ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (نرجو بيان معنى الحداد وما مدته للزوجة ولغيرها؟ وما الذي يجب على المرأة تجنبه أثناء فترة الحداد في لبسها؟).
وقالت دار الإفتاء، إن معنى الحِدادُ في الشرع، هو ترك الزينة من المُتوفَّى عنها زوجها في عدة الوفاة بالثياب، والطيب، والحلي، وما في معناها.. انظر: "أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (3/ 402، ط. دار الكتاب الإسلامي).
[[system-code:ad:autoads]]
وكشفت دار الإفتاء، عن مدة الحداد الشرعية، منوهة أن إحداد المرأة مقيَّد بوقت محدد؛ فهو في حقّ غير الزوج يباح لمدة ثلاثة أيام فقط، وأما في حقّ الزوج فهو واجب مدة عدتها؛ أربعة أشهر وعشرة أيام إذا كانت غير حامل.
ودليل ذلك: ما جاء في "صحيحي البخاري ومسلم" وغيرهما أن زينب بنت أبي سلمة دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين تُوفّي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة، خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول على المنبر: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
وأما إن كانت حاملًا: فعدتها وإحدادها ينتهيان بوضع الحمل؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].
وحكى الإجماع على وجوب إحداد المرأة على زوجها غيرُ واحد من العلماء، منهم: العلامة الكاساني، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري. انظر: "بدائع الصنائع" (3/ 208-209، ط. دار الكتب العلمية)، و "أسنى المطالب" (3/ 401).
والممنوع على المرأة المُحِدَّة في خصوص الثياب: لُبس ما يُقصد به التزين؛ وقد روى أبو داود في "سننه" عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ».
جاء في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" للخطيب الشربيني (4/ 56-57، ط. دار الفكر) مع "حاشية البجيرمي": [الإحداد هو (الامتناع من الزينة) في البدن بحلي من ذهب أو بثياب مصبوغة لزينة.. ويباح لبس غير مصبوغ من قطن وصوف وكتان وإن كان نفيسًا، وحرير إذا لم يحدث فيه زينة، ويباح مصبوغ لا يقصد لزينة كالأسود، وكذا الأزرق والأخضر المشبعان الكدران؛ لأن ذلك لا يقصد للزينة، بل لنحو حمل وسخ أو مصيبة، فإن تردد بين الزينة وغيرها كالأخضر والأزرق فإن كان برَّاقًا صافي اللون حرم؛ لأنه مستحسن يتزين به أو كدرًا أو مشبعًا فلا؛ لأن المشبع من الأخضر والأزرق يقارب الأسود] اهـ.