تعد الهند إحدى كبريات الدول تصديرا للأرز، فهي مسئولة وحدها عن 40% من صادرات الأرز في العالم، وهو رقم يزيد عن مجموع ما تصدره الدول الأخرى في قائمة الخمس الأوائل في مصدري الأرز في العالم، تايلند وفيتنام وباكستان والصين، إذ لا يزيد ما يصدره كل هؤلاء على 39% من الاستهلاك العالمي.
قيود على صادرات الأرز
واتخذت الهند إجراءات، جديدة بدعوى الحفاظ على أمنها الغذائي، حيث قالت الحكومة الهندية إنها فرضت حدا أدنى لسعر تصدير شحنات الأرز البسمتي قدره 1200 دولار للطن، في الوقت الذي تحاول فيه البلاد السيطرة على الأسعار المحلية قبل الانتخابات المحلية.
وحظرت الهند، وهي أكبر مُصدر للأرز في العالم، في يوليو صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي وفرضت يوم الجمعة رسوما 20% على صادرات الأرز المسلوق.
وقالت الحكومة في بيان إن بعض التجار كانوا يصنفون الأرز الأبيض غير البسمتي على أنه بسمتي للتغلب على قيود التصدير بعد صدور قرار الحظر.
وأضافت أن وضع حد أدنى لسعر التصدير سيساعد السلطات على ضمان عدم تصدير الأرز الأبيض على أنه بسمتي.
وتُصدر الهند نحو أربعة ملايين طن من الأرز البسمتي إلى بعض الدول مثل إيران والعراق واليمن والسعودية والإمارات والولايات المتحدة.
وفرضت الهند مزيدا من القيود على صادرات الأرز لحماية الأمن الغذائي للبلاد، في خطوة من شأنها أن تشكل ضغوطا على الإمدادات العالمية للحبوب، إذ فرضت الحكومة ضريبة على صادرات الأرز بقيمة 20% بأثر فوري، بحسب إشعار أصدرته وزارة المالية الجمعة.
وبذلك فرضت الهند قيودا على صادرات جميع الأنواع أي نحو 80 % من إجمالي صادراتها من الأرز.
وتبلغ حصة الهند في تجارة الأرز العالمية نحو 40% في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الأرز الآسيوي إلى أعلى مستوى لها خلال نحو 15 عاما أوائل الشهر الحالي، ويمكن أن ترتفع أكثر، ما سيزيد التكاليف على المستوردين مثل الفلبين وبعض الدول الأفريقية.
وتتماشى تدابير الهند الحمائية الأخيرة مع جهودها الصارمة لتهدئة أسعار الغذاء المحلية قبل الانتخابات العامة المقررة أوائل العام المقبل؛ حيث يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بولاية ثالثة.
للحفاظ على استقرار أسعار الأرز
وعلى مدار الأسابيع الماضية اتخذت الهند قرارات قاسية على الدول المستوردة للأرز خاصة الإفريقية، ولكنها كانت ضرورية من وجهة نظر الهند للحفاظ على استقرار أسعار الأرز محليًا، وذلك قبل الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في أوائل 2024.
وتمثلت تلك القرارات في فرض رسوم بنسبة 20% على شحنات الأرز الأبيض والبني، كما حظرت صادرات الأرز الهندي المكسر إلى الخارج.
كما حظرت الهند في يوليو الماضي صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي وفرضت رسوما 20% على صادرات الأرز المسلوق.
وتُصّدر الهند نحو أربعة ملايين طن من الأرز البسمتي إلى بعض الدول مثل إيران والعراق واليمن والسعودية والإمارات والولايات المتحدة.
قرارات الهند ستلقي بظلالها في القريب العاجل على أسعار الأرز عالميًا، خاصة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا نتيجة تراجع صادرات أوكرانيا من الحبوب.
وارتفعت أسعار الأرز في آسيا إلى أعلى مستوياتها منذ نحو 15 عاماً في وقت سابق من هذا الشهر، وقد تواصل الزيادة بمستوى أكبر، مما يرفع التكاليف على المستوردين مثل الفلبين وبعض الدول الإفريقية.
وقال بي في كريشنا راو رئيس اتحاد مصدري الأرز في تصريحات سابقة لـ"رويترز" إن الهند ستعطل سوق الأرز العالمي بسرعة أكبر بكثير مما فعلت أوكرانيا في سوق القمح بغزو روسيا.
ومن المتوقع أن تكون الدول الإفريقية أكثر الدول تضرراً من القرار، وسط توقعات بأن تطالب العديد من الدول، الهند، باستئناف شحنات الأرز.
وكانت شركة "غرو إنتيليجنس" -التي تحلل البيانات الخاصة بالمواد الخام-حذرت من أن قرار الهند قد يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات الأرز.
وتوقعت الشركة أن تعاني الدول الأفريقية وتركيا وسوريا وباكستان من الحظر لأنها تواجه بالفعل تضخمًا هائلا في أسعار المواد الغذائية.
كما قال موكيش جين، مدير شركة "سبونج إنتربرايسيز" لشحن الأرز في تصريحات سابقة، إن أسعار بعض الأصناف زادت بأكثر من 10%، في ولايات أساسية لزراعة الأرز مثل البنغال الغربية وأوديشا وتشاتيسجار، وذلك بسبب ضعف هطول الأمطار والطلب المتزايد على المحصول من بنجلادش.
الهند أكبر منتج للأرز بعد الصين
وأضاف أن أسعار التصدير للتسليم من خلال الشاحنات قد ترتفع من 365 دولارا حاليا، إلى 400 دولار للطن الواحد في سبتمبر.
والجدير بالذكر، أن المخزون العالمي من الأرز يبلغ حاليا 195 مليون طن، تمثل 37.5% من الاستهلاك العالمي السنوي البالغ 520 مليون طن، وهو يكفي لنحو 4 أشهر ونصف، ولكن توزيع هذا المخزون متفاوت من قارة لأخرى ومن دولة لأخرى، كما أن الاعتماد على الأرز في النظام الغذائي متفاوت كذلك حسب الثقافة والعادات.
يبلغ إنتاج الهند من الأرز سنويًا 129.5 مليون طن كثاني أكبر مُنتج له في العالم بعد الصين التي تنتج 149 مليون طن.
لكن الهند تتصدر دول العالم من حيث حجم المساهمة في تجارة الأرز عالميًا بواقع 22 مليون طن، بما يشكل 40% من حركة التجارة.
وشهد موسم زراعة الأرز في الهند هذا العام تقلصًا في حجم الأمطار بمناطق النمو الرئيسية للمزروعات.
وقالت وزارة الزراعة الهندية إن مساحة زراعة الأرز تراجعت خلال عام من 35.36 مليون هكتار إلى 30.98 مليون هكتار بنسبة 12%.
خشيت الهند أن يؤثر ذلك على أمنها الغذائي، خاصة بعد تضرر محصولها من القمح بفعل موجة الحر الشديدة هذا العام.
ولذلك قررت الهند وضع حد يضمن توفير الأمن الغذائي لشعبها البالغ تعداده أكثر من 1.4 مليار نسمة.