رصدت صحيفة فاينانشال تايمز، الوضع المأساوي في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وسط غزة، حيث لم يعد هناك مكان في المشرحة للأشخاص الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي للقطاع، لذلك وضع الموظفون 20 جثة في سيارات نقل الآيس كريم، والتي لسخرية الوضع، مزينة بصور الأطفال السعداء بالأيس كريم.
عثر على ما لا يقل عن 10 جثث ملفوفة بالأغطية على أرض قريبة. وفي مشرحة المستشفى، قال حسني أبو شيرة، لفاينانشال تايمز، إن منزل شقيقته دُمر في غارة جوية. رأيت جثتها وجسد ابنها وعدة أشخاص آخرين. وما زالوا يخرجون الموتى من تحت الأنقاض. حتى الآن أخرجنا تسع جثث.
[[system-code:ad:autoads]]
تستمر إسرائيل في قصفها العسكري رغم تزايد المخاوف من تصاعد كارثة إنسانية في غزة، ورغم الضغوط التي تواجهها من الدول الغربية لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في القطاع المحاصر، وللسماح للناس بالانتقال إلى مناطق آمنة ومنح حق الوصول للمساعدة، إلا أنها قصفت مدنيين عزل كانوا في طريقهم للفرار.
قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء والمياه والسلع عن غزة، وهي إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم. ويعاني نحو 2.3 مليون شخص في القطاع الفلسطيني الذي يبلغ طوله 40 كيلومترا، نصفهم تقريبا من الأطفال، من نقص مياه الشرب والأغذية الطازجة والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات.
قال مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد: شبح الموت يخيم على غزة. وبدون ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا دواء، سيموت الآلاف.
بعد أن أمرت إسرائيل بإخلاء الأجزاء الشمالية من غزة، فر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الجنوب. وقد أدى النزوح إلى زيادة العبء على مدارس الأمم المتحدة وغيرها من المرافق غير المجهزة للتعامل مع التدفق الهائل من الناس.
قال مصباح بلعواي، 45 عاماً: أحاول شراء حاوية غاز منذ يومين. لدي 70 شخصاً في المنزل وبالكاد نتمكن من توفير الخبز وبعض الجبن. في بعض الأحيان ينام الأطفال جائعين. حياتنا مأساوية. لماذا تخلى عنا العالم؟
وقف إبراهيم بربخ، 37 عاماً، في طابور لشراء المياه العذبة. وقال الحيوانات تعيش أفضل منا. لم يكن لدينا ماء للشرب أو الاستحمام منذ أيام. علينا أن نشرب الماء المالح. لقد ارتفعت الأسعار وليس لدينا المال.
قالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، إن الحصار الإسرائيلي يجب رفعه. وأضاف: لم نتمكن من جلب حبة قمح واحدة خلال الأيام الثمانية الماضية.
نقلت الوكالة عملياتها إلى مستودع في رفح حيث قالت إن آلاف الأشخاص لجأوا إليه. إنها مساحة لوجستية وليس المقصود منها إيواء الناس، ولا توجد مراحيض هناك. وحذرت توما من انتشار المرض بسبب نقص المياه.
أضافت أن موظفي الأونروا يضطرون إلى تقنين استهلاكهم للحصول على لتر من مياه الشرب يوميا، مضيفة أن محطات تحلية المياه التي توفر المياه لغزة لا تستطيع العمل نتيجة لنقص الوقود.
تبدو مثل هذه الضغوط واضحة في جميع أنحاء غزة. وفي مستشفى دار الشفاء في شمال غزة، انتقل نحو 40,000 نازح إلى المستشفى بحثًا عن ملجأ من الغارات الجوية.
قال غابرييل نعمان، مسؤول المناصرة في منظمة أطباء بلا حدود في القدس، إن الظروف في المستشفى كانت “فظيعة”. "الإمدادات تنفد، والوقود قليل جدًا لتشغيل المولدات، والأطباء على وشك الانهيار".
في مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، قال يوسف العقاد، مدير المستشفى، إن المدنيين الذين أصيبوا في الغارات الجوية فقدوا في كثير من الأحيان منازلهم وعائلات بأكملها، لذا يطلبون البقاء في المستشفى.
وأضاف: "لقد عقدنا صفقة معهم". بعد بضعة أيام من تحسن حالتهم، يمكنهم النوم على الأرض وترك سريرهم لشخص مصاب حديثاً. لم يتمكن المستشفى من تقديم الطعام للمرضى، وسوف ينفد مخزون الوقود في غضون أيام قليلة.
في علامة على تفاقم الأزمة في غزة، أضاف لفاينانشال تايمز: مولداتنا قديمة ومتهالكة، إذا توقفت في أي لحظة، سيموت 20 شخصا في وحدة العناية المركزة.