يُعتبر اتخاذ القرارات جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، فمنذ الصباح وحتى المساء، نجد أنفسنا مضطرين لاتخاذ قرارات في كل مجال من مجالات حياتنا، قد تتراوح هذه القرارات بين الأمور الصغيرة اليومية والقرارات الكبيرة التي تؤثر بشكل مباشر على تطور مستقبلنا. وفي هذا السياق، نجد أن التردد يلعب دورًا حاسمًا في كيفية اتخاذ هذه القرارات، فالتردد هو حالة نفسية يمر بها الإنسان عندما يكون في مرحلة الحيرة والشك قبل اتخاذ قرار مهم، حيث يكون الشخص مترددًا بين الخيارات المتاحة، وهذا التردد يعمل كمانع قوي يمكن أن يجعل من الصعب اتخاذ القرارات بثقة ووضوح.
إن إستخدامي للفظ "مقبرة القرارات" - والذي أعتبره قاسياً بعض الشيء - يعكس مدى تأثير التردد على حياتنا، فعندما نجد أنفسنا مترددين بين اختيارين أو أكثر، نبدأ في التفكير في العواقب المحتملة لكل خيار، فنحلل الأمور من جميع الزوايا، ونبحث عن معلومات إضافية، ونستشير الآخرين، وفي العديد من الأحيان نجد أنفسنا في حلقة من التردد التي يصعب الخروج منها.
يا صديقي، التردد يمكن أن يكون سلبيًا إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح، وإذا استمر التردد لفترة طويلة، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الفرص والتأخير في اتخاذ القرارات الهامة، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التردد إلى زيادة مستوى الضغط النفسي والقلق، حيث يبدأ الشخص في التفكير المفرط والتحليل الزائد.
وعندما نتحدث عن التردد كمقبرة للقرارات، يمكننا أن نرى أنها تشمل كل جانب من جوانب حياتنا، سواء كان ذلك في مجال العمل أو العلاقات الشخصية أو حتى في تحقيق الأهداف الشخصية، فعلى سبيل المثال،إذا تحدثنا عن مجال العمل، يمكن للتردد أن يؤدي إلى تأخير مشروع مهم أو فرصة تجارية قد تفوتنا إذا لم نتخذ قرارًا بسرعة. وكذلك في العلاقات الشخصية، يمكن أن يكون التردد سببًا للتوتر والانفصال إذا لم نتخذ قرارات صحيحة في الوقت المناسب. وأيضاً في تحقيق الأهداف الشخصية، قد يمنعنا التردد من اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق أحلامنا.
وهنا يأتي السؤال، هل للتردد بعض الجوانب الإيجابية ؟
نعم يا صديقي، التردد ليس دائمًا سلبيًا. ففي بعض الحالات، يمكن أن يكون من الحكمة التفكير بعمق قبل اتخاذ قرار، خاصة إذا كان القرار يتعلق بأمور مهمة جدًا، حيث يمكن للتفكير العميق والتدقيق في التفاصيل أن يقود إلى اتخاذ قرار مستنير يحقق أهدافنا بنجاح.
أرى في عينيك سؤالا آخر ، كيف أفرق بين التردد والتفكير الحكيم المتأني ؟
اعلم جيداً أن التردد والتفكير الحكيم المتأني هما اثنان من العوامل التي تؤثران على عملية اتخاذ القرارات، ويمكن أن يكونا متشابهين في بعض الأحيان. ومع ذلك، هناك اختلافات رئيسية بينهما تساعد في التفريق بينهما،فالتردد يشير إلى الشك والحيرة قبل اتخاذ قرار، وقد ينتج عنه تأخير في اتخاذ القرارات أو تراجع متكرر بين الخيارات المتاحة.
أما التفكير الحكيم المتأني يكون عن طريق التحليل المستمر لكل ما تراه أمامك ولكل ما تتوقع حدوثه بهدف اتخاذ قرار صائب.
فغالبًا ما يكون التردد متصلًا بالشك والحيرة وعدم اليقين،ويمكن أن يكون نتيجة لعدم الثقة في القرار الذي يجب اتخاذه، على عكس التفكير الحكيم المتأني والذي يكون الهدف منه هو اتخاذ قرار مدروس بناءً على الحقائق والمعلومات المتاحة.
في النهاية، إن التفكير الحكيم المتأني يهدف إلى تحقيق أفضل نتيجة ممكنة بناءً على الأدلة والمعرفة المتاحة، بينما التردد يعبر عن حالة عدم اليقين والحيرة، ويمكن أن يكون التردد ضارًا إذا لم يتم التحكم فيه، وكن على يقين بأن التفكير الحكيم هو اللبنة الأساسية في بناء حياة ناجحة ،فعندما نمزج بين التفكير الحكيم والتردد البناء، نصبح قادرين على تحقيق أهدافنا بثقة وتأن، ونقتنع أن كل قرار يمثل فرصة للنمو والتطور.