أتى الخريف من جديد ليتساقط معه ما يتساقط ، وليتغير معه ما يجب أن يتغير ، كما تتساقط أوراق الأشجار الذابلة في الخريف ، كذلك نُسقِط نحن البشر من حياتنا كثيرا من الأشخاص الذين ذبلت أوراقهم من حياتنا ، وكما تنتفض الطبيعة وتتغير ، ننتفض نحن في أعماقنا ونغير حياتنا إلى الأفضل.
الخريف يعني ألحان الأنين المنبثقة من آلة الكمان الباكية على موت الطبيعة بعد صراع طويل مع مرض الإصفرار والذبول ... ومن موت الطبيعة نتعلم أن نميت أشياء كثيرة لنستطيع أن نحيا ، نعم يجب أن نتخلى بإرادتنا عن السلبيات التي أصابتنا وأثرت فينا ، ونميت روح الخوف التي سكنتنا وعطلتنا عن تحقيق أهدافنا ، وكذلك روح اليأس التي أفشلتنا وجعلتنا نضيع كثير من الفرص .
الخريف يلهمنا الحركة والسعي ، ويدفعنا نحو التحرك للأفضل ، كما تفعل الطبيعة بأوراق الأشجار الذابلة وتسقطها من حسباتها لتنتج أوراق خضراء جديدة في الربيع كذلك تفعل نفوسنا ببعض البشر الذين نسقطهم من حسباتنا ونلفظهم من حياتنا بسبب شروخ في العلاقات لننتج علاقات جديدة أكثر خضرة ومتانة مع أشخاص آخرين .
الخريف روح غضب تسكن الطبيعة الثائرة على نفسها من أجل أن تموت لتحيا من جديد .... ومن الخريف نتعلم بعد كل نهاية بداية جديدة ، فالذبول والسقوط بوابة للإزهار والإنبات والقيام من جديد ، حتى الموت نفسه الذي يعتبر نهاية كل شيء بوابة لحياة البعث والخلود.
في أول يوم من فصل الخريف نتغير ونغير للأفضل ، نتخلى لنكتسب ، نبدد لنجدد ، نميت لنحيا ، الخريف هو الضيف الذي يأتي بعد صيف ليعلمنا أن لكل نهاية بداية جديدة وأن بعد كل ذبول حزين إزهار سعيد.