قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

هل ما لم يفعله النبي محظور شرعا.. وما بشارات الاحتفال بالمولد النبوي؟

المولد النبوي الشريف
المولد النبوي الشريف
×

الاحتفال بالمولد النبوي 2023، يكثر البحث عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي، وكيفيته، وهل هناك بشارات لمن أحيى مولده صلى الله عليه وسلم.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي 2023

يقول الأزهر الشريف، إن الاحتفال بالمولد النبوي مظهر من مظاهر تعظيمه صلى الله عليه وسلم وعلامة من علامات محبته، ولا شك أن تعظيمه وحبه مقطوع بمشروعيتهما وأنهما من أصول الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" [صحيح البخاري].

وفيما يلي نقاط مختصرة تتعلق بالاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم:

هل كل ما لم يفعله السلف محظور شرعا؟

أولا: مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الاحتفال بالمولد النبوي مشروع بالكتاب والسنة واتفاق علماء الأمة: فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى: ﴿وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ﴾[إبراهيم: 5] ولاشك أن من أعظم أيام الله قدرًا يوم مولده صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾[يونس: 58] قال ابن عباس: "فضلُ الله: القرآن، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين﴾[أخرجه أبو الشيخ في تفسيره]. ومن السنة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فِيهِ» [مسلم في صحيحه].

وفي هذا دلالة على مشروعية الاحتفال به صلى الله عليه وسلم. وأما اتفاق العلماء: فنقله الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (1/ 23، ط. دار الهدى) فقال: [فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها.. ومِن أحسن ما ابتُدِع في زماننا من هذا القبيل: ما كان يُفعَل بمدينة إربل -جبرها الله تعالى- كلَّ عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور؛ فإن ذلك -مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء- مشعرٌ بمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله، وشكرًا لله تعالى على ما منَّ به مِن إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين] اه. ونقله الحافظ السخاوي في "الأجوبة المرضية" (1/ 1116، ط. دار الراية) فقال: [ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وآله وسلم وشرَّف وكرَّم يعملون الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرّات، بل يعتنون بقراءة مولده الكريم، وتظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم، بحيث كان مما جُرب] اهـ.

ثانيا: المراد بالاحتفال وكيف يكون، وحكم الإنشاد فيه: المراد بالاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم: تجمع الناس على الذكر والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم ومدارسة سيرته، وإطعام الطعام، ونحو ذلك؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإظهارًا للبهجة والفرحة بيوم مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا. ويكون إحياء ليلة المولد كما درج عليه المسلمون ونص عليه المؤرخون كالحافظ ابن الجوزي وابن دِحية وابن كثير وابن حجر والسيوطي وغيرهم بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام والصيام والقيام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ذكرنا وكما هو منقول آنفا عن أبي شامة والسخاوي، وبه يُعلم أن الإنشاد في هذا اليوم مشروع لا شيء فيه.

ثالثا: المصنفات المستقلة في مشروعية الاحتفال بالمولد: ألَّف في استحباب الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم جَمْعٌ من العلماء والمُحَدِّثين والفقهاء وبَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة مشروعية هذا العمل، ومنهم: الحافظ ابن دحية في كتابه "التنوير في مولد البشير النذير صلى الله عليه وسلم" والإمام العلائي في كتابه "الدرة السنية في مولد خير البرية صلى الله عليه وسلم" والحافظ العراقي في كتابه "المورد الهني في المولد السني" والحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه "مورد الصادي في مولد الهادي صلى الله عليه وسلم" والحافظ الناجي في كتابه "كنز الراغبين العفاة في الرمز إلى المولد المحمدي والوفاة" والإمام السيوطي في كتابه "حسن المقصد في عمل المولد"

رابعا: أخبار ومبشرات عن الاحتفال: قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه "مورد الصادي في مولد الهادي صلى الله عليه وسلم": قد صحَّ أن أبا لهب يخفف عنه عذابُ النار في مثل يوم الاثنين؛ لإعتاقه ثويبة؛ سرورًا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أنشد: إذا كان هذا كافرًا جاء ذَمّهُ * وتبَّتْ يداه في الجحـيم مُخَلَّدا أتى أنه في يوم الاثنـين دائمًا * يخفف عنه للسرور بأحمدا فما الظنُّ بالعبد الذي كان عمرَه * بأحمدَ مسرورًا ومات موحدًا.

ونقل الإمام المؤرخ الصالحي في كتابه "سُبُلُ الهُدى والرشاد في سيرة خيرِ العِباد" (1/ 363، ط. دار الكتب العلمية) عن الإمام الشيخ أبي موسى الزّرهوني -وكان من الصالحين-: [أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، فشكى إليه مَن يقول ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن فرِح بنا فَرِحنا به»] اهـ.

خامسا: هل كل ما لم يفعله السلف محظور شرعًا؟ وما أقسام البدعة؟ قال العز بن عبد السلام عن البدعة: [وهي منقسمة إلى : بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة» [قواعد الأحكام في مصالح الآنام، للعز بن عبد السلام، ج2 ص 204].

وأكد النووي على هذا المعنى؛ حيث قال : «وكل ما لم يكن في زمنه يسمى بدعة، لكن منها : ما يكون حسنا، ومنها : ما يكون بخلاف ذلك» [فتح الباري، لابن حجر، ج2 ص 394]. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه : « المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما : ما أحدث مما يخالف كتابًا، أو سنة، أو أثرًا، أو إجماعًا فهذه بدعة الضلالة، والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا فهذه محدثة غير مذمومة» [رواه البيهقي بإسناده في كتاب " مناقب الشافعي "،ورواه أيضا أبو نعيم في الحلية، ج9 ص113].

وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه : « ليس كل ما أبدع منهيًّا عنه، بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة، وترفع أمرًا من الشرع »[ الإحياء، لأبي حامد الغزالي، ج2 ص 248]. وبهذا يتضح أن كل ما لم يفعله السلف ليس محظورًا على الخلف وأن البدعة ليست على درجة واحدة وإنما البدعة المذمومة في لسان الشرع هي ما خالف أصلا أو لم يكن لها أصل. هذا، وقد اتضح بجلاء أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم مشروع بل مندوب، وأن ما يتجدد إثارته كل عام حول هذه المناسبة الشريفة عبر وسائل التواصل من تبديع المحتفلين والتشكيك في عقيدتهم إنما هو كلام باطل لا أصل له، يذكي نار الفرقة ويضعف كيان الأمة.