لاشك أن وجود فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك يمثل أكبر المخاوف لدى الكثيرين، حيث إن الفقر من أشد الابتلاءات الدنيوية ، ففيه هلاك محقق للإنسان ، وكما أن الرزق من أهم الحاجات الدنيوية التي يسعى لنيلها طوال حياته، ولا ينفك الإنسان عن طلبها ، ففي هذا أيضًا دلالة على خطورة ضيق الرزق خاصة إذا وصل إلى درجة الفقر، ومن ثم فلا أحد يمكنه تجاهل أي فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك
أو الاستهانة به، وإنما ينبغي تجنبه والإقلاع عنه للنجاة من الفقر.
[[system-code:ad:autoads]]
فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك
حذر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، من فعل يسبب لك الفقر طوال حياتك
، قائلاً إن هذا الفعل هو التبذير وصرف الأموال في غير مواضعها.
واستشهد «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بما قال الله تعالي في سورة الإسراء : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} وفي هاتين الآيتين نجد أن الله سبحانه وتعالي قد أمرنا بالوسطية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } .
وأضاف أن هذه الوسطية وتلك الشهادة تحتاج إلي دُربه وتحتاج إلي بناء نفسي في علاقة الإنسان مع نفسه، وهذا التصوير البليغ {لَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً} والذى لم يقف عند هذا الحد بل إنه يقول {مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِ} فهو يشير بذلك إلي أن غل اليد يؤدي إلي الإختناق ؛ لأن اليد إذا ما وضعت علي العنق وأخذت في الضغط فإن في إستمرار هذا الضغط إختناق .
وتابع: وعلي ذلك فالإنسان إذا ما كان بخيلاً يكون خانقاً لنفسه وخانقاً لمن حوله، وهي حالة ينبغي عليه أن يتخلص منها ، ولكن لا يكون ذلك بفعل متطرف يوقعه في التبذير ، فلقد نهينا عن التبذير كما نهينا عن الشح، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} نُهينا عن الشح وجعل الله سبحانه وتعالي من صفات المتقين أن يتقي الإنسان شح نفسه ، { وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ }.
وأوضح أنه تعالى نهي أن نبسط هذه اليد كل البسط حتي لا تنتهي الموارد في النهاية ويقف الإنسان عاجزاً، وكم رأينا في حياتنا من الأفراد ومن العائلات الكبيرة الغنية ومن المجتمعات التي كانت تملأ الأرض ثراءً ، وجدناها وقد كر عليها الفقر بناءاً علي وضع الأموال في غير مواضعها، أي نتيجة للسفاهة الفردية أو الإجتماعية أو الجماعية التي تبناها الإنسان فأخذ يصرف بطريقة مبذرة سفيهه نهي الله سبحانه وتعالي عنها ، فقال الله عز وجل :{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ}.
وأشار إلى أن بعض الناس يتعلل قائلا (أن الرزاق هو الله جل وعلا) وأيضاً (إصرف ما في الجيب يأتيك مافي الغيب) وهذه الأمثال تمثل ثقافة وعقلية سائدة ، لكن الله سبحانه وتعالي ينبه أنه كما يبسط الرزق لعباده فإنه يقدر عليهم أيضاً أي يضيق عليهم ، ويجعل هذا مرتبطاً بمشيئته سبحانه وتعالى أي بأمر غيبي ليس من عالم الشهادة ، ولكن في عالم الشهادة نسعي لتحصيل الأرزاق ، ونسعي لصرف هذه الأرزاق في مواردها وأبوابها التي شرعها الله لنا بإعتدال ، أوجب علينا الإعتذار للناس بقول حسن إذا ما هم ضغطوا علينا في هذا التبذير .
وأكد قائلاً: فنحن أمرنا ألا يكون لنا عادة في هذا التبذير، وكل ذلك فيه بناء نفسي للإنسان، فقال الله عز وجل :{ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي ويضيق أيضاً { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } فبعض العباد يصلحهم الغني ، وبعض العباد يصلحهم الفقر لأنه يطغي إذا ما أغتني، وبعض العباد يكفر إذا ما أفتقر .
وأفاد بأن ربنا سبحانه وتعالي وهو يعطي نعمة الغني أو إبتلاء الفقر فإنه يختبر الإنسان بين الشكر وبين الصبر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ »، وبذلك فإنه إذا ما تعلق قلب المؤمن بالله ولله وفي الله فإنه يكون في هذا العجب الذي تعجب منه سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .