تسعى مصر والسودان، إلى إيجاد صيغة اتفاق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، في ظل اعتماد أديس أبابا أسلوبا غير واضحا في المفاوضات، منذ عام 2011، واتباع سياسة سياسة المراوغة والقرارات الأحادية، حول ملء وتشغيل سد النهضة ، حيث لم تسفر المفاوضات طوال 12 عاما، عن حل يطبق على أرض الواقع، سوى إعلان اتفاق المبادئ عام 2015 والذي ينص على ألا يتم إلحاق الضرر بدولتي المصب "مصر والسودان"، وهو ما انتهكته إثيوبيا أكثر من مرة في توقيتات ملء بحيرة السد دون الرجوع أو التنسيق مع أحد.
جولة المفاوضات الثامنة
في 13 يوليو الماضي، اتفق الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على استئناف مفاوضات سد النهضة، وذلك خلال زيارة آبي أحمد لمصر، على هامش قمة دول الجوار السوداني، وتم الاتفاق على استئناف مفاوضات سد النهضة مرة أخرى، ووضع إطار زمني للتفاوض، خلال 4 أشهر، ما اعتبره المحللون انفراجة في ملف سد النهضة، بعد تعليق مفاوضات منذ أن أعاد مجلس الأمن الملف للإتحاد الإفريقي، باعتباره قضية داخلية بالاتحاد.
خلال هذه الفترة، عمدت إثيوبيا على الشروع في بدء الملء الرابع لبحيرة سد النهضة، بالتزامن مع بدء الجولة الثامنة للتفاوض، والتي بدأت في القاهرة، يوم الأحد 27 أغسطس الماضي وانتهت في اليوم الثاني، بمشاركة مصر والسودان وإثيوبيا، دون التوصل لاتفاق، فيما أعلنت إثيوبيا في ختام هذه الجولة على لسان وزارة خارجيتها، عن استقبالها لجولة المفاوضات المقبلة في أديس أبابا، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وزير الخارجية سامح شكري، أكد على هامش مشاركته في أعمال الشق رفيع المستوى للدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن هناك إصرار إثيوبي، على ملء السد، والذي يعد مخالفة للالتزامات القانونية لاتفاق المبادئ الموقع عام 2015، حيث كان هناك اتفاق على أنه لن يتم الملء الرابع إلا بعد التوصل للاتفاق، وبالرغم من ذلك هناك اتفاق تم على هامش اجتماع دول الجوار، حيث اتفق الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من خلاله على استئناف العملية التفاوضية، ولكن في إطار زمني محدد (4 أشهر)، وتمت الجلسة الأولى في القاهرة وخلال يومين ستكون الجلسة الثانية في أديس أبابا.
إنهاء القضية في أسبوع
وأوضح أن القضية تم تناولها وبحثها على مدى عقد من الزمن، وإذا كانت هناك إرادة سياسية، فقد تتم صياغة اتفاق خلال أسبوع، أما إذا لم تتوافر هذه الإرادة فسوف نستمر في دوائر مغلقة، مشيرا إلى أن مصر دائما تبدي عدم الموافقة على الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في قضية سد النهضة وأن إعلان إثيوبيا الملء الرابع تكرار للإجراءات الأحادية، ويضع شكوكاً حول ما هي النيات الإثيوبية.
في هذا الصدد، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إنه بعد انتهاء الملء الرابع لسد النهضة في 9 سبتمبر الجاري، أصبحت المياه تمر أعلى الممر الأوسط، بما يقارب حوالي 300 مليون متر مكعب يوميا إلى السودان، الذي بدأ في تخزين حصته السنوية تدريجا، مشيرا إلى أن الكمية ستنخفض الشهر المقبل إلى 200 مليون متر مكعب من المياه، بإجمالي إيراد حوالي 6 مليار متر مكعب خلال أكتوبر، فيما يبلغ إجمالي ما تم تخزينه حاليا في بحيرة سد النهضة حوالي 41 مليار متر مكعب.
وأضاف شراقي، أن هناك العديد من المناطق في السودان التي تشهد جفافا هذا العام بسبب حجز المياه في سد النهضة معظم موسم الأمطار، بجانب نقص مياه الامطار في السودان عن المتوسط هذا العام.
عدم تشغيل التوربينات
وفيما يتعلق بالأوضاع في سد النهضة، والذي يملء خزانه من أجل تشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء، أوضح شراقي أن صور الأقمار الصناعية، أظهرت غلق بوابتي التصريف منذ منتصف الشهر الجاري، حيث يظهر حوض التوربينات هادئا لعدم تشغيل التوربينين منذ أسابيع ويحتمل توقفها من أجل الصيانة الدورية، مشيرا إلى أنه طبقا لما أعلن سابقا من المفترض أن هناك اجتماعا في أديس أبابا لاستئناف الجلسة الثانية من مفاوضات سد النهضة التي كان الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اتفقا عليها خلال زيارة الأخيرة إلى القاهرة لحضور اجتماعات دول الجوار السوداني.
ولفت شراقي أن الجولة الأولى من هذه المفاوضات بدأت في القاهرة يومي 27 و28 أغسطس الماضي، متسائلا عن إمكانية أن تعقد إثيوبيا الجولة الثانية في موعدها وهل تحضرها أطراف دولية فعالة، هذا ما تكشفه الأيام المقبلة.