صدرت حديثاً رواية بعنوان "سر الزعفرانة" للكاتبة السعودية بدرية البشر، والتى سبق أن وصلت روايتها "غراميات شارع الأعشى" إلى القائمة الطويلة فى جائزة البوكر العالمية للرواية العربية فى دورتها لعام 2014.
تقول الدكتورة سلوى العباسي، فى مقدمتها لرواية "سر الزعفرانة" فى هذه الرواية جمعت بدرية البشر بين النزعة الواقعية السحرية والنفس الخرافي تستل الماضى وأثيل قيمه مواريثه الثقافية الحضارية من خواص البيئة السعودية. تمازج الواقع والخيال، تدق أوتاد عالمها المتخيل على رمال رخوة، متحركة لم تنفك "تتقصد اكتشاف المحتمل والممكن بغية تشريح الهوية المحتجبة للواقع وللكائن فيه".
وتضيف الدكتورة سلوى العباسي: رواية الصحراء تجاوب أصداء المدينة "الرياض" إيقاع الرحيل فيها وخبب السرى خطو حثيث إلى البقاء في خدور الخرافة.. تخريب النساء للنساء داخل مجالس عفوية، نضاحة بفنون التسريد مع التعجيب والتصوير. ضروب من محاكاة الفن للفن ومن نسج الأخيلة من عقد الحبل وخيوط المكائد والمغازي، تندد بشرور الجريمة وتلوح بالعقارب وتثأر للموتى والأبرياء.. خرافة نسائية مستحدثة الشكل والمضمون، القصص فيها تتوالد الواحدة من رحم الأخرى وتتناسل الأحداث بواسطة الذاكرة والمخيلة معا، لا فرق. فهما صنوان، بل قناتان تتبادلان رسم خارطة المكان المكتظ بالأشياء والأحياء وأشباه الموتى والغيلان.
وتقول سلوى العباسى: ففى مجالس النساء بدويات وحضريات يتعارفن، يتخاصمن، يتحاببن، يتعاون على شظف العيش ونوائب الدهر، يتصدرن غرف البيوت، أو ينشرن في حقول البرسيم وتحت ظلال الكروم والنخيل أو يتبضعن بسلعهن في الأسواق.
وتضيف سلوى العباسى: يخالط رجع حديثهن "فوح الزباد والقرنفل والزعفران"، ويمازج أصداء تباريحهن "دخان الغارات وقرع الطبول واستغاثات القتلى" فمن ستختار أيها القارئ وسط كل هذا الزخم للرواية وشخصية رئيسية؟ من تكون الراوية العليمية بـ"السر وما أخفى؟" هل هي الأمة المملوكة زعفرانة الأمية العارفة بفنون التطبب والتداوى بالأعشاب؟ أم هي الصبية "نفلة" زهرة الجبل العالية البدوية اليافعة، الطلعة، ابنة قرية "السبعية" التائهة، المشردة الباحثة عن معنى الهوية والقيمة والمعنى؟
وتقول سلوى العباسى: يبدو أسلوب الكاتبة أيضا مشوق بالغ الاشتهاء والصفاء يستدرجك بمهارة وانسياب إلى إماطة برقع التخريف والتعجيب والتسجيل معا، فلا تنتهى الحكاية الواقعية العجيبة دون اكتناه السر بالعقل والروح والقلب في مزاج واحد مركب، وكأنما سرها العجيب "سر الزعفرانة" كامن فيك.