وصل الرئيس السوري بشار الأسد إلى مدينة هانجتشو شرقي الصين، في زيارة هي الأولى له منذ عام 2004، في خطوة يراها المحللين قد تكسر حالة العزلة الدولية التي تعيشها سوريا بسبب الصراع الداخلي قبل 12 عاما.
الأولى منذ 20 عاماً
أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم الجمعة، لنظيره السوري بشار الأسد عن استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع دمشق، وقال الرئيس الصيني لنظيره السوري، إن بكين ودمشق ستقيمان شراكة استراتيجية.
وأفاد التليفزيون السوري في وقت سابق الجمعة، بأن الرئيس بشار الأسد عقد قمة ثنائية مع نظيره الصيني شي جين بينغ في مدينة هانغتشو بشرق الصين، وكانت الرئاسة السورية أعلنت، يوم الثلاثاء، أن الأسد سيزور الصين لإجراء مباحثات مع الرئيس الصيني وكبار المسؤولين هناك لبحث أفق التعاون، وذكرت الرئاسة أن وفدا سياسيا واقتصاديا يرافق الأسد خلال زيارته للصين، مشيرة إلى أنه سيحضر حفل افتتاح الألعاب الآسيوية التي ستنطلق في مدينة هانغتشو غدا السبت، وهذه أول زيارة رسمية لبشار الأسد إلى هذا البلد منذ أكثر من عقد.
واعتبرت الصين أن الزيارة التي بدأها الرئيس السوري، تشكّل فرصة لدفع العلاقات بين دمشق وبكين إلى "مستوى جديد"، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "نرى بأن زيارة الرئيس بشار الأسد ستعمّق الثقة السياسية المتبادلة والتعاون في مجالات مختلفة بين البلدين، بما يدفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد".
يذكر أن الصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد منذ بدء التوترات في سوريا عام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، حيث تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها، وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجيا منذ أكثر من سنة إلى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب.
ويشار أيضاً أن سوريا استعادت علاقتها مع دول عربية عدة، على رأسها المملكة العربية السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.
هل عاد الاستقرار في سوريا؟
في هذا الصدد قال أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة الرئيس السوري بشار الاسد إلى الصين هي الزيارة الاولى لرئيس سوري للصين منذ 20 عاماً ، و لها عدة دلالات؛ الاولى تعكس استعادة زمام الامور في البلاد و تجاوز المرحلة الصعبة الماضية في ظل المعارك بين المعارضة المسلحة والجيش السوري، فضلاً عن أن الدولة السورية بدأت تبسط يدها على غالبية الاراضي السورية و تحقيق الاستقرار الداخلي ، مشيراً إلى أنه خلال الحرب الاهلية في سوريا لمدة اكثر السنوات لم يخرج الرئيس السوري من سوريا ليقوم بزيارات خارجية سوى ربما الزيارات الاستثنائية القليلة مثل روسيا لكن الان أصبح هناك زيارات خارجية إلى الصين ايضا كانت هناك زيارات لعمان والامارات العربية المتحدة ، وكلها تعكس حقيقة استعادة النظام السوري والدولة السورية زمام الامور وتحقيق مساعيها لاعادة الاوضاع الطبيعية إلى وضعها ما قبل اندلاع المواجهات المسلحة.
وأضاف أحمد سيد أحمد خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن الدلالة الثانية هو العلاقات السورية الصينية والافتتاح السوري على روسيا، مشيراً إلى أن هذا الانفتاح وهذه الزيارة تأتي في سياق تشكل المعسكر او المحور الذي يضم ايضا روسيا والصين وايران، و ربما كوريا الشمالي وهو المحور الذي تتقاسم دوله سواء روسيا ، الصين ، ايران ، سوريا الخلاف او العداء مع امريكا والمعسكر الغربي الذي يفرض عقوبات على هذه الدول سواء روسيا و الصين و ايران و سوريا.
واستكمل : الامر الثالث هو أن للصين تواجد مهم في المنطقة و لديها مصلحة اقتصادية واستراتيجية، كما أنها تنافس امريكا وتزاحمها في الشرق الاوسط، مشيراً إلى أن الصين لها علاقات قوية واستراتيجية مع ايران و مع دول الخليج العربي، كما أن الصين الان لديها مشروع الحزام والطريق والذي يمر بالمنطقة، وبالتالي هي تسعى الى تكريس مصالحها ونفوذها من خلال تقوية علاقاتها مع سوريا، ومن المعروف أن الصين استخدمت حق الفيتو اكثر من مرة لصالح الدولة السورية والنظام السوري ورفضت قرارات كانت تتبناها امريكا لفرض عقوبات على النظام السوري وبالتالي هذا يمثل اهمية كبيرة، و تسعى سوريا الى حشد وجذب الاستثمارات الصينية خاصة فيما يتعلق بعملية اعادة الاعمار، فضلاً عن حشد الدعم الصيني ايضا في دعم سوريا في المحافل الدولية في الامم المتحدة في ظل العقوبات الامريكية وقانون قيصر على سوريا .
ما مصير الملف السوري؟
تابع أحمد سيد أحمد: تمثل الزيارة أهمية كبيرة من حيث التوقيت و من حيث التداعيات لكن هذا لا يعني أن يكون هناك تغير كبير في الملف السوري حيث إن هناك عقوبات امريكية، والصين تتحرك بحذر، فضلاً عن أن الصين ايضا متواجدة في المنطقة ، لافتاً إلى أن سوريا الان عادت وضعها العربي للجامعة العربية ، و استأنفت معظم الدول العربية علاقتها الدبلوماسية مع سوريا، وبالتالي الزيارة هي من شأنها ان تساهم في زيادة الدور الصيني في التفاعلات السرية، لكن لن يكون هناك تغير كبير في الملف السوري في ظل استمرار العقوبات الامريكية واستمرار العقوبات الغربية على سوريا، و ايضا الدور الصيني ايضا يظل مرهون بمدى التقدم في المفاوضات السياسية والحل السياسي في سوريا بين الحكومة السورية والمعارضة وفقا لقرار الامم المتحدة 2256 ، وبالطبع سوريا ستحقق مكاسب كبيرة من تعزيز علاقاتها مع الصين كدولة صاحبة فيتو بمجلس الامن الدولي ، فضلاً عن كونها دولة تمثل ثاني اقتصاد على المستوى العالمي و لديها استسمارات ضخمة في منطقة الشرق الاوسط.