وصل الدولار إلى مستويات مرتفعة تتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق المتقدمة، ويتحرك اقتصاد الولايات المتحدة بمسارات مخالفة لتوقعات الخبراء والمؤسسات الاقتصادية العالمية، نتيجة رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل متتال ومتسارع لمواجهة التضخم المرتفع.
الدولار أصبح ماضيا
قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين" دميتري بيسكوف، إن استقرار الاقتصاد في روسيا تضمنه الحكومة والبنك المركزي، مؤكدا أن روسيا تعيش بمنطقة الروبل، لا الدولار، وذلك تعليقا على تراجع سعر صرف الروبل.
وأضاف في تصريحات للصحفيين، أوردتها شبكة روسيا اليوم، أمس الثلاثاء، أنه يتم ضمان استقرار الاقتصاد الكلي بالكامل في البلاد بفضل إجراءات البنك المركزي الروسي والحكومة، مشددا على أنه لا يوجد سبب للقلق.
وأشار إلى أن الاهتمام المفرط بتقلبات سعر صرف الدولار في روسيا بات من الماضي.
وتابع: نعيش في منطقة الروبل، لذلك فإن الاهتمام المفرط بسعر صرف الدولار، أمر ممكن من وجهة نظر عاطفية، وهذا أمر من الماضي، علينا الاعتياد على مبدأ العيش في منطقة الروبل وعدم الاهتمام بسعر صرف الدولار.
وصعد سعر الدولار فوق مستوى 100 روبل للمرة الأولى منذ 14 أغسطس الماضي، لكن العملة الروسية قلصت خسائرها بشكل كبير وجرى تداولها عند 95.5 روبل للدولار في تعاملات الظهيرة.
تحدي هيمنة الدولار
وارتفع سعر صرف اليورو مقابل الروبل بواقع 75ر16 كوبيك ليصل إلى 33ر104 روبل، بحسب ما أوردته وكالة تاس الروسية للأنباء.
وبدوره، استقر سعر صرف اليوان مقابل الروبل عند 6ر13 روبل.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أغسطس الماضي، إن حصة الدولار في تعاملات مجموعة "بريكس" تراجعت، وأن الحد من الاعتماد على الدولار مستمر "ولا تراجع عنه"، فيما استبعدت الولايات المتحدة تحول المجموعة إلى منافس جيوسياسي لها أو لأي بلد آخر، مشيرة إلى "التباينات في وجهات نظر أعضائها".
وتلقى الدولار دعما من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية بينما عززت البيانات الاقتصادية القوية توقعات إبقاء الفائدة مرتفعة لوقت أطول.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور فرج عبد الله، الخبير الاقتصادي، إن روسيا تحاول الحصول على مخرج نتيجة ضغوط الغرب وبالأخص الولايات المتحدة الامريكية الشديدة على اقتصادها وكان اخرها تحديد سعر النفط الروسي تحت 64 دولارا، وهذا يعد عملية خنق للاقتصاد الروسي بشكل كبير.
استقرار السياسات المالية
وأوضح فرج ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، لذلك روسيا تحاول الحصول على مخرج للتنفس من العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، ولكن من ضمن مجهودات الدولة الروسية التي تمت بالفعل من بداية الازمة وهي المبادلات بالعملة المحلية بينها وبين الهند في إطار التخلي عن الدولار والتعامل بالعملات المحلية.
وتابع: وكان ذلك التبادل له نتائج سلبية لصالح الهند على حساب الجانب الروسي، معقبا: الهند تشتري بالروبل وروسيا تشتري من الهند بالروبية الهندية ففرق التجارة كان لصالح روسيا لأنها باعت كثير للهند للنفط بمقابل حجم كبير من مبالغ ضخمة من الروبية وصلت الي 300 مليار روبية وهذا المبلغ الضخم محدد انها تشتري به "المنتجات الهندية فقط" او تشتري به من أي دولة تشتري من الهند على سبيل المثال مصر او الصين وغيرها.
وواصل: فتعتبر المعاملات الثنائية المتعددة الأطراف هي تعتبر المدخل الأساسي للخروج من ازمة الضغوط الامريكية والغربية بشكل عام على روسيا، لذلك روسيا دائما تسعى الي مخارج للخروج من الدولار.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الذي سبب بشكل أساسي الي ارتفاعات الدولار بالأسواق هو اتجاه الفيدرالي الأمريكي الي رفع أسعار الفائدة بشكل كبير بالإضافة عدم اغلاق الجزئي للحكومة الامريكية.
واختتم: إذاً المشكلة البسيطة التي كانت من الممكن ان تؤثر على سعر الدولار لم تكن موجودة، فبالتالي الدولار يواصل ارتفاعه نظرا لسياسات الفيدرالي من ناحية واستقرار السياسات المالية الأمريكية من ناحية أخرى.
إعلدة تقدير أهميته
ويهيمن الدولار على جميع جوانب النظام المالي العالمي وتستثمر البنوك المركزية حول العالم حوالي 60% من احتياطيات النقد الأجنبي، والتي تمثل في الأساس احتياطيات لمواجهة الخسائر المستقبلية.
وكذلك يُستخدم الدولار في تقويم غالبية المعاملات المالية الدولية وهذا التأثير المهيمن للدولار يمنح الولايات المتحدة درجة كبيرة من القوة والنفوذ فنظرا لأن المعاملات التي يُستخدم فيها الدولار دائما ما يكون النظام المصرفي الأمريكي طرفا فيها.
ويمكن للحكومة الأمريكية توقيع عقوبات صارمة على البلدان، مثل ما حدث مع روسيا، تحد من قدرتها على النفاذ إلى أسواق التمويل العالمية ويعني ذلك أيضا أن السياسات المالية والنقدية للحكومة الأمريكية تؤثر على باقي العالم نظرا لتأثيرها على قيمة الدولار، ويتيح ذلك للولايات المتحدة دورا أكبر من وزنها في إجمالي الناتج المحلي العالمي والتجارة، وهو ما كان دائما يثير استياء خصومها وحلفائها على حد سواء.
ويمكن القول إن الدولار سيحتفظ بدوره، ولكن العملات الأخرى والتبادل التجاري بين الدول بالعملة المحلية سيعاد تقدير أهميته النسبية، ونتيجة التكنولوجيات الجديدة والتطورات الجغرافية السياسية قد تساهمان في تقليل أو ترسيخ وضع الدولار بدلا من الإطاحة به.