انضمام مصر إلى تكتل بريكس لم يكن وليد الصدفة، ولكن جاء تتويجا لنهج سياسي تتبعه الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، ويعمل الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن خلفه الحكومة دائما على تمهيد الطريق، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وتعول مصر من خلال دخولها تكتل بريكس، الذي يمتلك ما يفوق عن 26% من حجم التجارة العالمية على وجود حل لبعض الأزمات الاقتصادية التي تولدت مؤخرا نتيجة للتغيرات السياسية التي يشهدها العالم جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتأثر سلاسل الإمداد والتوريد وارتفاع فاتورة الواردات.
دخول مصر تكتل بريكس
وكانت انضمت ست دول جديدة إلى مجموعة بريكس المكونة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، من بينها مصر وفق ما أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا الخميس، خلال قمة للمجموعة في جوهانسبورج.
وقال سيرايل رامافوزا رئيس جنوب إفريقيا، إن قادة دول مجموعة بريكس قرروا دعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات، ليصبحوا أعضاء في المجموعة، مضيفا في كلمة له خلال اليوم الختامي لاجتماع القمة الـ15: "عضوية بريكس للأعضاء الجدد ستبدأ في 1 يناير 2024، أعضاء مجموعة بريكس مستعدون للبحث عن حلول اقتصادية عادلة".
وقال الرئيس السيسي: "أثمن إعلان تجمع بريكس عن دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتبارا من يناير 2024، ونعتز بثقة دول التجمع كافة التي تربطنا بها جميعاً علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة، وكذا مع الدول المدعوة للانضمام لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادي فيما بيننا، والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية".
فيما قال الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزارء، والذي شارك في القمة نيابة عن الرئيس السيسي: إن انضمام مصر إلى بريكس لم يكن يحدث لولا جهود القيادة السياسية ومؤسسات الدولة المصرية، مضيفا: أوجه التهنئة للرئيس السيسي على انضمام مصر إلى بريكس".
وجاء انضمام مصر لـ بريكس ليطرح الكثير من الأسئلة حول المكاسب التي قد تحققها مصر من الانخراط في هذه المجموعة، وهل تكون دافعا قويا لتخلص القاهرة من هيمنة الدولار ومن اشتراطات صندوق النقد الدولي المتعلقة بما يقدمه من مساعدات للدول ومن بينها مصر التي تتعاون بشكل موسع مع الصندوق في السنوات الأخيرة.
وقال أحمد معطي الخبير الاقتصادي، إن انضمام مصر إلى مجموعة البريكس ضمن 6 دول تمت الموافقة على طلباتها يحمل فائدة كبيرة لمصر ولجميع الأعضاء، وكذلك للتكتل نفسه بسبب قوة الدول التي تمت الموافقة على انضمامها، مضيفا أن هناك اتفاقية تسمى الاحتياطي الطارئ والتي تنص أنه إذا عانت إحدى دول المجموعة من تراجع في مصادر الاحتياطي الدولاري الخاص بها تستطيع الدولة طلب الدعم من تكتل بريكس مقابل العملة المحلية.
ولفت معطي - خلال تصريحات لــ"صدى البلد" إلى أن اتفاقية حل عجز الموازنة في الدول المنضمة لتكتل بريكس والتي بموجبها في حال تعرض أي دولة من دول المجموعة إلى عجز في الموازنة تستطيع أن تطلب الدعم من الدول الأخرى في المجموعة لمساعدتها .
وأشار إلى أن الانضمام إلى مجموعة بريكس يسهل إقامة المشروعات بين دول المجموعة، وكذلك الاستثمار بما يشجع على زياده الدخل، مؤكدا فتح مصادر تمويلية جديدة لمصر خلاف صندوق النقد الدولي، مثل البنك الآسيوي للتنمية، وبنك التنمية التابع لتجمع بريكس، بالإضافة إلى التمويلات المقدمة من التحالف ستكون بفائدة أقل وعلى فترات سداد أكبر، وهو ما يقلل الاعتماد على صندوق النقد في التمويلات.
الاستغناء عن صندوق النقد
فيما أكد النائب عمرو السنباطي عضو مجلس النواب، أهمية انضمام مصر لتجمع بريكس، موضحا أنها "خطوة تساعد على تعزيز الفرص الاستثمارية والتصديرية والتدفقات الأجنبية أيضا"، مشددا على أن هذه الخطوة تؤكد على الثقل السياسي والاقتصادي لمصر، كما تدعم فكرة التعاون الاقتصادي و التبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء في هذا التجمع، موضحا أنه أحد أهم التكتلات الاقتصادية العالمية.
ولفت السنباطي، إلى أن انضمام مصر لبريكس يكشف كذب إدعاء أعداء الوطن في الخارج والذين يروجون لفكرة تراجع دور الدولة خارجيا، موضحا أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ذكر أن المعايير التي أخذت في الاعتبار لدى مناقشة توسع مجموعة "بريكس"، كانت تشمل وزن وهيبة الدولة ومواقفها في الساحة الدولية.
وأكد عضو النواب، أن التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء في تجمع "البريكس" يخفف الضغط على الدولار ، وعلى الموازنة العامة للدولة في ظل الأعباء الضخمة التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في موجة تضخمية عالمية انعكست في ارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع، قائلا: "نأمل أن يعبر تجمع بريكس عن صوت الاقتصادات الناشئة و يخدم مصالح البلدان النامية، ويلبي احتياجاتها التنموية خاصة في ظل التحديات والصدمات العالمية التي بدأت بجائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية".
وبريكس هي مجموعة من الدول كونت نظامًا عالميًا ثنائي القطبية لكسر هيمنة النظام العالمي أحادي القطبية، والذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية، وتمثل كلمة بريكس الحروف الأولى للدول الأعضاء في المجموعة، فيما سيتغير الاسم إلى بريكس بلس بعد انضمام الدول الأعضاء الجدد.
وتجمع بريكس هو مجموعة من الدول التي اتخذت خطوة عملية في التحرر من قيود الدولار في المعاملات التجارية بينها، وهي الدول المؤسسة لـ تكتل البريكس وعددها 5 دول، تمثل اقتصاداتها مجتمعة تحالف البريكس بديلا لـ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في تقديم خدمات الدعم الاقتصادي.
ويناقش تجمع بريكس التحول إلى عملة موحدة باسم عملة بريكس الموحدة في التعاملات التجارية بين الدول الأعضاء، من أجل إيجاد عملة بديلة للدولار، تخرج الدول الأعضاء من أزماته والتقيد به، لكن الأمر ليس سهلًا خاصة مع عدم استطاعة تلك الدول التخلي عن الدولار في الوقت الراهن، وقد يتاح طرح عملة بريكس 2030 حال توفر قوة عالمية تضاهي النظام العالمي الغربي.
وتتعامل دول بريكس الآن بتعاقدات تجارية مقومة بالدولار، وفشلت محاولة الهند للتعامل بالروبية في إحدى اتفاقياتها باعتراض روسي حسبما ذكر مصدر لـ القاهرة 24، والتي طلبت تحويل قيمة الأموال بالروبية بما يعادلها من الدولار نظرًا لاعتماد الاتفاقيات التجارية الدولية على الدولار.
أهمية دخول تكتل بريكس
ونستعرض لكم دول مجموعة البريكس، وأهميتها للنظام التجاري العالمي، وهي الدول الـ5 الأساسية في تجمع بريكس حتى نهاية 2023 "البرازيل - روسيا - الهند - الصين - جنوب إفريقيا" وتمثل مجتمعة التالي:
- ربع مساحة العالم تقريبًا.
- تنتج 23% من الناتج المحلي الإجمالي.
- تضم 42% من سكان العالم.
- حجم اقتصاداتها بنهاية 2022 نحو 44 تريليون دولار.
- تسيطر على 17 % من حجم التجارة العالمية.
تتمثل أهم أهداف منظمة بريكس في خلق نظام عالمي ثنائي القطبية ضد النظام العالمي السائد الآن، والتي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية، وفيما يلي أبرز أهداف تكتل بريكس:
- التقليل من هيمنة الدولار على المعاملات التجارية الدولية.
- توفير قنوات دعم للدول الأعضاء تساعدها على تجاوز أزمات الديون وتقلبات الاقتصاد العالمي.
- التقليل من ضغوط العملات الأجنبية على الدول الأعضاء.
- مساندة الدول الأعضاء في الأزمات الاقتصادية.
وبدأت محاولات انضمام مصر للبريكس عام 2009، عندما تمت دعوة دول الخليج للانضمام للمجموعة، فتقدمت مصر في ذات توقيت تقدم جنوب إفريقيا، إلا أن تصويت المجموعة جاء لصالح جنوب إفريقيا، ثم تواصلت المفاوضات بين مصر ودول التجمع، وفي قمة بريكس 2023 الأخيرة، تم إعلان الموافقة على انضمام مصر للبريكس ضمن 6 دول جدد هي السعودية والإمارات وإثيوبيا والأرجنتين وإيران، على أن تتسلم الدول الجدد مقاعدها الرسمية في تكتل بريكس يناير 2024.
وبعد الإعلان الأخير أصبح عدد دول مجموعة بريكس 11 دولة، منها الدول الأعضاء الجدد، وهي:
الدول الأساسية:
البرازيل، الهند، روسيا، الصين، جنوب إفريقيا.
الدول الأعضاء الجدد في بريكس:
مصر، السعودية، الإمارات، الأرجنتين، أثيوبيا، إيران.
وتعد فوائد الانضمام لمجموعة بريكس كثيرة للدول الأعضاء ويمكن اختصارها فيما يلي:
- تأسيس نظام اقتصادى عالمى ثنائى القطبية يحد من هيمنة الولايات المتحدة والغرب بحلول 2050.
- توافر قنوات بديلة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للقروض.
- إمكانية الحصول على دعم مالي لسداد جزء من الديون الخاصة بالدول الأعضاء.
- زيادة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
- رفع قيمة العملات المحلية حال استخدامها في التبادل التجاري بعيدا عن الدولار.
- تبادل الاستثمارات بين الدول الأعضاء وفتح أسواق جديدة لمنتجات الدول.
- الحق في التصويت على مكونات وقروض الدول الأكثر احتياجًا.
- عضوية دائمة في بنك التنمية الجديد وصندوق الدعم الاحتياطي عبر سداد الحصة الخاصة بكل دولة.
- تأسيس قوة اقتصادية في مواجهة مجموعة السبع G7 التي تهيمن على 60% من الثروة العالمية.
- تمويل البنية التحتية والمشاريع المناخية في البلدان النامية.
تتمثل أهم شروط الانضمام إلى مجموعة بريكس فيما يلي:
- استقرار سياسي في الدولة.
- القدرة على تحقيق نمو سريع.
- اقتصاد رئيسي في منطقته.
- مرونة تجارية ووجود علاقات مع الدول الأعضاء.