الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رأس السنة الفرعونية.. مجدي شاكر: النيل كان مصدرا لابتكار أول تقويم

صدى البلد

يتزامن شروق يوم 11 سبتمبر من كل عام  بداية السنة الفرعونية الجديدة، وأعلنت ذلك الحكومة المصرية القديمة حينها عام 6255 بداية العام الجديد وهذا يعني أنها تسبق التقويم الميلادي بأكثر من 4000 عام.

 

البعث والخلود


قال مجدي شاكر كبير الأثريين لـ صدى البلد: تحتفل مصر يوم الحادى عشر من شهر سبتمبر  بعيد السنة المصرية القديمة وهو أقدم وأول  وأدق وأطول تقويم شمسى  عرفته البشرية 6265سنة وكما كان النيل ملهما للمصرى فى تعلم الزراعة والحساب والبعث والخلود كان كذلك بالنسبة لابتكار أول تقويم فى البشرية وكان مصدرا أخذت منه التقاويم اللاحقة وأستمر فى السنة الزراعية او مايعرف خطأ باسم  السنة  القبطية بمايسمى بتقويم الشهداء واستمرت نفس أسماء الأشهر من توت وبابه وأمشير وطوبة وغيرها هى هى ومازال الفلاح فى الريف  يمارس زراعة محاصيلهم وفقا لهذا التقويم المصرى القديم الذى لا تتغير مواسمه أو أسماء شهوره التى استمدت من أسماء معبودات وأعياد مصرية قديمة بل إن هذا التقويم استمر حتى عهد الخديوي إسماعيل وكان يسمى بالتقويم التوتى حتى  طلب منه صندوق الدين آنذاك وانجلترا إلغاؤه واستبداله بالتقويم الميلادى لأن الموظفين كانوا يتقاضون شهر زيادة فى مرتباتهم .


واستطرد كبير الأثريين وكانت السنة المصرية القديمة تبدأ بشهر توت نسبة للمعبود تحوت معبود العلم والمعرفة وهو الشهر الرابع لموسم الفيضان، حيث كان هناك مرصد فلكي في مدنية منف الآن يحدد اولى علامات الفيضان عندما تشرق بوضوح  نجمة الشعرى اليمانية (سوبديت) في السماء مع بدء الفيضان  ثم تحترق مع ظهور الشمس بما يسمى بالاحتراق الشروقى.

 

وأضاف شاكر كان الاحتفال برأس السنة من أقدم التقاليد التي ظهرت في مصر القديمة وكان احتفالهم بعيد رأس السنة في الليلة الأولى من شهر توت، وقد أمدتنا المناظر المنقوشة على جدران سلم الصعود إلى معبد دندرة، وسقف مقبرة سنموت في الدير البحري، بما يدل على أن الاحتفال كان يقام في المقصورة العلوية الموجودة فوق سطح المعبد حيث يضع  الكهنة تمثال المعبودة حتحور معبودة الموسيقى والحب والجمال ليتلقى أول أشعة للشمس فى العام الجديد، وكان يصاحب ذلك عمل الكعك والفطائر، وانتقلت بدورها من عيد رأس السنة لتلازم مختلف الأعياد التي جعل لكل منها نوع خاص به، وكانت الفطائر مع بداية ظهورها في الأعياد تزين بالنقوش والطلاسم والتعاويذ الدينية.

عادات الاحتفال برأس السنة عند المصريين القدماء


وكانت طريقة احتفال المصريين به تبدأ بخروجهم إلى الحدائق والمتنزهات والحقول يستمتعون بالورود والرياحين، تاركين وراءهم متاعب حياة العام وهمومه في أيام النسئ الخمسة المنسية من العام، ومن الحياة حيث كانت سنتهم تقسم لأثنى عشر شهر كل شهر ثلاثون يوم ٣٦٠ يوم فقط والأيام الخمسة الباقية تسمى الشهر الصغير أو ايام النسئ  تستمر احتفالاتهم بالعيد خلال تلك الأيام الخمسة، التي أسقطوها من التاريخ ،خارج بيوتهم وكانوا يقضون اليوم في زيارة المقابر، حاملين معهم سلال الرحمة كتعبير عن إحياء ذكرى موتاهم كلما انقضى عام، ورمزا لعقيدة الخلود التي آمن بها المصريون القدماء.
وكان سعف النخيل الأخضر من النباتات المميزة للأعياد وخاصة رأس السنة الجديدة لأنه يخرج من قلب الشجرة فكانوا يتباركون به ويصنعون  منه ضفائر وأشكال يضعونها  على أبواب منازلهم ويحمله الشباب فى رقصاتهم ويوزعون التمر الجاف على أرواح موتاهم.

واوضح مجدي كما كانوا يقدمون القرابين للآلهة والمعبودات في نفس اليوم لتحمل نفس المعنى، ثم يقضون بقية الأيام في الاحتفال بالعيد بإقامة حفلات الرقص والموسيقى ومختلف الألعاب والمباريات والسباقات وسائل الترفيه والتسلية العديدة التي تفننوا في ابتكارها.

 


من أكلاتهم المفضلة في عيد رأس السنة "بط الصيد" و "الأوز" الذي يشونونه في المزارع، والأسماك المجففة التي كانوا يعدون أنواعاً خاصة منها للعيد.
أما مشروباتهم المفضلة في عيد رأس السنة فكانت "عصير العنب" أو "النبيذ الطازج" التخمير حيث كانت أعياد عصر العنب تتفق مع أعياد رأس السنة، ومن العادات التي كانت متبعة خاصة في الدولة الحديثة الاحتفال بعقد الزواج مع الاحتفال بعيد رأس السنة، حتى تكون بداية العام بداية حياة زوجية سعيدة.
وتابع مضيفًا كما كانت تقام أعياد ختان الأطفال ومن التقاليد الإنسانية التي سنّها المصريون القدماء خلال الأيام الأعياد أن ينسى الناس خلافاتهم وضغائنهم ومنازعاتهم، فتقام مجالس المصالحات بين العائلات المتخاصمة، وتحل كثير من المشاكل بالصلح الودي والصفح وتناسي الضغائن.
وكانت تدخل ضمن شرائع العقيدة، حيث يطلب الإله من الناس أن ينسوا ما بينهم من ضغائن في عيده المقدس، عيد رأس السنة التي يجب أن تبدأ بالصفاء، والإخاء، والمودة بين الناس.
كان من التقاليد المتبعة أن يتسابق المتخاصمون،و كلا مع أتباعه وأعوانه لزيارة خصمه أو عدوه، فيقتسم الضيف مع مضيفه، أو الخصم مع عدوه، كعكة العيد بين تهليل الأصدقاء وتبادل الأنخاب تأكيداً لما يقوله كتابهم المقدس كتاب الموتى.
"إن الخير أقوى من الشر والمحبة تطرد العداء ، وهكذا كان كثير من القضايا يُحل ودياً في العيد، ويتسابق كل إلى بيت خصمه، أو عدوه بصحبة أصدقائه ليكون له السبق في الصالح حتى ينال بَرَكة الإله في العيد المقدس كما تنص على ذلك تعاليم العقيدة".
وأكمل متابعًا كما شاهد عيد رأس السنة لأول مرة، استعراض الزهور "كرنفال الزهور" الذي ابتدعته كليوباترا ليكون أحد مظاهر العيد عندما تصادف الاحتفال بعيد جلوسها على العرش مع عيد رأس السنة.

وذكر أن  قدماء المصريين احتفلوا بهذا اليوم ويسمونه (ني - يارو) بمعنى يوم الانتهاء والاكتمال كموعد لاكتمال الفيضان وهو ما تحول بعد ذلك إلى ما يسمى بعيد النيروز
وعندما دخل الفُرس مصر احتفلوا مع المصريين بعيد رأس السنة وأطلقوا عليه اسم "عيد النيروز" أو "النوروز".ومعناه باللغة الفارسية "اليوم الجديد"
وقد استمر احتفال الأقباط به بعد دخول المسيحية وما زالوا يحتفلون به حتى اليوم كما ظلت مصر تحتفل به كعيد قومي حتى العصر الفاطمي حيث كان المسحييون يوزعون التمر الذى يرمز لونه لدماء السيد المسيح والنواة لصلابة أيمانهم والجوافة لصفاء القلب باللون الأبيض.  
وأنهى حديثه قائلًا وتأكيد للهوية الوطنية المصرية نتمنى أن تكتب السنة المصرية القديمة بجانب الميلادية والهجرية والقبطية على وسائل أعلامنا وفى جرائدنا وسبورة المدرسة لكى يدرك أولادنا قدم وعظمة هذه الأمة التى علمت الدنيا كلها 
ونرى أن يتم الاحتفال فى هذا اليوم بوضع الرموز الشهيرة المصرية القديمة مثل مفتاح الحياة وزهرة اللوتس والبردى فى وسائل الأعلام والميادين وأن يقام مؤتمر عالمى يشرح عبقرية الأجداد فى أختراع أول تقويم فى البشرية .