والممثل الرسمي للبنان، بالتأكيد أتوقع أنه مدعو ومرحب به وسوريا أكيد حاضرة والأردن لأنها قمة إقليمية لذا فإن الدعوة بالتأكيد للدول العربية كلها مرحب بها.
وأضافت أنه بالنسبة للمجتمع الدولي من الممكن أن يكون هناك دعوة للصين أو روسيا في هذه القمة وبالفعل أعتقد تمت دعوة الصين، ومن الممكن حضور وزير الخارجية سواء الروسي أو الصيني مما سيمثل دعما كبيرا جدًا .
وتابعت قائلة إن إسرائيل تخشى أن تنغرف في غزة بالعملية البرية وتفتح جبهات أخرى سواء لحزب الله أو سوريا مما سيكون أمر صعب بالنسبة لها لأنه من المستحيل أن تستطيع المحاربة على 3 جبهات في وقت واحد بنفس القوة، وهذا هو السبب في ترددها وتأنيها في مسألة العملية البرية على غزة، لأنها تريد أن تطمئن أنه لن يحدث هجوم من الجبهات الأخرى تشتت القدرات الإسرائيلية أو تتسبب لها في خسائر كبيرة وخصوصًا أن العملية البرية محفوفة بالمخاطر.
مصر مفاوض نزيه
ومن جانب آخر، قال أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز الأمصار للدراسات السياسية، الدكتور رائد العزاوي، حول حضور إيران القمة التي دعت إليها مصر،: إن مصر مفاوض نزيه مع الجميع وتريد أن تكون القمة بمستوى الحدث وأهمية الحدث، لأن مصر تعرف أن الأحداث الجارية الآن في هذا التوقيت هي أحداث خطيرة لهذا بالتأكيد مصر لن تدعو أطرافًا لتؤجج الموقف، بمعنى أن مصر لن تقوم بدعوة إيران إلى مثل هذه القمة؛ لأنها تعرف جيدًا أن دعوة إيران في هذا التوقيت سيثير الآخرين، وهي تريد أن تدعو الولايات المتحدة الأمريكية- حليفة إسرائيل في هذا التوقيت-، كما تريد أن تهدئ المنطقة، وأن تبرد النار الحاصلة الآن في المنطقة.
وأضاف العزاوي أن مصر تسعى إلى أن تكون المفاوضات حقيقية على مبدأ واحد وهو مبدأ من الحفاظ على أرواح المدنيين، وأيضا إطلاق سراح الأسرى من كلا الطرفين وفي نفس الوقت هي تريد أن يكون هناك حل حقيقي للأزمة. وهذا ما تحدث عنه الرئيس السيسي عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي.
ونوه بأن وجود إيران في تفاوض أو وجودها في أي اجتماع أو في موضوع فلسطين وغزة؛ سيثير الآخرين ولن يكون في نهاية المطاف لها أي مكان في هذه المفاوضات أيًا كان دور إيران، سواء كان داعما أو لم يكن داعمًا لحماس، وإيران ليست ضغطًا معترفا به دوليًا في القضية الفلسطينية، صحيح ربما تكون تدعم حماس أو تدعم فصائل أخرى، ولكن هذا شأنها، وأن تكون مفاوضًا أو أن تكون جزءا من حل الأزمة؛ هو شأن آخر.
ولفت العزاوي إلى أنه من الصعب حضور إسرائيل للقمة مع وجود حكومة نتنياهو المتطرفة جداً ولكن هناك حلفاءها مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الذين يريدون أن تكون إسرائيل حاضرة لإيجاد حل، معتقداً بأن اللقاءات المتعددة التي قامت بها مصر والتشاور المستمر مع الجميع دون استثناء؛ يعني فرصة لحلفاء إسرائيل لجلبها إلى التفاوض خلال أيام وربما يكون المستشار الألماني موجود في في القاهرة وهذا حدث مهم جدًا لأنهم حليف مهم لإسرائيل وبالتالي سيسمع ما سمعه بلينكن والآخرون من القيادة في مصر، بأنه على الإسرائيليين وقف الحرب، والجلوس على طاولة التفاوض؛ من أجل إنهاء هذا الصراع الذي لم يأت بخير لا لإسرائيل ولا لفلسطين.
وأشار إلى أن إيران لا تريد تأجيج الموقف، ولن تسعى ولا هي ولا أذرعها في المنطقة إلى الحرب مع إسرائيل، هي تريد الاستفادة من الموقف الحالي لا أكثر ولا أقل، تريد أن تبتز دول المنطقة وأمريكا العالم كله؛ لتحصل على بعض الامتيازات، بسبب العقوبات عليها، فهي تريد أن تفك الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، على مكاسب متعددة، بمعنى أنها لن تدخل أي حرب.
وحول من سيمثل سوريا ولبنان في القمة، يرى العزاوي أنه سيكون رئيس الوزراء اللبناني، وبالنسبة لسوريا من الممكن أن يكون وزيرا وربما يكون وزير خارجية، هذا على حسب رؤية القيادة المصرية لنوع الحدث نفسه وأهميته، ويعتقد العزاوي أن مصر تنسق مع المملكة العربية السعودية ووزير الخارجية السعودي في الكويت، وهناك اجتماع يوم غد وزراء خارجية دول الخليج العربي وهذا طبعا كله من أجل التهيئة للمؤتمر الإقليمي الذي دعت له مصر.
وقالت إيران ،الأحد، إن قواتها لن تدخل في اشتباك عسكري مع إسرائيل ما لم تشن هجوما عليها أو على مصالحها أو مواطنيها، وفق رويترز.
وقالت بعثة إيران في الأمم المتحدة بنيويورك لـ"رويترز" إن "القوات المسلحة الإيرانية لن تشتبك مع إسرائيل شريطة ألا تغامر منظومة الفصل العنصري الإسرائيلي بمهاجمة إيران ومصالحها ومواطنيها. جبهة المقاومة تستطيع الدفاع عن نفسها".
وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية، الأحد، أن إيران حذرت إسرائيل من التصعيد في غزة، إذ قال وزير خارجيتها إن "الأطراف الأخرى" في المنطقة جاهزة للتحرك "إذا لم يتوقف العدوان"، وفق "رويترز".
ونقلت الوكالة عن الوزير حسين أمير عبد اللهيان قوله "إذا لم تتوقف الاعتداءات الصهيونية فأيدي جميع الأطراف في المنطقة على الزناد".
رئيس وزراء إسرائيل
وتعهد رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتانياهو، الأحد، "بتدمير حماس" بينما يستعد الجيش الإسرائيلي لغزو بري لقطاع غزة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة حماس، المصنفة إرهابية، داخل البلدات الإسرائيلية.
وقال أمير عبد اللهيان: "مسؤولية احتمال فتح جبهات جديدة للمقاومة في المنطقة وأي تصعيد لحرب اليوم تقع مباشرة على عاتق الولايات المتحدة والنظام الصهيوني (إسرائيل)".
وقالت حماس، في بيان إن أمير عبد اللهيان اجتمع مع رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، السبت، في قطر، حيث ناقشا هجوم الحركة في إسرائيل "واتفقا على مواصلة التعاون" لتحقيق أهداف الجماعة الفلسطينية.
ولم يستبعد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، أن تختار إيران الانخراط بشكل مباشر بطريقة ما في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، وسط توقعات بشن إسرائيل لهجوم بري على القطاع.
وقال سوليفان في مقابلة، الأحد، إن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات استخباراتية جديدة محددة تشير إلى وجود مخاطر للتصعيد، لكنه قال إن الولايات المتحدة لا تستبعد احتمال تدخل إيران في الصراع، موضحا أنها تراقب سلوكها في هذا الاتجاه، وكذلك نشاط حزب الله الذي تدعمه في لبنان. وتدعم إيران أيضا حماس ماليا وعسكريا.
وأكد المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات عبر قنوات خلفية مع إيران، مؤخرا، لتحذيرها من التصعيد، في أعقاب هجوم حماس، والذي أعقبه غارات جوية إسرائيلية مكثفة على القطاع.