خرجوا من قريتهم بمحافظة بني سويف قاصدين مدينة درنة الليبية، باحثين عن لقمة العيش لكسب القوت وتجهيز شقيقتهم للزواج، إلا أن أحدهم عاد في كفنه الأبيض والأخر ما زال مفقودا جراء فيضانات مدينة درنة في ليبيا.
مأساة في بني سويف.. صدى البلد مع أسرة ضحايا درنة
وقالت والدة ضحايا إعصار دانيال الذي إجتاح مدينة درنة الليبية، محمد وعماد ولادي خرجوا عشان ياكلوا عيش في ليبيا، عماد سافر الأول من سنة تقريبا، وبعدها محمد سافر وبقاله 3 شهور هناك، شغالين هما الأتنين في المعمار عشان يجيبوا فلوس عشان الأخير يتجوز ويجوزوا أختهم.
وتابعت والدة ضحايا فيضانات مدينة درنة الليبية، قائلة «دفنت واحد والتاني مش لقياه يابوي، مش عارفة أعمل أيه، العيال راحت مني، كلنوا إيدي ورجلي وكل حاجة في حياتي، وراحوا مني في لحظة واحدة، حتى مش عارفة أدفن التاني ولا عارفة هو فين عايش ولا ميت».
جدة ضحايا درنة: دفنا واحد والتاني ضاع خلاص
وأكملت جدة ضحايا درنة، قائلة «واحد أتجوز وبعدها قالوا هنسافر عشان التاني يتجوز ونجهز أختنا، ومرجعوش هما الأتنين، راحوا مع بعض بس دفنا واحد والتاني مش موجود ولا عارفين هو راح فين، وعايزين نعرف هو فين حتى لو هندفنه بس نلاقيه».
وتابعت جدة ضحايا إعصار درنة، «اخر مرة كلموني كان يوم الحد، سلموا عليا وقالولي عايزين نشوفك افتحوا الكاميرا، واحنا كويسين وقالولي كان في شوية مطر عندنا، سألني عاملين ايه واخباركم ايه، وقولتله الجو هنا حر يامحمد قالي والله ياجدتي الجو هنا مطر وشتوي».
القصة المأساوية لـ ضحايا فيضانات درنة
75 اسما وصل إلى قرية الشريف بمحافظة بني سويف، 75 شابا ورجلا من ابنائهم فقدوا في أحداث فيضانات مدينة درنة الليبية، وخرجت الأهالي صوب المطار لاستلام جثامين ابنائهم، وأنتظرت القرية بأكملها في ساحة كبيرة بـ قرية قمبش المجاورة لها، وظلت «الشريف» طوال الليل ما بين الصرخات والإغماءات، فكلما خرجت صرخة عادت أصوات الصراخ والعويل إلى أرجاء القرية بالكامل، حتى حل شروق يوم الأربعاء.
المشهد في الصباح لم يكن طبيعيا.. أعدادا غفيرة في مدخل القرية وبمحيط المقابر، الجميع ينتظر وصول الجثامين والدموع تغطي الوجوه، والأسود ينتشر بين البيوت، حتى حانت لحظة وصول الشهداء إلى مسقط رأسهم، فقد عادوا رجال قرية الشريف إلى وطنهم في أكثر من 50 سيارة إسعاف، ذلك المشهد الرهيب الذي اقتحم القرية في موكب مهيب، فقد دخلت سيارات الإسعاف خلف بعضها إلى إحدى الساحات الكبيرة في قرية قمبش بالقرب من المقابر، وتوقفت جميعها بالقرب من بعضها، وأقيمت صلوات الجنازة على أرواح الشهداء، ثم بدأت عمليات تسليم الجثامين إلى ذويهم، فقد كانت الجنازات تخرج من سيارات الإسعاف صوب المقابر.
وقبل أن تدق الساعة الثانية عشر ظهرا، كانت الأهالي قد انتهت من دفن جثامين جميع الشهداء، وبدأت القصص تخرج من البيوت والدموع تنهال من العيون، والصرخات تخرج مع الأحاديث، فقد فقد أحدهم أبنائه أحدهم 20 سنة والآخر 26 عاما، حيث قال «واحد بقاله 3 سنين شغال هناك في ليبيا، والتاني بقاله 9 شهور، الأخير مخلص شقته وكان نازل يدور على عروسة عشان يتجوزها وأخوه سافر يشتغل عشان يجيب 50 الف جنيه يتجوز بيها، وداخل منزلهم كانت شقة محمود في الطابق الثاني، صغيرة الحجم إلا أنه مجهزة وتنتظر عروستها والعفش، وفي الطابق الثالث كانت شقة شقيقه «على المحارة والجبس» حيث سافر إلى ليبيا لإحضار أموال لتجهيز شقته.
القصص المأساوية في قرية الشريف بمحافظة بني سويف كانت كتيرة جدا، والدة 3 شباب قالت «رصتهم زي الملوخية في قبرهم»، ولادي راحوا كلهم، أبوهم لسه ميت من سنة، وهما ماتوا، مرددة «أنا عندي 3 عيال أحمد ومحمود توأم وعبدالرحمن الصغير، كلمناهم قبل العاصفة وقالوا أنهم كويسين وأن الأمور كويسة بس ماتوا هما التلاتة»، ورددت سيدة أخرى قائلة «أنا جوزي شغال في ليبيا ولسه مش عارفة عنه حاجة وعايزة أي حد يطمني بس عليه هو فين، أنا مش عارفة أوصله».