احترفت مهن وحرف كثيرة يخشى الكثير من الرجال مجرد الاقتراب منها ، من أجل توفير "لقمة عيش حلال" تساعدها فى تلبية الاحتياجات اليومية لها ولأسرتها، التى تقيم داخل منزل متهالك مكون من غرفتين فى مركز قوص جنوب قنا، فى مقدمتها حفر القبور وجنى البلح من النخيل المرتفع وانتهاءً بقيادة توك توك فى منطقة ريفية، فى تحدى غير عادى لعادات تمنع الفتيات من الإقدام على قيادة توك توك فى صعيد مصر.
صبرية السباعى والشهيرة بـ منى قوت، فتاة لا تعرف كم مضى من عمرها ولا تشغل نفسها بما يشغل اهتمام الفتيات اللاتى يماثلنها فى العمر، فكل ما يستحوذ تفكيرها توفير عائد مالى من أى مهنة حلال مهما كانت صعوبتها أو خطورتها، حتى يمر يومها دون أن تحتاج لمساعدة من أحد، فاتجهت فى الفترة الأخيرة إلى قيادة " توك توك" كأول فتاة بمحافظة قنا تقود هذه الوسيلة.
الصبر جميل
" الصبر جميل" عبارة تزين ظهر " توك توك"، منى قوت، لتذكر نفسها والآخرين، بأن الصبر مفتاح الحلول والطريق الرئيس لتحقيق الأحلام، التى وإن تأخرت وطال انتظارها، إلا أنها سوف تتحقق فى يوم من الأيام، مثلما تحقق حلمها فى امتلاك "توك توك" يوفر لها دخل ثابت بدلاً من المهن الموسمية التى تعمل فيها بين الحين والآخر.
قيادة الـ "توك توك"، مهمة لم تكن سهلة فى بداية الأمر، خاصة مع فتاة فى منطقة ريفية، فقد رفض الجميع مساعدتها فى تعلم هذه المهنة الشاقة، إلى أن قررت أن تعتمد على نفسها فى قيادة " التوك توك" الذى حصلت عليه كمنحة مجانية من أهل الخير، تعثرت فى البداية، واصطدمت وانقلبت حتى احترفت القيادة بجهد ذاتى، و أصبحت مقصد للكثير من الفتيات للبعد عن مضايقات الشباب.
قسوة الحياة وصعوبتها، لم يسرق البسمة والضحكة من وجه "منى قوت" التى لا تفارقها الابتسامة وعلامات الرضا الحقيقى التى تعبر عنها بـ " الحمد لله"، رغم ملامح التعب التى حفرت نفسها بقوة على وجهها، مع إصرار على تحدى الظروف، والتنقل بين حرفة و أخرى، تشغل بها نفسها وتضمن ألا تبيت هى و أسرتها دون عشاء.
حفر القبور وطلوع النخيل
وقالت منى قوت، 44 عاماً، عملت منذ الصغر فى محلات بقالة وبيع فواكه، إلى أن احترفت طلوع النخيل خلال موسم جنى البلح، وهو ما ساعدنى فى تدبير الاحتياجات اليومية لى ولأسرتى، وخلال الفترة الأخيرة، عملت فى حفر القبور خاصة خلال فترة كورونا، حيث كان الكثير من الحفارين يخشون التعامل مع الجثث خوفاً من انتقال العدوى، وبعد انتهاء الموسم أبحث عن أى عمل آخر لإعانتي على مواجهة أعباء المعيشة.
وتابعت قوت، ومنذ شهور قليلة أهدانى أهل الخير" توك توك"، لتوفير دخل ثابت بدلاً من الحرف الموسمية التى أعمل بها، وتمكنت خلال فترة بسيطة من تعلم القيادة، بعدما انقلب بى فى البداية واصطدمت بحوائط و سيارات، لكن الإصرار على التعلم، ساعدنى فى تجاوز كافة العقبات والصعوبات التى واجهتنى فى بداية العمل على الـ " توك توك".
بدايتى مع الـ"توك توك" صعبة
وأشارت قوت، إلى أنها واجهت مصاعب فى البداية بعيداً عن القيادة، تمثلت فى تخوف الأهالى من الركوب معها، كونها أول فتاة تقود توك توك بالمنطقة، لكن مع تعود رؤيتها تنقل الفتيات من أماكن مختلفة، غير فكرة الأهالى و أصبحت مثل بقية الـ تكاتك التى تعمل بمنطقة قوص، فضلاً عن ثقة الفتيات فيها واطمئنانهم لاستقلال الـ توك توك معها، خلال تنقلهم من قراهم إلى مدينة قوص أوالعكس.
وأوضحت قوت، بأنها تتعمد ارتداء ملابس شبه ذكورية، لكى تظهر صلبة وقوية أمام أى أطماع قد تظهر فى عيون الطامعين من أنصاف الرجال، حتى تعود فى نهاية اليوم بحفنة جنيهات لأسرتها التى تعلق عليها آمالاً كبيرة، متمنية أن يساعدها العمل على الـ "توك توك" من تحقيق فائض مادى يساعدها فى بناء منزلها المتهالك لإحتواء أسرتها التى تقضى أكثر من نصف وقتها بين أشجار النخيل.