أرسل مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، رسالة خاصة إلى البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، حذر فيها من أن الأقليم والنظام الفيدرالي العراقي يواجهان انهيارًا وشيكًا ما لم تتدخل الولايات المتحدة.
وبحسب تحليل لمجلة فورين بولسي يتناول المصالح الأمريكية في الأقليم، أرسل بارزاني تحذيره الاستثنائي لواشنطن وسط التحديات السياسية والاقتصادية المتزايدة لمنطقة الحكم الذاتي والحكومة في بغداد.
[[system-code:ad:autoads]]
تعتبر حكومة إقليم كردستان مهمة لمصالح الولايات المتحدة حيث أن قوات البشمركة شريكة رئيسية في القتال ضد تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة، كما أنها تلعب دوراً حاسماً في جهود الغرب لمكافحة الإرهاب في كل من العراق وسوريا.
ووفقا لتحليل فورين بولسي، دفع انشغال واشنطن بمنافستها مع الصين والحرب في أوكرانيا، إلي إهمال الإقليم مما دفع منافسو حكومة إقليم كردستان، بما في ذلك الميليشيات التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها إرهابية، في التحرك ضد الحكومة.
شدد تحليل المجلة الأمريكية أن من شأن انهيار كردستان أن يؤدي إلى اضطرابات وفوضى ذات آثار تمتد إلى ما هو أبعد من العراق.تم تقويض كردستان بسبب التنافس بين أكبر حزبين سياسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
أدى انقسامهم إلى إضعاف القدرة التفاوضية للأكراد في بغداد خلال المفاوضات بشأن تشكيل حكومة عراقية بعد الانتخابات البرلمانية عام 2021. واستغلت إيران وحلفاؤها، بما في ذلك قوات الحشد الشعبي ــ وهي منظمة ميليشيا مظلة قوامها 200 ألف مقاتل ــ الخلاف الكردي من خلال التحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني لتوسيع نفوذها على الدولة العراقية.
كما عززت الجماعات المدعومة من إيران سيطرتها على القضاء العراقي، مما مهد الطريق لحكم صدر في فبراير 2022 بأن صادرات النفط الكردية عبر تركيا غير قانونية. أثر هذا على قرار التحكيم الدولي بعد عام والذي توصل إلى نفس النتيجة. ومنذ ذلك الحين، توقفت صادرات النفط الكردي، مما أدى إلى شل اقتصاد المنطقة وأثر على أسواق الطاقة العالمية، وهو انتصار لقوات الحشد الشعبي وآمالها في تحييد الاستقلال الاقتصادي لكردستان.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قامت الجماعات المتحالفة مع إيران بذبح المتظاهرين الأكراد في مدينة كركوك الغنية بالنفط المتنازع عليها، والتي انسحبت منها القوات الكردية في عام 2017 بعد أن حشدت قوات الحشد الشعبي ميليشياتها بدعم من الحكومة الفيدرالية.
المشاكل الكردية والتعدي الإيراني على كردستان لها آثار على المصالح الأمريكية. تُعتبر حكومة إقليم كردستان حليفاً لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش. فالانقسامات بين الأكراد تمكن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران والتي تصنفها واشنطن على أنها إرهابية.
كما تعد القاعدة الأمريكية في محافظة أربيل واحدة من أهم القواعد العسكرية ومراكز الاستماع لواشنطن في الشرق الأوسط، حيث تعمل كمركز للعمليات الخاصة وموقع انطلاق للعمليات في كل من العراق وسوريا.
تأمل إيران إلي إضعاف الشراكة بين الولايات المتحدة وحكومة إقليم كردستان، من خلال استغلال الاتحاد الوطني الكردستاني. أثبتت إيران استعدادها لتحل محل الولايات المتحدة في كردستان، كما فعلت في بغداد على مدى العقدين الماضيين.
أكد محللين لفورين بولسي، أنه يجب على واشنطن أن تتدخل للضغط على الاتحاد الوطني الكردستاني لإنهاء تواطؤه مع طهران.
سيتطلب ذلك من الولايات المتحدة التوسط في التوترات بين الأكراد لتوحيد الصف الكردي في بغداد لحماية الحكم الذاتي لحكومة إقليم كردستان واستعادة استحقاقاتها في الميزانية وحقها في التنافس الانتخابي على المناطق المتنازع عليها مثل كركوك دون التعرض للتكتيكات القسرية لقوات الحشد الشعبي.
يمكن للولايات المتحدة أن تركز وساطتها على احتياطيات الغاز في كردستان، مما قد يؤدي إلى معالجة النقص العالمي على المدى الطويل مع دعم اقتصاد حكومة إقليم كردستان.
ويمكن للولايات المتحدة أن تشجع الحوار حول تطوير حقول الغاز وتأمين وضع كردستان فيما وصفته وكالة الطاقة الدولية بـ "العصر الذهبي" للغاز الطبيعي.
إن وقوق الولايات المتحدة متفرجة ومراقبة انهيار حكومة إقليم كردستان سيكون كارثة على أكراد العراق وعلى مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.