شهدت منطقة شمال إفريقيا خلال الفترة الماضية، مجموعة من الكوراث الطبيعية والتي راح ضحيتها آلاف الضحايا وعشرات الألاف من المصابين، بداية من زلزال المغرب، وحتى إعصار دانيال الذي ضرب السواحل الليبية، فيما تسبب زالزال المغرب، الذي وقع في ساعات مبكرة السبت الماضي، في 2946 حالة وفاة، و5674 مصابا، وذلك حسب آخر تحديثات لوزارة الداخلية المغربية أمس الأربعاء.
وأوضحت الداخلية المغربية أن تم دفن 1684 حالة وفاة في إقليم الحوز، و980 حالة في إقليم تارودانت، ولم يتم تسجيل أي حالة في باقي المدن والأقاليم المعنية.
خسائر المغرب وليبيا من الزلزال والإعصار
من ناحية آخرى، قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية خسائر المغرب جراء الزلزال بـ 10 مليارات دولار، موضحة أن المغرب تواجه خسائر محتملة تصل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، إثر الزلزال، ومن المرجح أن تتراوح الخسائر بين مليار دولار و10 مليارات دولار، فيما أعلن صندوق النقد الدولي، أنه يعمل على دعم المغرب واقتصاده بعد مأساة الزلزال، ومن المقرر أن تستضيف مراكش الاجتماعات السنوية للصندوق بداية من 9 أكتوبر المقبل.
أما في ليبيا، فقد تسببت كارثة طبيعية أخرى في حصد ألاف الضحايا، حيث تسبب إعصار دانيال، في تدمير سدين في مدينة درنة وانهيار ما يقرب من 5 جسور كباري، واقتلاع أشجار وهدم مبان كثيرة، مسببا في مقتل ما لا يقل عن 5300 شخص، في حين أن البحر لا يزال يلقي بعشرات الجثث.
من ناحية أخرى تتواصل الجهود لحشد المساعدات الانسانية، وقال مسئولون ليبيون، إن حوالي 10 آلاف شخصا على الأقل في عداد المفقودين، بينما شرد حوالي 30 ألفا، حسب إحصاءات مكتب منظمة الأمم المتحدة للمهاجرين في ليبيا.
3 محاور للارتقاء بالبنية التحتية
وتعمل مصر خلال السنوات الماضية، على تحسين منظومة البنية التحتية الخاصة بها، وذلك من خلال خطة طموحة يتم تنفيذها من عام 2014، تتضمن الآتي:
- تطوير كافة المناطق العشوائية وغير المخططة.
- إزالة كافة المناطق الخطرة وغير الآدمية.
- بناء المدن الجديدة والذكية ومدن الجيل الرابع.
في هذا الصدد، قال جون جميل، المتخصص في ملف التنميى العمرانيى والمدن المستدامة، إن التخطيط للمدن بشكل مستدام، ومراعاة التغيرات المناخية، في التصميمات، وتأثيرها، فإن عمل التخطيط للمدن تشمل عملية تحديد الأهداف والرؤية والتصميم الهندسي، والتنظيم الفضائي للمدن والمناطق الحضرية، موضحا أن التخطيط العمراني، يهدف لتحقيق تنمية مستدامة وتوفير بيئة حضرية مريحة وعملية للسكان. يشمل التخطيط المدني عناصر مثل توزيع الأراضي للاستخدامات المختلفة مثل السكن والتجارة والصناعة والخدمات، وتوفير البنية التحتية اللازمة مثل النقل والمياه والصرف الصحي والطاقة، وتوفير المساحات الخضراء والترفيهية، وتعزيز التنوع الثقافي والاجتماعي.
وأضاف جميل، خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن التغيرات المناخية هي التغيرات طويلة الأجل في نمط الطقس والمناخ على مستوى الكوكب، وتشمل ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة في تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وتغيرات في نمط الأمطار وارتفاع منسوب سطح البحر، وتعتبر التغيرات المناخية تهديدًا عالميًا جديدًا، حيث يؤثر على البيئة والاقتصاد والصحة العامة والبنية التحتية.
التخطيط المستدام ومواجهة الكوارث
وأكد أن التخطيط للمدن، يسهم بشكل كبير في مواجهة التغيرات المناخية عن طريق اعتماد استراتيجيات وتدابير متعددة، كالتالي:
- التصميم الحضري المستدام: يتضمن تصميم الأحياء والمجمعات السكنية والتجارية بطريقة تعزز الاستدامة البيئية. يتضمن ذلك استخدام تقنيات البناء الخضراء والتخطيط للمساحات الخضراء وتصميم الشوارع والممرات لدعم وسائل النقل العام وراحة المشاة وركوب الدراجات الهوائية.
- تنمية النقل المستدام: يشمل تخطيط الشبكات النقل المستدامة وتعزيز استخدام وسائل النقل العام والترويج للنقل النشط مثل المشي وركوب الدراجات. يساعد ذلك على تقليل انبعاثات الكربون وتخفيض الازدحام المروري.
- إدارة الطاقة: يشمل تخطيط المدن تشجيع استخدام التقنيات المتجددة والفعالة للطاقة في المباني والبنية التحتية العامة. يمكن تعزيز الكفاءة الطاقوية في المدن من خلال تزويد المباني بأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء الفعالة وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية والرياح.
- إدارة المياه: يتضمن الاهتمام بإدارة المياه بشكل فعال والحد من الهدر وتوفير مصادر مستدامة للمياه. يمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق تقنيات إعادة تدوير المياه وتجميع مياه الأمطار وتحسين نظام الصرف الصحي.
- المساحات الخضراء والتنوع البيولوجي: يجب أن يكون للمدن المخطط لها مساحات خضراء كافية وحدائق ومناطق طبيعية لتحسين جودة الهواء وتخفيف الحرارة الحضرية ودعم التنوع البيولوجي.
- توعية الجمهور والمشاركة المجتمعية: تعزيز الوعي بالتغيرات المناخية وتشجيع المشاركة المجتمعية في عمليات التخطيط العمراني يمكن أن يدعم التحول نحو مدن أكثر استدامة ومرونة في مواجهة التحديات المناخية.
وأوضح، خبير التنمية المستدامة، أن استخدام هذه الاستراتيجات يمكن للتخطيط للمدن أن يساهم في مواجهة التغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة. يجب أن يتضمن التخطيط للمدن تكاملًا بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن يكون قائمًا على البحوث العلمية والتوجهات العالمية للتغير المناخي.
نظم إنذار مبكر في المدن
وشدد جميل، على أن إن إنشاء المدن الذكية والمستدامة يمكن أن يساهم في مواجهة الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين من خلال تبني تصاميم وتكنولوجيا متقدمة، والطرق التي يمكن أن يحققها النموذج الحضري الذكي والمستدام في مواجهة الكوارث الطبيعية كالتالي:
- نظم الإنذار المبكر والاستجابة السريعة: يمكن للمدن الذكية استخدام أنظمة الإنذار المبكر المتقدمة للكشف عن الزلازل والبراكين وإصدار إنذارات مبكرة للسكان. يمكن أن تتضمن هذه النظم أجهزة استشعار تحت الأرض وأجهزة رصد الزلازل وأجهزة رصد الغازات البركانية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمدن الذكية تطوير خطط استجابة سريعة ونظم إدارة الأزمات للتعامل مع الكوارث الطبيعية بفعالية.
- البنية التحتية المقاومة للكوارث: يتضمن تخطيط المدن الذكية والمستدامة تصميم البنية التحتية بطريقة تتحمل الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين. يمكن تضمين هذا التصميم المقاوم للكوارث في الأبنية والجسور والطرق وأنظمة الصرف الصحي وشبكات الكهرباء والاتصالات. يمكن استخدام مواد بناء متينة وتقنيات إنشائية متقدمة لتقليل تأثير الزلازل والبراكين.
- استخدام التقنية الذكية: يمكن للتقنية الذكية أن تكون مفيدة في مواجهة الكوارث الطبيعية. على سبيل المثال، يمكن استخدام أنظمة المراقبة بناءً على الاستشعار عن بُعد وتحليل البيانات الضخمة لرصد حركة الأرض والتغيرات في البراكين والتنبؤ بالانفجارات المحتملة. يمكن أيضًا استخدام التقنيات الذكية لتحسين إدارة حركة المرور وتوجيه السكان إلى مناطق آمنة خلال الكوارث.
- التوعية والتدريب: يجب أن يشمل التخطيط الذكي والمستدام توجيه السكان وتوعيتهم بكيفية التصرف والاستجابة خلال الكوارث الطبيعية. يمكن توفير الدورات التدريبية والحملات التوعوية لتعليم السكان كيفية البقاء آمنين واتباالاستجابة السليمة للكوارث الطبيعية.
- التخطيط للتعافي: يمكن للمدن الذكية والمستدامة أن تضمن وجود استراتيجيات للتعافي السريع بعد حدوث الكوارث الطبيعية. يجب أن يشمل ذلك التخطيط لإعادة بناء المناطق المتضررة وتأمين الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والنقل والرعاية الصحية. يمكن استخدام التقنيات الذكية مثل الشبكات الذكية وإدارة البيانات لتسهيل عمليات التعافي وإعادة التأهيل.
واختتم: إن الجمع بين التصميم الذكي والاستدامة في تخطيط المدن يمكن أن يقلل من تأثير الكوارث الطبيعية ويحسن قدرة المدن على التكيف والاستجابة لها. يجب أن يتم تطبيق هذه النهج في مراحل التصميم والبناء والتشغيل لضمان الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمدن في مواجهة الكوارث الطبيعية.
التنبؤ بالكوراث قبل 10 أيام
وكانت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، كشفت في تصريحات إعلامية، بعد حدوث إعصار دانيا في ليبيا، وكذلك زلزال المغرب، أن مصر لديها نظام للإنذار المبكر للتنبؤ باحتمالية حدوث أي كارثة طبيعية مشيرة إلى أن نظام الإنذار المبكر، يجعلنا قادرين على الاستعداد قبل أي كارثة طبيعية بـ 3 أو 4 أيام.
وأضافت فؤاد، أن مصر تشهد نوبات طقس جامحة بسبب التغيرات المناخية، وارتفاع درجات حرارة الأرض، ما يسبب هذه الأعاصير والفيضانات وموجات الجفاف الشديدة، مؤكدة أن مصر لديها خطة للتعامل مع نوبات الطقس الجامعة ويوجد فرق إنقاذ قادرة على التعامل مع مختلف الأزمات والظواهر الجوية.
وأشارت إلى أن وزارة الموارد المائية والري، لديها نظام إنذار مبكر، يمكنه التنبؤ بوقوع كارثة طبيعية، بحوالي أسبوع أو 10 أيام.
وكانت مصر، أعلنت بعد وقوع إعصار دانيال، عن حالة الطوارئ في جميع المحافظات، ورفعت درجة الاستعداد تحسبا لأي موجة طقس سئ تتعرض لها البلاد، وذكرت وزارة التنمية المحلية الثلاثاء الماضي، عن بعض المحافظات تتعرض لحالة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية، وسقوط أمطار متفاوتة الشدة تكون رعدية أحياناً مع وجود أتربة ورياح على محافظات مطروح والإسكندرية.
ووجه اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية، برفع درجة الاستعداد بالمحافظات، مكلفا غرفة العمليات وإدارة الأزمات بالوزارة بالتنسيق المستمر مع غرف عمليات المحافظات للتدخل السريع لمواجهة أي طوارئ، والتنسيق مع غرفة العمليات المركزية بمجلس الوزراء لسرعة التعامل مع أية أحداث طارئة.