قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تفسير حديث النبي رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، رواه الترمذي حديث حسن صحيح.

أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس أن ما كتبه الله فقد انتهى والصحف جفت من المداد ولم يبقى مراجعة، فما أصابك هو مقدر لك.

أى يا غلام احفظ الله، وذلك بحفظ شرعه ودينه بأن تمتثل لأوامره وتجتب نواهيه وأن تتعلم من دينه ومن شريعته ما تقوم به عباداتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله لأن كل هذا من حفظ الله.

فالله تعالى ليس بحاجة إلى أحد حتى يحفظه ولكن المراد حفظ دينه وشريعته، وهذا القول يدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله في بدنه وماله وأهله ودينه، وأهم الأشياء أن يحفظك الله في دينك، وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال.

المقصود من قول النبى: «احْفَظْ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»، وفي لفظ آخر" تجده أمامك" أى تجد الله أمامك يدلك على كل خير ويذود عنك كل شر، ولا سيما إن حفظت الله بالاستعانة به، فإن الإنسان إذا استعان بالله وتوكل عليه كان الله حسبه أي كافيه، ومن كان الله حسبه فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله.

والمراد من قول الرسول: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ»، أي لا تعتمد على أحد من الخلق، فإذا سالت فأسال الله بأن تقول "اللهم ارزقني"، فيأتيه الرزق من حيث لا يحتسب، لكن لو سأل الناس فربما يعطونه أو يمنعونه، والاستعانة طلب العون، فلا تطلب العون من أي إنسان إلا للضرورة القصوى، فإذا اضطر الإنسان إلى الاستعانة بالمخلوق فليجعل ذلك وسيلة وسببا لا ركنا تعتمد عليه، بل اجعل الركن الأصيل هو الله تعالى، وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله، ولهذا تكره المسألة لغير الله في قليل أو كثير.

والمقصود من قول النبي: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ»، أى أن الأمة لو اجتمعت كلها على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، فإذا وقع منهم نفع لك فاعلم أنه من الله لأنه هو الذي كتبه، وأيضا لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك".

فالإيمان بهذا يستلزم أن يكون الإنسان متعلقا بربه ومتكلا عليه لا يهتم بأحد لأنه يعلم أنهم لو اجتمع كل الخلق على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء كتبه الله عليه، وحينئذ يعلق رجاءه بالله ويعتصم به ولا يهمه الخلق ولو اجتمعوا عليه.