الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اجتماعات صندوق النقد الدولي.. السياسة تهيمن وضربة حماس الموجعة لإسرائيل تتصدر المشهد

الاجتماعات السنوية
الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي

يستضيف المغرب اجتماعات صندوق النقد الدولي، في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر 2023، حيث تم مناقشة دور البنك الدولي وصندوق النقد في حل أزمة تفاقم الظلم الاجتماعي والمناخي، وعدم المساواة المرتبطة بقوة الاستعمار الجديد واستغلال الطبقة العاملة.

وشهدت الاجتماعات المنعقدة في أفريقيا لأول مرة إطلاق مجموعة من ورش العمل من أجل الوصول لفهم عالمنا اليوم، بأزماته المتعددة الأبعاد والمترابطة (الاجتماعية والغذائية والاقتصادية والصحية والبيئية والهجرة والحرب والديمقراطية). 

صندوق النقد الدولي

وشارك في الاجتماعات المنعقدة في المغرب، وزير المالية الدكتور محمد معيط، الذي أكد أننا نتطلع إلى التحديث المستمر لأنظمة الحماية الاجتماعية لتكون أكثر مرونة وشمولًا واستدامة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية المُلحة بداية من تبعات جائحة كورونا مرورًا بالحرب في أوروبا والتغيرات المناخية الحادة، وبما يُسهم في مد مظلة الأمان الاجتماعي، موضحًا أن الحكومة المصرية تعمل على خلق حيز مالي مستدام للتوسع في الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، على نحو انعكس في إطلاق العديد من الحزم المالية الهادفة لمساندة الفئات والقطاعات الأكثر تأثرًا بالأزمات العالمية، وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهلهم وقد تضمنت "الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050" الحماية الاجتماعية للمواطنين من الكوارث الطبيعية.

وأضاف الوزير، في مائدة مستديرة، بعنوان: "بناء الحماية الاجتماعية الشاملة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بمراكش، بحضور فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن الحكومة المصرية نجحت خلال العِقد الماضي في تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية لرفع العائد من الإنفاق العام مع الالتزام بمعايير الانضباط المالي، وتحقيق التوازن بين التوسع في الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا للفئات الأولى بالرعاية، وبين الحفاظ على مؤشرات أداء الاقتصادي الكلي، مع الاستمرار أيضًا في تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين وزيادة الاستثمارات التنموية، رغم ما تُواجهه موازنات الدول النامية من ضغوط ضخمة للوفاء بالالتزامات الحتمية في ظل الموجة التضخمية العالمية الناتجة عن التحديات العالمية الراهنة.

واستعرض الوزير، جهود مد مظلة شبكة الحماية الاجتماعية منذ جائحة كورونا وحتى الآن، قائلًا: إن حجم الحزم الاجتماعية التحفيزية خلال الثلاث سنوات الماضية بلغ 450 مليار جنيه، شملت زيادات متتالية في الأجور، والمعاشات، وبرنامجي "تكافل وكرامة"، و"التضامن الاجتماعي"، مشيرًا إلى أننا نولي أولوية متقدمة لقطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، وفقًا لـ  رؤية مصر 2030، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

وقال الوزير، إنه تم تخصيص 529.7 مليار جنيه في العام المالي الحالي 23 /2024 لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، مقارنة بنحو 244.5 مليار جنيه في العام المالي 14/ 2015، وسداد 202.2 مليار جنيه لصالح المعاشات مقارنة بـ 33.2 مليار جنيه عام 14/ 2015، وزيادة مخصصات برنامج تكافل وكرامة من 12.1 مليارات جنيه في 14/ 2015 إلى 35.3 مليار جنيه، وارتفاع مخصصات تمويل الإسكان الاجتماعي من 150 مليون جنيه في العام المالي 14/16 إلى 10/2 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي، فضلًا على زيادة مخصصات الصحة في موازنة العام المالي الحالي إلى 396.9 مليار جنيه بنسبة زيادة 30.4%؜ مقارنة بالعام المالي الماضي، وارتفاع مخصصات التعليم لتصل إلى 591.9 مليار جنيه بنسبة زيادة 24.3% مقارنة بالعام المالي الماضي.

من جهتها قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، الجمعة، بمراكش، إن حالة "اللا يقين الشديد" التي يشهدها العالم حالياً تستدعي كتابة سيناريو أفضل للخمسين سنة المقبلة. 

وأوضحت "جورجييفا" في كلمة بمناسبة افتتاح الجلسة العامة للاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن الأمر يتعلق أساساً بتعزيز الاستثمار في الأسس الاقتصادية القوية، وفي التعاون الدولي، مبرزة أن هذه الأفكار تتجسد في مبادئ مراكش، التي أعلن عنها البنك الدولي والحكومة المغربية، وعَادَة أن هذا التوجه يمر عبر وضع سياسات وإصلاحات ملائمة، مع تعزيز العمل المشترك، وإشراك القطاع الخاص، بغية مكافحة التضخم، والحد من الفقر وعدم المساواة.

عملية طوفان الأقصى

وأضافت "جورجييفا" قائلة: "من الواضح أننا في فترة ستتسم بارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، لكن تشديد الأوضاع المالية قد يلحق الضرر بالأسواق والمؤسسات البنكية وغير البنكية"، مشددة على ضرورة التحلي بالحذر أكثر من أي وقت مضى في تدبير السياسة المالية، لأن الدين والعجز أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، وداعية إلى اعتماد إصلاحات تحويلية لتحفيز النمو على المدى المتوسط، وأشارت في هذا السياق إلى أن تنفيذ مثل هذه الإصلاحات الملائمة من شأنه زيادة مستويات الإنتاج بنسبة 8 في المائة خلال 4 سنوات.

ولتمويل هذه الإصلاحات، طالبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بالموازاة مع التمويل الخارجي، بإصلاحات ضريبية، يمكن أن تدر مداخيل إضافية تصل إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الناشئة، و9 في المائة للبلدان منخفضة الدخل.

من جهته، قال رئيس البنك الدولي، أجاي بانجا، إن العالم "يواجه تراجعاً في منحى التقدم بمجال مكافحة الفقر، وأزمة مناخية وجودية، وانعدام الأمن الغذائي، والهشاشة، إضافة إلى العديد من النزاعات التي تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة". 

وحذر من أن ذلك يعني أن فقدان نسبة 1 في المائة تضع 100 مليون شخص تحت عتبة الفقر، و50 مليون شخص آخر تحت عتبة الفقر المدقع، مؤكداً أن البنك الدولي ملزمٌ بأن يكون مؤسسة تحث على التفاؤل، وسلط الضوء في هذا السياق على أهمية مباشرة إصلاح "للوفاء بهذا الوعد والاستجابة للتوقعات".

وأصدر "صندوق النقد الدولي" تقريرين، الثلاثاء الماضي، الأول عن آفاق الاقتصاد العالمي، تم عرض تفاصيله في مؤتمر صحفي، والذي يتوقع أن يظهر مزيداً من الخفض في توقعات النمو لهذا العام، وهو ما مهّدت له "جورجييفا" حين قالت إن التعافي الاقتصادي العالمي مستمر من الصدمات التي شهدها خلال السنوات الماضية، لكنه تعافٍ بطيء وغير متوازن، وهو ما يرتدّ على معدلات النمو الضعيفة.

فالوتيرة الحالية للنمو العالمي تظل ضعيفة جداً، حيث سجلت تراجعاً كبيراً عن متوسطها البالغ 3.8 في المائة، خلال العقدين السابقين على جائحة "كوفيد 19".

أما التقرير الثاني فيتناول آفاق الاقتصاد الإقليمي، والذي جرى إطلاقه في مؤتمر صحفي عقده مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الدكتور جهاد أزعور، والذي يرى أن الأوان آن لإعادة النظر في محركات النمو الاقتصادي عبر مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن هناك فرصاً غير مسبوقة أمام بلدان المنطقة البالغ عددها أربعة وعشرين بلداً لتأمين النمو الشامل للجميع، وخلق وظائف عالية الجودة، وتحسين الاستجابة لطموحات مواطنيها البالغ عددهم 600 مليون نسمة.

وهيمنت السياسة على برنامج اليوم الثالث من الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وظهر ذلك بشكل جلي في المؤتمر الصحفي، الذي عقدته الأربعاء الماضي جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، حيث تطرقت للأحداث الأخيرة والمتواصلة في إسرائيل وغزة، وحرب أوكرانيا، والعلاقات الأميركية - الصينية.

تشاؤم كبير بالاجتماع

وقالت يلين: "واشنطن تدين الهجوم المروع الذي شنّه "إرهابيو حماس” من غزة السبت الماضي بأشد العبارات الممكنة، وتقف بحزم إلى جانب الشعب الإسرائيلي. مشيرة إلى أن اجتماعات مراكش الحالية هي الأولى من نوعها في أفريقيا منذ 50 عاماً، وأنه من المناسب أن نوجد في مراكش؛ لأن أفريقيا سوف تشكل مستقبل الاقتصاد العالمي".

كما تطرقت المسؤولة الأميركية إلى الاقتصاد الكلي العالمي، مشيرة إلى أن بعض "التشاؤم الذي تم التعبير عنه عندما التقينا العام الماضي لا يزال غير مبرر". وقالت بهذا الخصوص: "الاقتصاد العالمي ما زال في وضع أفضل مما تصوره كثيرون، وتوقعات النمو العالمي هي نفسها تقريباً كما كانت في يوليو الماضي".

وذكرت يلين، أن صندوق النقد الدولي "يتوقع أن يستمر التضخم العالمي في الانخفاض. ورغم أن بعض البلدان لا تزال تعاني تباطؤ النمو، فإننا لا نرى أي علامات على وجود آثار غير مباشرة واسعة النطاق تؤدي إلى زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي"، بحسب وزيرة الخزانة الأميركية، التي استدركت قائلة: "لكننا بالطبع نواصل مراقبة المخاطر السلبية على التوقعات الاقتصادية من كثب». في سياق ذلك، أفادت يلين بأن الولايات المتحدة شهدت انتعاشاً قوياً تاريخياً، مدفوعاً بالخطة الاقتصادية لإدارة جو بايدن"، مشيرة إلى أن معدل البطالة بلغ الآن 3.8 في المائة، كما انخفض التضخم بشكل كبير. 

وقالت في هذا السياق: "نحن نقوم أيضاً باستثمارات طويلة الأجل. وقانون البنية التحتية، الذي أقرّه الحزبان الجمهوري والديمقراطي، وقانون تشيبس والعلوم، وقانون الحد من التضخم، تعمل على بناء القوة الاقتصادية الأميركية، والتأثير سيكون محسوساً خارج نطاق الولايات المتحدة".

ومن جانبه قال الدكتور هشام كيرا أستاذ الاقتصاد بجامعة القلعة الإسبانية، إن الاجتماع السنوي في مراكش، يناقش 6 محاور، في مقدمتها "الجانب المالي والرقمي، التنمية المستدامة، ريادة الأعمال والابتكار، وإصلاح المؤسسات المالية، والأمان الاجتماعي، والتسامح والتآخي".

وأضاف كيرا- خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الاجتماع يولي أهمية خاصة للقضايا الأفريقية الراهنة، بالإضافة للتغيرات المناخية، وأزمة الأمن الغذائية بين مجموعة من الدول.

وأشار كيرا، إلى أن عقد الاجتماع في دولة أفريقية بعد نحو 50 سنة من الغياب، إذ يعود آخر اجتماع في دولة أفريقية إلى عام 1973 في كينيا، يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للقارة الأفريقية، وكذلك بالنسبة للمغرب.