أودعت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة طوارئ المنعقدة بمجمع المحاكم بمأمورية استئناف مركز الإصلاح والتأهيل بدر، حيثيات الحكم بالمؤبد في إعادة محاكمة المتهم تامر المسعودي في القضية رقم 95 لسنة 2018 جنايات أمن الدولة طوارئ الهرم، والمقيدة برقم 115 لسنة 2019 كلي حلوان والمعروفة إعلاميا بـ «التخابر مع داعش».
حيثيات الحكم في قضية التخابر مع داعش
صدرت حيثيات المحكمة في قضية التخابر مع داعش برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، وعضوية المستشارين غريب عزت ومحمود زيدان، والطاهر رفيق وكيل النائب العام، وأمانة سر ممدوح عبدالرشيد.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم في قضية التخابر مع داعش، أن وقائع القضية حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة الأوراق وما حوته من استدلالات وتحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن جماعة إرهابية بدأ ظهورها عام ألفين وسته خرجت من عباءة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، واتخذت لنفسها اسم داعش وهو الاختصار الحرفي لدولة إسلامية في العراق والشام، ومن أعضاء هذه الجماعة الذين يعملون لمصلحتها المتهمين عماد أحمد عبد السلام الورفلي، ومفتاح أحمد عبد السلام الورفلي، وعياد أحمد عبد السلام الورفلي، ومروان الغريب، وهم ليبيو الجنسية، وتامر رمضان عبد الحفيظ إبراهيم - ويكـنى تامر المسعودي، يعاونهم أعضاء كتيبتهم المسلحة التابعة للجماعة عقدوا العزم على القيام بتجارة آثمة هي خطف المصريين العاملين بدولة ليبيا واحتجازهم وتعذيبهم بدنياً بغرض حمل ذويهم على دفع مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم لتمويل الجماعة بالمال.
وتضمنت حيثيات المحكمة في التخابر مع داعش، أن المتهم محمد رجب عبد الواحد وهو مصري الجنسية، سعى للعمل لدى المتهمين عماد أحمد عبد السلام الورفلي، ومفتاح أحمد عبد السلام الورفلي، وعياد أحمد عبد السلام الورفلي، ومروان الغريب الذين يعملون لمصلحتها، وتفاهم معهم وتحدد دوره بأن يقوم بجمع المعلومات عن المصريين العاملين بدولة ليبيا وإمدادهم بها تمهيداً لخطفهم واحتجازهم والتعدي عليهم بغرض الحصول على فدية من أهلهم لإطلاق سراحهم، وقد اشترك معه في هذه الجريمة المتهمون من الثاني للخامس بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفقوا معه على أن يقوم بجمع معلومات عن المصريين العاملين بدولة ليبيا وإمدادهم بها، وساعدوه بأن أمدوه بوثائق سفر المصريين المخطوفين وأرقام هواتف ذويهم لجمع المعلومات عنهم لتقدير مبالغ الفدية واستلامها وإرسالها إليهم.
وجاء في حيثيت المحكمة، أن الجريمة وقعت بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة فقد حدث في نهاية عام ٢٠١٦ أن كان المجني عليهم أحمد حسين محمد السيد، وشعبان طه محمد وأحمد حامد حامد شلاطة، وحامد عبد اللطيف العجيري وفتحي السيد حسن متولي، ونبيل نبيل محمد إبراهيم، ومحمد جاد حامد الشربيني ومحمد ربيع إبراهيم أبو بكر، حسين عبد العاطي علي كمال، ومحمد صلاح سيد جودة، وعبد الحميد حمادة مطاوع قد اتخذوا طريقهم نحو دولة ليبيا بحثاً عن الرزق، فتسللوا من الحدود الغربية للبلاد عبر طرق ودروب غير شرعية، وتبادل أشخاص نقلهم من مكان لآخر حتى وصلوا إلى السلك الشائك الفاصل بين الحدود المصرية والحدود الليبية، حيث تسلمتهم مجموعة أخرى من المسلحين الليبيين وتوجهوا بهم إلى مخزن كبير في الصحراء، وجرى تسليمهم من مجموعة إلى أخرى، ومن مخزن إلى آخر على مدى إحدى عشر يوماً، وحال تنقلهم بين المخازن الكائنة في الأراضي الليبية على نحو ما سبق اختطفهم بالقوة عدد من الليبيين يرتدون زياً عسكرياً ويحملون أسلحة آلية وأخبروهم أنهم يتبعون تنظيم داعش، وأنزلوهم من السيارة بغرض إيذائهم وإلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم وحقوقهم وحرياتهم وأمنهم للخطر، واحتجزوهم في أحد المقرات التابعة لهم بمنطقة بني وليد الليبية، وأحكموا وثاقهم وكبلوهم بالأصفاد واحتجزوهم قرابة الخمسة أشهر تحت التهديد بالقتل والأذى الجسدي والنفسي حال حملهم أسلحة نارية، وأنزلوا بهم من العذاب صنوفاً، فنزعوا عنهم أرديتهم، وكشفوا عوراتهم، وكبلوهم بقيود حديدية (جنزير) وأيديهم خلف ظهورهم، وضربوهم بالعصا، وأجبروهم على شرب بولهم، وهتكوا عرضهم وإجبارهم على ممارسة اللواط فيما بينهم.
فما كان من ذويهم إلا أن استدانوا وباعوا ما لديهم ليجمعوا ثمن إنقاذ أبنائهم مائة وعشرين ألف جنيه هي ثمن حياة جديدة لهؤلاء وقد نتج عن هذه الجريمة الإرهابية وفاة المجني عليه محمد جاد حامد الشربيني الذي لم يتمكن نجله من تجهيز كامل مبلغ فديته المطلوبة والتي تبلغ إحدى وسبعون ألف جنيه، استطاع أن يدبر منها إحدى وثلاثون ألف جنيه أعطاهم للمتهم عبد الحميد النبوي محمد عبد الله (السابع) أحد شركاء الخاطفين في مصر لتحويلها إليهم كطلبهم، إلا أن ذلك القدر اليسير من المال لم يشبع نفوسهم، فدلف إليه المتهمون (الثاني) عماد أحمد عبد السلام، و(الثالث) مفتاح أحمد عبد السلام، و(الرابع) عياد أحمد عبد السلام وانهالوا عليه ضرباً لإجبار أهليته على استكمال السداد ولإرهاب الباقين بأنهم سيلاقون ذات المصير حال تقاعسهم عن السداد، إذ بدأ مفتاح عبد السلام الورفلي تعذيبه بضربه بماسورة على رأسه فأحدث به جرحاً كبيراً حدثت له بسببه غرغرينا، وظهرت عظام الجمجمة من فتحة الجرح، ثم تابع عماد وعياد عبد السلام الورفلي ضربه، وظل المجني عليه يقاوم الموت ويتمسك بالحياة لعدة أيام، يأمل في لين قلوبهم، لكن ران على قلوبهم ما كانوا يفعلون، وبعد سبعة أيام من الضربة الأولى ضربه مفتاح ضربة ثانية بالعصا على موضع الجرح، وأحضر ماسورة ووضعها في صابون سائل وأدخلها بكل قوة في مؤخرته، فعلا صراخه واشتد فنزع المتهم عصاه، فانفجر من دبره دماً غزيراً، وفقد وعيه ثم توفاه الله رحمة به من هول العذاب، فألقاه الحراس في الصحراء وقد اشترك معهم في هذا العمل الإرهابي مع علمه به المتهم محمد رجب عبد الواحد (الأول) الذي حرضهم على ارتكاب جريمة الإتجار بالبشر من خلال خطف المجني عليهم المصريين العاملين بدولة ليبيا باستخدام القوة والعنف.
واتفق معهم على تعذيب المجني عليهم حتى يحصلوا على مبالغ مالية من ذويهم، وساعدهم على جمع أموال الفدية من أهلية المخطوفين، حيث طلب الخاطفون من ذوي المخطوفين تسليمه مبالغ فديتهم، وأوعزوا إليهم أن لا أحد سواه يستطيع فك سراح بنيهم، فسارعوا بجمع الجزء الأخير من مبلغ الفدية الذي قارب خمسة وخمسين ألف جنيه لكل مختطف، وحملوها إلى المتهم الأول محمد رجب عبد الواحد في مسكنه بمنطقة الهرم، وأخبروه بكلمة السر المتفق عليها مع مجموعة الخاطفين الليبية، حيث كان يتواصل محمد رجب عبد الواحد هاتفياً مع المتهم عماد عبد السلام الورفلي ويخبره بتمام السداد كما أنه أمر في مكالمة هاتفية أحد الحراس القائمين على احتجاز المخطوفين في ليبيا، أمره بإخراج المختطف حسين عبد العاطي من مقر احتجازه ليتحدث هاتفياً مع أهليته فانصاع له الحارس وأحضر له المخطوف وتحدث مع عمه نصر الدين علي كمال الدين، وكان يتواصل أيضاً مع أعضاء ذلك التنظيم الإرهابي أمام أهلية المخطوفين المتواجدين معه في مسكنه انتظاراً لفك أسر ذويهم، ويطمئن الخاطفين على تمام تحويل مبالغ فدية المخطوفين بعد أن ينال نصيبه منها، وكان الخاطفون يطلقون سراحهم تباعاً بعد سداد فديتهم للمتهم الأول في مصر.
ولم يكن المتهم الأول محمد رجب عبد الواحد فقط هو الذي يتولى جمع مبالغ الفدية من أهلية المجني عليهم، بل كان يسبقه فريق آخر في مصر يجمع ويتلقى مبالغ الفدية من أهلية المخطوفين على زعم أنهم أصحاب مكاتب تحويلات ثم ينقلوها للمتهمين أعضاء تنظيم داعش الإرهابي ومن هذا الفريق المتهم السادس تامر رمضان عبد الحفيظ إبراهيم واسمه الحركي "تامر المسعودي" الذي أمد المتهم الخامس بالأموال التي يقوم بتحصيلها من المصريين المخطوفين وقد اعتاد المحكوم عليه الأول مع آخرين مجهولين التوسط في تهريب المهاجرين المصريين مع آخرين من بينهم المتهم/ تامر رمضان عبد الحفيظ والذي كلفه في إحدى الوقائع التي كان ضحيتها المجني عليه/ ميلاد سعد عطية جودة وهو مصري استقر بدولة الكويت وعمل بالمقاولات وحقق من خلالها أرباحاً وأموالا كثيرة فقام ذلك المحكوم عليه بجمع معلومات عنه أمد بها المتهمين المحكوم عليهما الثالث والرابع مفتاح أحمد عبد السلام، عياد أحمد عبد السلام وأرسل إليهما وثيقة سفره لخطفه واستغلاله ماديا وأخذ أمواله و قد أخبره المحكوم عليه الثالث/ مفتاح أحمد عبد السلام أن محل إقامة المجني عليه ميلاد سعد عطية جودة يخرج عن حدود سطوته ونفوذه فاتصل بصديقه المتهم/ تامر رمضان عبد الحفيظ إبراهيم واسمه الحركي " تامر المسعودي" وطلب منه التدخل من خلال علاقاته في ليبيا للقبض على المجني عليه وحجزه هناك للضغط عليه وعلى أهليته لسداد مبلغ مائة وثماني وعشرين ألف دولار لصالح آخرين في مصر يدعون أنه استولى منهم على ذلك المبلغ بطريق النصب و قد أمد المتهم ببياناته كاملة ومعلومات عن أهليته وثرائهم وأرسلها له من خلال تطبيق الماسنجر" (الاسم، رقم الهاتف، محل الإقامة في ليبيا).
ووافقه المتهم تامر المسعودي على طلبه وأخبره أنه على صلة بالمحكوم عليه الخامس / مروان غریب نائب المسؤول عن كتيبة قوة الردع في ليبيا والتي يقع مقرها بمنطقة أبو سليم محل سكن المجني عليه المطلوب خطفه والقبض عليه ميلاد سعد فحصل منه على رقم هاتف مروان الغريب واتصل به في منتصف شهر يوليو عام ۲۰۱۷ وحرضه على خطف ميلاد سعد واتفق معه على احتجازه لديه في الكتيبة التي يعمل بها حتى يسدد ما عليه من ديون (مبلغ مائة وثماني وعشرون ألف دولار)، فوافق على أن يحصل على نصف ما يدفعه ميلاد سعد، واتفقا على أن يكون دور تامر المسعودي هو استلام المبلغ وتسليمه لمروان الغريب، وساعداه بأن أمداه بمعلومات عن ميلاد سعد، وأرسلا له رقم هاتف وصورة من وثيقة سفره، وأخبراه عن المكان الذي يقيم فيه، وقد وقعت الجريمة موضوع هذا الاتفاق، فنفذ المتهم الخامس ما طلب منه وأتم جريمته بناءً على ذلك التحريض، وهذا الاتفاق وتلك المساعدة بأن ترصد وأعضاء كتيبته المسلحة للمجني عليه ميلاد سعد عطية الذي يحمل الجنسية المصرية والمتواجد بدولة ليبيا خارج حدود الدولة المصرية - ترصده أمام مسكنه في أحد أيام شهر رمضان الكريم.
ولما حان وقت إفطار الصائمين، أشهروا في وجهه أسلحتهم، وهددوه بالقتل، واختطفوه في سيارة يصاحبها عدد من سيارات الحراسة، واقتادوه إلى إحدى الكتائب المسلحة في منطقة تسمى جزيرة الدوران، واحتجزوه في ذلك المكان لمدة أربعة وخمسين يوماً، عذبوه خلالها بالضرب بالمواسير على كل أنحاء جسده والتعليق من يديه وقدميه ، ووضع إطارات المدرعة على صدره، ولم يستعطفهم صراخه بل اتصل المتهم الخامس مروان الغريب هاتفياً بالمحرض محمد رجب عبد الواحد (المتهم الأول) وأسمعه صراخ الضحية واستغاثته، فتسمى الأخير باسم العقيد علي السلاموني وتحدث مع المجني عليه ذاكراً أنه لا مناص من سداد المبلغ المطلوب، وكان ذلك بقصد استغلاله مادياً وإجبار ذويه على دفع مبالغ مالية نظير إطلاق سراحه، ثم أكد على شريكه المتهم الخامس بموالاة التعذيب، واتفقا سوياً على تمكينه من محادثة شقيقه، وتم ذلك الاتصال، وطلب المجني عليه من شقيقه أن يسدد فديته للمتهم الأول، فأجرى شقيق المجني عليه اتصالاً بالمتهم الأول الذي استتر وتسمى باسم "أبو حسام"، وانتهت المكالمة والواقعة عند ذلك.
وتمكن المجني عليه من الفكاك بنفسه من براثن خاطفيه بمساعدة آخرين، وقد تم ذلك من خلال كتيبة مسلحة تُسمى كتائب قوة الردع بليبيا يبلغ قوام أفرادها عدد من المسلحين يجاوز خمسة وسبعين مسلحاً يقودهم مروان الغريب، وكان تامر المسعودي (المتهم السادس)، والذي يحمل الجنسية المصرية يتلقى في ذلك المقر تدريبات عسكرية على أساليب القتال تحت راية التنظيم الإرهابي تنظيم (داعش) والذي يقع مقره بدولة ليبيا خارج حدود الدولة المصرية وقد وقفت تحريات هيئة الأمن القومي على تلك الواقعة فضلاً عما أقر به المتهم/ تامر المسعودي حال استجوابه بارتكابه لجريمة التوسط في تهريب المهاجرين وتحريض المحكوم عليه الخامس/ مروان الغريب على خطف المصري ميلاد سعد عطية وتعذيبه حتى يسدد ما عليه من أموال.