تحتفل مصر فى 6 أكتوبر من كل عام بذكرى الإنتصار فى حرب أكتوبر المجيدة ، نتذكر التضحيات التى بذلها رجال هانت أرواحهم ، و لم تهن مكانة الوطن فى قلوبهم ،حيث أثبتت الحرب للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور يستند إلي شجاعة القرار ، و دقة الإعداد و التخطيط ، و بسالة الآداء و التنفيذ ، مما أكَّد للجميع أن الشعب المصرى ضرب أروع صور البطولة و وقف إلى جوار قواته المسلحة .
أكَّدت حرب أكتوبر إستحالة سياسة فرض الأمر الواقع ، و إستحالة إجبار شعوب المنطقة ، كما أثبتت أيضاً أن الأمن الحقيقي لا يضمنه التوسع الجغرافى على حساب الأخرين ، و لذلك تنبَّه العالم لضرورة إيجاد حل للصراع العربى الإسرائيلى ، و كان من أبرز نتائج تلك الحرب رفع شعار المفاوضات و ليس السلاح .
إن التضامن العربي الذى ظهر بوضوح فى حرب أكتوبر دليلاً قاطعاً على بداية شعور العرب و لأول مرة فى تاريخهم المعاصر بالخطر على أمنهم القومى و الإستراتيجي و لذلك تُوِّجَ هذا التضامن بنصر عسكرى كبير فَخِرَ به الجميع .
شعرت الأمة المصرية بالإنكسار و الإستسلام بعد الهزيمة التى تعرض لها الجيش المصرى خلال حرب 1967 ،
ثم أتت حرب الاستنزاف التى استمرت نحو ثلاث سنوات و نصف السنة أو حرب الألف يوم كما أطلق عليها الإسرائيليون ، بدأت عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة ( بورفؤاد ) بهدف إحتلالها بعد ثلاثة أسابيع تقريباً من النكسة ، فتصدَّت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عُرِفَت بمعركة ( رأس العش ) و هُزِمَت إسرائيل أول هزيمة ، و تصاعدت العمليات العسكرية خلال أطول حرب استنزاف فى العالم ، كما قامت القوات البحرية بإغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية ( إيلات ) أمام مدينة بورسعيد فى البحر الأبيض المتوسط حيث قامت بإغراقها بواسطة 4 صواريخ بحرية كانت هى الأولى من نوعها فى تاريخ الحروب البحرية و بداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية و إستراتيجيات القتال البحرى فى العالم ، كما قامت القوات البحرية بتدمير الغواصة الأسرائيلية ( داكار ) حيث كانت الغواصة تتجسس على أحواض لنشات الصواريخ المصرية بمقر قيادة القوات البحرية المصرية بالإسكندرية .
استطاعت مصر أن تُعِيد بناء القوات المسلحة و تكوين قيادات ميدانية جديدة ، و إعداد القيادات التعبوية الجديدة و إعادة تشكيل القيادات فى السلاح الجوى و إدخال نظم تدريب على كل ما هو أساسى للحرب ، و كذلك التدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب ، كما استعدت القوات المسلحة للحرب بكل ما هو حديث فى تكنولوجيا التسليح و قامت بتطوير أسلحة المشاة و إستبدلت الدبابات القديمة بالجديدة و تم الدفع بطائرات حديثة و إدخال طرازات حديثة من الصواريخ قصيرة و متوسطة المدى ، كما تحول الإقتصاد المصرى قبل حرب أكتوبر إلى إقتصاد الحرب و ذلك بمعنى تعبئة جميع المصانع و منتجاتها لإستيفاء إحتياجات القوات المسلحة ، كما قاموا ببناء حائط الصواريخ بهدف صد الهجمات الجوية الإسرائيلية ، و كان لهذا الحائط دور كبير فى تحييد القوات الجوية الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر 1973 ، مما سَهَّل عملية العبور و إجتياز خط بارليف .
إن الانتصار المصرى قد غَيَّرَ العديد من المفاهيم فى مجال الفكر العسكرى العالمى ، فهناك العديد من الوثائق التى تحمل فى طيَّاتها العديد و العديد من العِبَر و الدروس المستفادة التى من شأنها إضافة مبادىء جديدة إلى العلوم العسكرية .
و تظل هذه الحرب عملاً عسكرياً عظيماً حققته القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع شعب مصر العظيم و بمساندة من كل الشعوب و الجيوش العربية لترتفع هامات العرب جميعاً ، يُعَدُّ إنتصار أكتوبر 1973 أعظم إنتصارات العصر الحديث علي الإطلاق ومازال يُدَرَّس في المحافل العسكرية علي أنه مثال إستراتيجي عسكرييُحْتَذَيبه.